دعوة » مواقف

خطر الجدل الطائفي العلني

في 2016/02/12

عبدالله فراج الشريف- المدينة السعودية-

أن يشتغل المسلمون بأحداثٍ وقعت قبل ما يزيد عن أربعة عشر قرنًا، وأن تُسبِّب بينهم عداءً وكراهية، وقد تُشعل قتالاً بينهم تكون نتائجه وخيمة، يجعل العقلاء يعجبون، فمن يحيون اليوم من كل طوائف المسلمين من أهل القبلة؛ لا يحمل أحد منهم وزر ما حدث، فما شارك فيه، ولا رضيه حين وقوعه، وتوارث العداء يُغيِّب العقول، ويقود إلى بغضاء وكراهية حتمًا إذا اشتدت ستقود دومًا لما لا تُحمد عقباه، وهذه هي صفحات التاريخ فاقرأوها، وسوف ترون معارك بين الطائفتين بشعة، لا تلتزم بقيدٍ ولا ضابطٍ، وليس من يعيشون اليوم يرتضون أن تحدث مثلها بينهم، والمحاولات التي تجعل الجدل الطائفي علنيًّا يستمع إليه الجميع، فمن لا يملكون الآلة العلمية لمناقشة قضايا العقائد -الصعب الاطلاع عليها من قبل غير المتخصصين-، يدعو العامة -في كثير من الأحيان- أن يبلغوا بكراهيتهم للطائفة الأخرى غير طائفتهم إلى أن يُكفِّروها، فإذا كفّروها استحلّوا دماءها، وهذا هو ما تخبرنا به حوادث التاريخ، ومنع الجدل علنًا بين الطوائف إذا كانت تعيش في وطنٍ واحد، حتمًا هو خير من إباحته حتى يجد الطائفيون من مختلف الطوائف الفرصة سانحة للتحريض على الطوائف الأخرى، فالأحاديث الطائفية وقود للعنف، ولا أحد يشك في هذا، وهو ما نراه في العراق بعد أن استعمر من قبل أمريكا وأتيح للطائفتين الهجوم على بعضهم، فلما جعلت المناصب محاصصة بينهم، وجدنا الحرب تُشَن على الطائفة الأضعف، وعبر الفوضى التي انتشرت في العراق وجدنا عنفًا بشعًا بين الطائفتين المسلمتين، فلما آل الحكم إلى إحداهما انتقمت من الأخرى، فالفكر الطائفي كله أيًّا كان مصدره شر لا يجب أن يُسمح بتداوله، ولا يكون بين أهله جدل علني، يؤدّي إلى شقاق بين سكان البلد الواحد، ثم عنف متبادل، ولا يرتضي عاقل مثل هذا، ولمّا هتف طائفي الفكر عند القبض على أحد إرهابي مسجد الرضا: «صوّروه لا يبدّلوه»، رأيتم كيف أثارتنا العبارة إثارة شديدة، وهي حق لنا، لأنها اتهام بفعل لا يرضاه أحد منّا، فما بالك إذا وصف طائفي آخر طائفة هذا الشاب بأوصافٍ لا تليق؟!

إنَّ تَرْك الجدل الطائفي علنًا -في ظني- أنَّه يُثاب عليه تاركه، فهل نفعل؟! هو ما أرجو، والله ولي التوفيق.