مريم الشروقي- الوسط البحرينية-
جميل أن يكون وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف وزيراً مرناً للسماح ببناء مساجد من «الصنادق»، والأجمل أن تكون أسلاك الكهرباء والماء ممدودة من الجيران، والأجمل كذلك أن تذهب مجاري حمّامات «الصنادق» في أرض الله الواسعة لأذيّة الجيران بأصناف الروائح الكريهة والفضلات البشرية!
غريب أمر هذا الوطن، عندما يُطالب الجميع باحترام القوانين والالتزام بالتعليمات والقرارات الوزارية، ونجد أنّ هناك من يتعدّى على هذه القوانين وتلك الالتزامات والتعليمات، ولا نعلم السبب في تعدّيهم وجرأتهم على القانون!
مناسبة الحديث حيث شاهدنا الصور التي تقشعر منها الأبدان، ولكأنّنا في إحدى الدول الإفريقية النائية التي لم تصل لها الحداثة، ولا نُصدّق أنّنا في مملكة البحرين! منظرٌ ليس حضارياً البتّة، وطريقة الاستعجال بتحويل قطعة الأرض إلى مسجد، لاتّخاذ الموافقات من الجهات المختصّة، وخصوصاً من الأوقاف السنّية و الأوقاف الجعفرية، بالإضافة إلى وزارة العدل والشئون الإسلامية. في الكويت الشقيقة حدث ما يحدث عندنا، بفرض الأمر الواقع ووضع اليد على أملاك الدولة من دون وجه حق، وإحراج الدولة في حالة الإزالة، فما كان من دولة الكويت الشقيقة إلاّ إزالة المساجد غير المرخّصة.
نضيف إلى ذلك، تدخّل وزارة الأوقاف الكويتية مع الدولة، حيث لا تمنح تراخيص لبناء المساجد لكنها تخاطب بلدية الكويت، وترسل لها المخططات اللازمة، ويكون لبلدية الكويت الصفة القانونية في إصدار الترخيص من عدمه، فإنشاء دور العبادة في البلاد تضع بلدية الكويت لها ضوابط وشروطاً للسماح بإنشائها، وأضافت وزارة الأوقاف أنّ لجنة الإزالات لها الحق في إزالة مساجد الكيربي أي «الصنادق» غير المرخصة، وهذا نتيجة اتفاق مع وزارة الأوقاف وبلدية الكويت، وخاصة أن قطاع المساجد يقوم ببناء المساجد المنظمة والحديثة، سواء عن طريق مناقصات حكومية في المدن الجديدة، أو تبعاً لرغبة بعض المتبرعين في بناء مساجد في المدن التي يرغبون بها.
أما في بلادنا فالأوقاف ووزارة العدل و «البلديات» في وادٍ ومن يريد يبني المساجد (على كيفه) في وادٍ آخر، والمضحك أنّ جميع مستلزمات الأمان للمسجد مفقودة، فالكهرباء موصولة من خلال سلك في الأرض من أحد المنازل، وكذلك الماء من منزل آخر، ممّا يشكّل خطورة على سكّان وأطفال المنطقة، وتُشكر وهيئة الكهرباء والماء على مباشرتها بالإجراءات اللازمة، والتنسيق والاستفسار مع الوزارات المعنية عن سبب المخالفات وعلاجها في أسرع وقت ممكن. أمّا بخصوص المجاري فحدّث ولا حرج، بعد عناء ومجادلة وجدال و «هواش» مع الأهالي، تكرّموا بإنشاء «بالوعة» في الأرض! هل نحن فعلاً في سنة 2016؟! هل هناك من يتجرّأ بهذه الطريقة الشنيعة على بيوت الله قبل بيوت النّاس، فيرمي الفضلات البشرية في الأرض؟! ألا يخافون الله وهم أهل المساجد والعبادة في أذيّة خلق الله وأوّلهم الجيران الذين أوصى الرسول (ص) بهم كلّ خير؟! انقلبت الآية في استغلال الدين.
وزير العدل إن كنت تعلم فتلك مصيبة وإن كنتَ لا تعلم فالمصيبة أعظم، ونريد معرفة هل مسموح لجميع الطوائف في البحرين أن تعمل من دون تراخيص؟! وهل هناك من يشرف على ما يحدث داخل هذا النوع من المساجد (الصنادق)؟! وهل الإمام والمؤذّن مسجلان في الأوقاف؟! فإذا كانا مسجّلين كيف تمّ الترخيص لبناء هذا المسجد؟! علماً بأنّ هناك أكثر من 30 أو 50 مسجداً في مدينة حمد؟!
مازلنا نؤمن بأنّ وظيفة المساجد ليست في كثرتها يا جماعة، بل في أهمّية ما تنشره من أخلاق للنّاس، ففي السبعينيات لم يكن هناك هوس لبناء المساجد، ولكن كانت هناك الأخلاق العربية والإسلامية التي يتم تدريسها وغرسها في تلك المساجد. ولكن من يعتبر ويتّعظ؟!