دعوة » مواقف

حلقات كتبها الوابلي ولم تعرض

في 2016/03/30

فهد عريشي- الوطن السعودية-

 لم يكن مفاجئا أن نرى بعض من يدّعون التدين والتمسك بأخلاق الإسلام، يتداولون خبر وفاة الدكتور والكاتب الوطني عبدالرحمن الوابلي بشماتة وفرح، والإفتاء بأنه لا يجوز الترحم عليه، وما زادتهم ردة فعلهم إلا ظلاما، وما أثبتت إلا أن قلم الوابلي "رحمه الله" كان موجعا لهم، وكان وبالا عليهم، ويعرف خباياهم فيكشفها، متعمقا في تاريخهم، دارسا قوانين لعبهم، ويعرف أين يكمن الفراغ لديهم فيخترقه، ويعريهم، فكان على قدر ألمهم من فكره ووعيه وقلمه، تأتي شماتتهم بموته متناسين أخلاق الإسلام التي يدّعون أنهم رموزها، والتي لا يستخدمونها إلا غطاءً لمشاريعهم الحالكة السواد.

هناك كثير من المقالات والأفكار التي كتبها وناقشها الدكتور عبدالرحمن قبل رحيله عبر حسابه في "تويتر"، وعبر مقالاته هنا في صحيفة الوطن، تستحق أن يتم تحويلها إلى أعمال درامية، ولكن لأسباب متعددة أهمها ضيق مساحة المسلسلات الدرامية الجيدة، لم يتمكن من عرضها كحلقات تلفزيونية، تسهم أكثر في إيصال فكره النير والوطني والمخلص، وسأختصر لكم 4 مواضيع كتب عنها الوابلي، تمنيت لو تم تحويلها إلى مشاهد درامية أو يتم تحويلها في المستقبل القريب.

الحلقة الأولى بعنوان "الدراما في زمن الظلام"، فقد كان "رحمه الله" مؤمنا بأهمية الفن الدرامي في صنع بيئة عادلة تؤمن بالتعايش والوسطية والسلام، وذكر عبر مقال له نشر قبل 4 سنوات أن تفوق الدراما السعودية تعدّ معجزة في ظل كل المعارك التي تخاض ضدها، والتي تصل في بعض الأحيان إلى التهديد المباشر بالقتل لكُتاب وممثلي الحلقات الدرامية، وأن الفنان السعودي يمشي عبر نفق مظلم، خاصة في عدم وجود معاهد أو كليات تدرس الفنون، ولذلك عند نجاح أي فنان سعودي يعتبر أنه تخطى كثيرا من الصعاب، ونستطيع أن نصف تفوقه بالمعجزة، وكانت ستكون حلقة شيقة نشاهد خلالها مجموعة من الفنانين الشباب والشابات يحاولون الصعود إلى النجاح متجاوزين بشجاعة العوائق التي تواجههم، والتهديدات التي تمس حياتهم.

الحلقة الثانية: هي لمدرسة بنات قابلة للاحتراق لا للاختراق، ويفند الوابلي في هذه الحلقة كشف ملابسات حريق وقع في مدرسة بنات، ورغم أن تقارير وتحقيقات الدفاع المدني تؤكد أن ارتفاع عدد الوفيات والمصابين من الطالبات تعود في السبب الأول إلى مخارج الطوارئ المغلقة، إلا أن السبب الرئيس في حريق المدرسة هو محاكاة أسلوب إدارتنا لمدارس البنات بإغلاق أبوابها حتى مخارج الطوارئ بأسلوب منهجها التعليمي الهادف إلى تخريج ربة بيت وزوجة مطيعة غير مبادرة اجتماعيا، وهذه الحلقة كتبها "رحمه الله" كمقال رأي في صحيفة الوطن عام 2011.

الحلقة الثالثة: هي عن مؤيدي "داعش" من الأقارب، إذ كتب عبر حسابه في "تويتر" أنه يعرف عدة أشخاص من أقاربه بالهوية والرسم والاسم منضوين تحت تنظيمات إرهابية في الخارج، ويخشى أن يكون هناك المزيد متخفين في الداخل، ويكاد يجزم بأنه لا يوجد سعودي لا يعرف ولو شخصا واحدا من أقاربه يتعاطف مع تنظيمات إرهابية. وموضوع هذه الحلقة كان سيسبب حراكا حقيقيا في كل الأوساط لو تم تحويله إلى مشاهد درامية ضمن مسلسل "سيلفي" الشهير، ولكنها بقيت حروفا في حسابة على "تويتر".

أتمنى من المهتمين بكتابة الدراما المحلية، وعلى رأسهم الأستاذ خلف الحربي، العمل على تحويلها إلى حلقة كاملة، تكشف للمشاهد خطورة التستر على مؤيدي "داعش" من الشباب في الداخل، والحل الأمثل للتعامل مع مثل هذه الحالات.

الحلقة الرابعة: وتحمل عنوان "أنا أخو الجوهرة"، وقد شاركنا الوابلي عبر مقال خبرته التاريخية كمتخصص أكاديمي في هذا المجال، كيف أن أجدادنا يستطيعون بحدسهم معرفة من تكون من البنات الصغيرات بطلة دون غيرها من النساء في نطاق العائلة الصغير، ولذلك حين يشاركون في المعارك والحروب فإنهم ينتخون بأسماء أخواتهم، فيقول أحدهم وسط المعركة والحرب: أنا أخو فلانة، ليزداد حماسة على هزم العدو مستحثا روح أخته التي لا تشاركهم الحرب أن تمنحه مزيدا من القوة والجلد في المواجهات، وسرد قصة انتخاء موحد السعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بأخته نورة بنت عبدالرحمن، حتى فخره بمشاركة شقيقته الجوهرة في مجال الانتخابات البلدية، والتي لا يهمه نجاحها فيها وحصولها على مقعد، بقدر ما يهمه أنها من أوائل النساء في التاريخ السعودي اللواتي فسحن الطريق للانتخابات النسائية لبنات الأجيال القادمة، ومختتما مقاله بمقولة وأنا أخو الجوهرة.

ومن خلال هذا المقال الذي لو حولناه إلى مشاهد درامية، فإننا سنستعرض أجمل مشاهد مشاركات النساء، ونسلط الضوء على مشاركاتها في مجتمعنا، رغم كل العوائق التي يحاول خلقها البعض بحجة سد الذرائع، والخوف من انحرافها، وكأنها كائن لا يمت إلى طبيعة البشر، يريدونها أن تقف خلف حواجزهم حتى يحمونها من الوحوش البشرية.

الحلقة الخامسة: وهي تحويل مقاله الأخير في الوطن بعنوان "الأسباب في كره معارض الكتاب" إلى حلقة درامية تسلط الضوء على مقولته التي قال فيها: "كم من مدرسة متقوقعة على توحشها هدفها حرق كتب غيرها، أو مصادرتها، وإن لم تستطع فتحريمها ومنعها من الوصول إلى الناس، وكل ذلك تخوفا على فكرها الهش من أن يسقط أمام أي نقاش أو طرح مغاير".

هذه المقولة تلخص أسباب كره بعض الناس لمعارض الكتاب، وتستفزهم صور الطوابير على أبوابها، ولذلك يسعون إلى التضيق على زوار المعرض بحجة الاحتساب، ويؤمرونهم بالابتعاد عن بعض دور النشر التي تنشر الروايات، والكتب النقدية والفلسفية، لأنها -بحسب قولهم- تشيع الرذيلة، وتضعف الإيمان.