المدينة السعودية-
كشف عمرو عبدالمنعم، الباحث في الشؤون الإسلامية أن المواطن العربي يتعرض لهجمة فكرية شرسة، في ظل وجود 5800 موقع إلكتروني، تبث أفكارًا متطرفة، بينها 720 موقعًا يستهدف العقل العربي.
وأوضح في حوار مع «الرسالة»، أن هذه المواقع موالية لتنظيم «داعش» الإرهابي، بعضها تنظيميًا، بمعنى أنها خاضعة لسيطرة التنظيم، وبعضها انتماؤه للأفكار المتطرفة الضالة التي يمثلها التنظيم، وإلى الحوار:
*كيف تقدر قوة تنظيم «داعش» إعلاميًا؟
الأرقام التي تصدرها مراكز الرصد العالمية، والإقليمية، تؤكد أن التنظيم يمتلك قدرة كبيرة على المستوى الإعلامي، حيث تضاعفت أعداد مواقع الإنترنت التي تروج لفكرة المتطرف، والتي ينتمي بضعها له فكريًا، بينما ينتمي البعض الآخر تنظيميًا، والتي بدأت بـ12 موقعًا، ثم تنامت إلى أن وصلت إلى 5800 موقع حاليًا، وفقا للاتحاد الأوروبي، بينها 720 موقعًا تستهدف عقل المواطن العربي وحده.
وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من ١٧٠ ألف موقع وشبكة ومنتدي وصفحات تواصل، تتبع تنظيم داعش الإرهابي، وهذا يؤكد وجود كتائب تعمل بتقنية عالية وحرفية، تقف وراء مثل هذه الأفلام المصورة والوثائق المتلفزة والمواد الإعلامية الهائلة، التي تروج لفكرهم، وهي مواقع تنشر باللغتين العربية والإنجليزية، وتعرض الأخبار بشكل أفقي تتضمن نشاطات التنظيم كما تنشر أخبارًا تخدم نشاطه من خلال تغطية ملفات الصراعات الدولية، وتصريحات مسؤولين ضد بعضها البعض، فضلًا عن تعليقات تركز على وجود مؤامرة ضد الإسلام، كما تعرض مقاطع فيديو عن أعضاء التنظيم في جبهات القتال وتعرض أيضًا القتلى في الاشتباكات أو بسبب القصف الجوي للتحالف الدولي.
ما خطورة المحتوى الإعلامي للمواد المنشورة؟
يركز إعلام داعش على الضحايا المدنيين؛ بسبب العمليات العسكرية ضد التنظيم، وذلك لكسب ود السكان المحليين، في أماكن وجوده، وتكون طبيعة هذه الأخبار تفاعلية إلى حد كبير، بما يسمح للجمهور بالتعليق وإبداء الرأي، كما تتضمن برامجه أبوابا خاصة بالشريعة الإسلامية من الآيات القرانية والأحاديث النبوية، وهنا تكمن الخطورة في أنه يستغل هذه المساحات الإعلامية الهائلة، في تغييب العقل وبث سموم التطرف فيه.
* وما غرض «داعش» من استخدام الإعلام؟
الهدف الأول والرئيس هو تجنيد إرهابيين جدد، كما يعتبر الإنترنت مصدرًا مهمًا لتمويل هذه التنظيمات الإرهابية، تحت مسميات كالدفاع عن الإسلام، وإنقاذ الأقليات الإسلامية وإنقاذ المسلمين في الدول الفقيرة.
*هل هناك رابط بين تفجير المساجد الشيعية والتنظيم؟
بالتأكيد فخطة داعش المقبلة، هي استهداف مساجد الشيعة في جميع أنحاء الوطن العربي، وقد أصدر التنظيم فتوى تجيز تفجير مساجد الشيعة في أي بلد في العالم، ونشر ما اعتبره أدلة لإثبات جواز استهداف مساجد الشيعة، وتفجيرها، كما أن التنظيم يستهدف إثارة الانقسامات والفتن لإضعاف الحكومات ومن ثم يتمكن في إقامة إمارات تابعة له في هذه الدول.
* هل هناك رابط بين الحوثيين والتنظيمات الإرهابية مثل داعش؟
كلاهما تم صنعه عن قصد من خلال أجهزة مخابراتية، فجماعة الحوثيين صناعة إقليمية من خلال المخابرات الإيرانية، وتعمل على تنفيذ مخططات وضعتها دول معادية، وشارك في صنعها عدد من الجهات، التي ترغب في ضرب الأمة، وفي القلب من كل ذلك المخلوع، علي عبدالله صالح، والذي شارك في صنع هذه الجماعة، وسمح لها بالسفر إلى إيران للتدريب هناك، مثلها في ذلك مثل العديد من الجماعات ذات الفكر الإسلامي المتشدد، والتي تم صنعها لتكون أصابع خبيثة لتنفيذ مخططات خارجية في الشرق الاوسط، وهو النوع الجديد من الحروب الذي يطلق عليها «الحرب بالوكالة».
*هل تعالت موجات الإسلاموفوبيا؟
نعم فقد أدت العمليات الارهابية في باريس والأماكن الغربية المختلفة، إلى ظهور موجات كبيرة وخطيرة من العداء للإسلام والمسلمين في الغرب، وساعدت أنصار اليمين المتطرف كسب مؤيدين جدد ومناهضين للوجود الإسلامي في أوروبا، مما خلق خطابًا غربيًا متطرفًا أخذ مساحة واسعة في الجدل الدائر في الغرب، وتنامت الأصوات المناهضة للمسلمين في أوروبا، وأكبر دليل على ذلك ما حدث من موجات الاعتداءات العنصرية والطائفية ضد المسلمين ودور العبادة وحرق المصحف الشريف في المظاهرات المناهضة للإسلام.
* ما تقديرات قوة داعش الاقتصادية؟
يمتلك تنظيم «داعش» الإرهابي» نحو 60% من الإنتاج النفطي في العراق والشام، ويعتبر البترول من أهم مصادر الدخل للتنظيم، حتى إنه أنشأ وزارة خاصة به، وللعلم «داعش» يسيطر على معظم حقول النفط في سوريا وعدد من حقول الإنتاج في العراق، ويبيع هذا الإنتاج النفطي الهائل إلى الشركات متعددة الجنسيات، بثمن رخيص جدًا، مقارنة بقيمة برميل النفط عالميًا، إذ يبيع التنظيم البرميل الواحد بما يتراوح بين 10 و25 دولارًا، وينتج التنظيم ما بين 30000 و80000 برميل من البترول يوميًا، وتقدر أرباح التنظيم اليومية من تجارة النفط بقيمة مليوني دولار يومياً.
* هل يمكن ان يقضي التنظيم على نفسه ذاتياً؟
يمكن ذلك وعلى الأرجح ستكون نهايته بهذه الطريقة، ويتضح ذلك جلياً من خلال أحكام الإعدام التي يصدرها التنظيم ضد أتباعه، وآخرهم إعدام 50 شخصًا من عناصره رميًا بالرصاص وذلك إثر فرارهم من المعارك بين التنظيم والقوات العراقية في «بيجي» بمحافظة صلاح الدين شمال العراق، ولكن هذا الأمر مرتبط بشكل قوي مع عمليات التوعية التي يجب ان تقوم بها وسائل الاعلام، للتوجيه ضد فكر التنظيم وما يقوم به من تضليل، وبذلك يتم إيقاف عمليات التجنيد لأعضاء جدد للتنظيم، في حين يسقط العشرات منه بشكل يومي سواء من خلال مواجهات مباشرة أو عبر عمليات إنتحارية.
* هل يحتاج داعش فعلا تحالفًا دوليًا للقضاء عليه؟
هذه حقيقة فداعش في حد ذاته لا يمثل خطراً بقدر ما يمثله ما تنسلخ منه من جماعات وأفراد ينتشرون في مختلف بقاع العالم لممارسة الاعمال الشاذة من القتل والتفجير، حتى أصبح التنظيم نقطة التقاء لكل المتطرفين فكرياً وليس دينياً ممن يرغبون في ممارسة الاعمال الدموية، وهو ما يحتاج تحالفًا دوليًا لمواجهته.
* ما شكل التنظيم من الداخل؟
التنظيم يضم بين صفوفه مقاتلين لأكثر من 80 دولة من مختلف دول العالم، من أوروبا وإفريقيا وآسيا، والغريب في الامر ان أوروبا حلَّت في المركز الأول، تليها إفريقيا، ثم آسيا، وذلك له أسباب أولها ان داعش يستغل غياب الوعي الكافي للمسلمين في أوروبا بسبب عدم تعلم اللغة العربية، ليبث أفكاره المتطرفة باللغة الانجليزية، أضف إلى ذلك اضطهاد المسلمين في هذه المجتمعات أو التمييز بينهم على أساس الدين، مما يدفع البعض منهم إلى اعتناق العنف، كوسيلة للحصول على حقوقه المسلوبة، وللتغلب على التمييز الذي يشعر به في تلك المجتمعات.