دعوة » مواقف

(الترفيه) في مجتمع يحرم الموسيقى!

في 2016/05/18

في مقطع تداولته (مواقع التواصل) الاجتماعي خلال اليومين الماضيين يظهر أحدهم مؤكدا أنه لن يتوانى عن تحطيم أي آلة موسيقية، مؤكدا أن الموسيقى منكر وأنه سوف يتصدى لهذا المنكر، وإذا كان من حقه أن يرى في حكم الموسيقى ما يراه وأن يغلق تلفازه ومذياعه عند بث الموسيقى ويحطم جهاز التسجيل الذي اشتراه بحر ماله كي لا يغريه بسماع ما لا يريد سماعه، وأن ينأى بنفسه عن أي مكان يصدر عنه صوت عود يدندن أو ناي يبث لحنا حزينا، إذا كان من حقه ذلك كله فليس من حقه أن يقيم من نفسه وصيا على الناس فيحملهم على الاقتناع بما هو مقتنع به ويلزمهم على الأخذ بما يأخذ به، فضلا عما يكشف عنه حديثه من نية مبطنة على تنفيذ ما يراه بالقوة وفي ذلك اعتداء على الآخرين تحت مسمى الاحتساب وإنكار المنكر، وهو اعتداء ينذر بنشر الفوضى وتعريض أمن المجتمع للخطر.

والخطر لا يتمثل في ذلك الشخص الذي ظهر مهددا ومتوعدا ومعرضا بالفنان ناصر القصبي، فهو مجرد رجل بائس أراد اللحاق بقاطرة التشدد دون أن يلحظ أنه قد تأخر كثيرا، وأن كثيرا ممن كانوا يتسابقون على ركوب ذلك القطار غادروا عرباته بعد أن أدركوا أنه لن يوصلهم إلى حيث يشتهون، الخطر ليس في ذلك الرجل وإنما في نسق التفكير الذي لا يزال ساريا والمتمثل في أمرين أولهما الأخذ برأي قاطع وواحد في الأمور التي تتعدد فيها الأحكام والآراء، وقد شهدنا الحملة الشرسة التي تعرض لها الشيخ المغامسي حين توقف عن إطلاق التحريم على الموسيقى بكل أنواعها، والجانب الأخطر في هذا الأمر أن تنبني قوانين الفسح والمنع على هذا الجانب المتشدد في الأحكام فيمنع تعليم الموسيقى في المدارس ويحال دون افتتاح معاهد للموسيقى في المملكة، أما الأمر الآخر فيتمثل فيما تستشعره بعض المؤسسات والأشخاص من وصاية على المجتمع وفرض ما يرونه عليه بالقوة الجبرية، وإذا حدث ذلك فليس لنا أن نطمح في تحقيق ما يراد تحقيقه للمجتمع من ترفيه بشرت به الرؤية السعودية للمستقبل.

سعيد السريحي- عكاظ السعودية-