بدأت دول مجلس التعاون الخليج تتجه مؤخراً نحو إنشاء صندوق خليجي موحد لجمع الزكاة ووضع آليات جديدة لبرامج عمل تتفق عليها الدول الأعضاء، حيث أصبح الموضوع يأخذ حيزاً خلال الفترة الأخيرة بين أروقة وأجندة اجتماعات المجلس.
وتعتمد دول الخليج على قوانين مختلفة في التعامل مع جباية الزكاة، مع أنها جميعها تعمل وفق الشريعة الإسلامية، إلا أن بعضاً منها يلزم الشركات المساهمة والأفراد بالمساهمة بدفعها في نسبة من صافي أرباحها، كما في الكويت، في حين أن بعضها الآخر كما في السعودية الإمارات والبحرين وقطر وعُمان، تدفع فيها الزكاة بطريقة طوعية معظمها إلى الجمعيات الخيرية أو صناديق الزكاة.
وعلى الرغم من تصدر دول الخليج عالمياً في العمل الإنساني (الخيري والتطوعي)، فإن بيوت وصناديق الزكاة في دول المجلس تعاني نقصاً كبيراً في مسألة جباية الزكوات من الأفراد والشركات، بسبب منافذها الكثيرة نحو الجمعيات الخيرية، بحسب مدير بيت الزكاة الكويتي، إبراهيم الصالح، الذي يؤكد أنه من المفترض أن تكون مبالغ كبيرة، لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك.
وناقش مسؤولو مؤسسات الزكاة في دول المجلس في وقت سابق مشروعاً لإطلاق موقع خليجي رسمي موحد لتحديد أقرب موقع لصناديق الزكاة، وتسهيل عملية إخراجها من قبل المواطن، حيث طرحت الدراسة في العام 2013 حول تقاليد جباية الزكاة في دول التعاون، وتمت مناقشة محاورها، وقد تعتمد في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وفقاً للصالح.
وبالإضافة إلى سعيها في إطلاق موقع مشترك لجمع الزكاة، تسعى دول الخليج إلى تخطي الاستراتيجية المتعلقة بخطط أجهزة الزكاة وتوحيد ورؤيتها، إضافة إلى تهيئة الشباب للعمل التطوعي لبيوت الزكاة ضمن ضوابط الجهاز، والتوجه لتوحيد التجارب وآلياتها.
ويخضع خروج الزكوات خارج أي دولة خليجية للرقابة بالتعاون مع الدول الصديقة عن طريق وزارات الخارجية، التي تتعامل مع الجهات المعنية في الدول الفقيرة المستهدفة، ما يمنع خروجها لغير مستحقيها، وفقاً لمراقبين، وإن الجمعيات تخضع لرقابة شديدة منذ الأحداث الأخيرة خلال السنوات العشر الماضية، كما أن عدداً من دول مجلس التعاون أقرت مؤخراً قوانين تهدف إلى تعزيز العمل الخيري وتحد من عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي مساعيها المستمرة لمحاربة "الإرهاب" وتجفيف منابعه، أقدمت السلطات الأمنية في المملكة العربية السعودية منذ العام 2015 على مراقبة أكثر من 2250 حساباً مصرفياً، والموارد المالية لـ2000 جمعية ومؤسسة خيرية وغير ربحية، ضمن مشاريع وبرامج أطلقت مؤخراً تهدف إلى تجفيف منابع وتمويل الجماعات الإرهابية وغسل الأموال من داخل وخارج المملكة.
الإدارة العامة للتحريات المالية في وزارة الداخلية السعودية، كشفت في تقرير لها نشر في وقت سابق، عن مراقبة 2285 حساباً مصرفياً؛ للاشتباه في استخدامها في عمليات غسل أموال أو تمويل الإرهاب، إذ تلقت الإدارة 2240 بلاغاً عن حالات اشتباه في جرائم غسل أموال، أحالت 136 منها إلى التحقيق، وتقدمت بطلبات كشف 505 حسابات مصرفية، فيما تلقت 188 طلباً دولياً للحصول على معلومات عن حالات اشتباه في عمليات تمويل إرهاب لحسابات مصرفية داخل السعودية وغسل أموال.
وعقب تلك الإجراءات، ألزم النظام الجديد للجمعيات والمؤسسات الأهلية في السعودية، الذي أقر نهاية العام 2015، بتدوين حساباتها في سجلات تبيّن تفاصيل الإيرادات والمصروفات والتعاقد مع محاسب قانوني مرخص له لمراجعة حساباتها، كما أوجب عليها إيداع أموالها النقدية باسمها لدى أحد البنوك، داخل المملكة، وأن تنفق الأموال لما خُصصت له، ويتم الصرف منها بتوقيع اثنين من المسؤولين بالجمعية، يفوضهما لذلك مجلس الإدارة، على أن تحدد اللائحة الأساسية هذين المسؤولين.
مدير عام مصلحة الزكاة والدخل في المملكة العربية السعودية، إبراهيم مفلح، قال إن الإيرادات التي حققتها المصلحة خلال العام المالي 2015 بلغت 30 مليار ريال، بارتفاع نسبته 7% عن العام الماضي، مشيراً إلى أن المصلحة مستمرة في التوسّع بتطبيق الأنظمة الإلكترونية، وستطلق العام الحالي بوابتها الإلكترونية المبنية على تقنية "ساب SAP" للزكاة والضريبة، حيث تمتاز البوابة بأن المكلّف يستطيع التسجيل وإدخال الإقرار والحصول على قيمة الربط ومعرفة استيراداته وعقوده مع الجهات الحكومية، واستخراج فاتورة بقيمة المستحق وسداده.
وفي الكويت، قالت نائبة المدير العام للموارد والإعلام في بيت الزكاة، كوثر المسلم، إن بيت الزكاة حريص على مواكبة التطور التكنولوجي والتواصل الاجتماعي والوجود في المجمعات التجارية، وتوعية المواطنين على التبرع، مشيرة إلى أن إيرادات بيت الزكاة في البلاد بلغت ، 44 مليوناً و471 ألف دينار (نحو 146 مليون دولار) في العام 2015.
منذ أن استخدمت الحكومات الخليجية التكنولوجيا لتحسين خدمة المواطنين بتوفير الوصول إلى المعلومات بطريقة الخدمة الذاتية، من خلال الإنترنت، أو عبر ما يعرف بـ"الحكومة الإلكترونية"، تغيرت حياة المواطن الخليجي، وأصبحت الحكومات تقدم له خدماتها بيسر وسهولة، بما فيها خدمة دفع الزكاة.
ففي الوقت الذي يتسابق فيه المسلمون لأداء زكاة فطرهم هذه الأيام، تتسابق صناديق الزكاة الخليجية لتيسير سبل احتساب ودفع هذه الزكوات لهم، وقد أثمر هذا التسابق الحميد بين هذه الصناديق برامج إلكترونية لخدمة أطراف عملية الزكاة؛ من ممولين ومستحقين ومديرين قائمين على أمر الزكاة، حيث أطلقت العديد من صناديق الزكاة الخليجية مواقع إلكترونية باللغتين العربية والإنجليزية، والأهم أنها أطلقت برامج لاحتساب ودفع الزكاة إلكترونياً، سواء عبر الدفع الإلكتروني أو عبر الموبايل.
ياسين السليمان - الخليج أونلاين-