فتح حديث الشيخ صالح المغامسي حول الموسيقى بابا لموجة رابعة من السجال في السعودية، حول الغناء، إباحة وتحريما، وذلك بعد أن بدأت أولى الجولات قبل أكثر من 55 عاما، على صفحات مجلة الرائد عام 1381، بعد أن كتب الشيخ أبوتراب الظاهري مقالا حول مسألة الغناء، ثم انطلق السجال الثاني في الثمانينات الميلادية، على خلفية ما ذكره الشيخ محمد الغزالي حول القضية، وفي عام 1431 تجدد السجال بعد فتوى الشيخ عادل الكلباني.
الموجة الأولى
أبوتراب الظاهري: الغناء وآلاته والاستماع إليه مباح
الموجة الثانية
محمد الغزالي: الأحاديث التي وردت في ليلة النصف أقوى من الأحاديث التي وردت في تحريم الغناء
الموجة الثالثة
عادل الكلباني: الذي أدين الله به هو أن الغناء حلال كله ولا دليل يحرمه من الكتاب والسنة
الموجة الرابعة
صالح المغامسي: الله تعالى قال لهو الحديث، أي كلام، فالمعازف هنا ليس لها ذكر، فالمعازف لا تسمى حديثا.وأنا أتكلم عن الموسيقى وليس الغناء
فتح حديث الشيخ صالح المغامسي حول الموسيقى جولة رابعة من الجدل حول الغناء إباحة وتحريما، وذلك بعد أن بدأت أولى الجولات قبل أكثر من 55 عاما.
الجولة الأولى
بدأت على صفحات مجلة الرائد عام 1381 عندما كتب الشيخ أبوتراب الظاهري مقالا طويلا على حلقات بعنوان "الكتاب والسنة لم يحرّما الغناء ولا استعمال المعازف والمزامير والاستماع إليها"، حيث ذكر في تحقيق المسألة أن الغناء وآلاته والاستماع إليه مباح ولم يرد في الشريعة التي جاء بها صلى الله عليه وسلم نص ثابت في تحريمه البتة.
المؤيدون
في عام 1384 وزع الشيخ علي الطنطاوي مذكرة تحدث فيها عن حكم الغناء والموسيقى بأنه ليس مما استقبحه الشرع لذاته وإنما يطرأ عليه التحريم في حالات معينة ذكرها، كما ذكر ما ألفه العلماء في ذلك مناقشا أدلة المانعين والمبيحين.
المعارضون
1 الشيخ عبدالعزيز بن باز: كتب مقالا طويلا بعنوان الأدلة من الكتاب والسنة تحرم الأغاني والملاهي وتحذر منها، وبدأه بالتعجب من جرأة أبي تراب الشديدة تبعا لإمامه أبي محمد على القول بتضعيف جميع ما ورد من الأحاديث في تحريم الغناء وآلات الملاهي وتأويل الآيات الواردة في ذلك على غير تأويلها.
2 تحقيق صادر عن رئاسة هيئات الأمر بالمعروف بالحجاز بقلم سكرتيرها محمد أحمد باشميل بعنوان "تحريم الغناء والمعازف ثابت في القرآن والسنة"، ردا على من وصفهم بشيوخ متصابين وشباب متحمسين للهو والطرب، وقد ردّ في مقاله على ابن حزم واصفا ما قاله في ذلك بالشواذ المعروفة لدى علماء جميع المسلمين، وأن أبا تراب أفتى بطامة من بين طامات ابن حزم الشاذة.
3 الشيخ يحيى عثمان المكي كتب مقالة ناقش فيها آراء أبي تراب بعنوان الغناء محرم بالكتاب والسنة وسائر آلات الملاهي.
4 امتد النقاش إلى بقية الصحف كالندوة التي كتب فيها الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبدالملك بن إبراهيم آل الشيخ مقالا بعنوان: (تعقيب وتأييد).
5 وجهت "عكاظ" استفتاء باسم "المقنع" إلى الشيخ عبدالملك آل الشيخ في 3 أمور هي: هل الغناء حرام في الإسلام؟ ورأي الرئيس العام في الأحاديث والحوادث التي أوردها المقنع في مقاله حول الغناء في عكاظ، وعتبه الذي وجهه إلى الرئيس العام حول بعض العبارات التي وردت في مقاله بالندوة مثل: "أولئك الذين لا يرضيهم من الإذاعة السعودية إلا أن تنحدر إلى مستوى الخلاعة والميوعة وفساد أخلاق السامعين وأمراض نفوسهم، وبرامج طالما ألهتكم وأفسدت عقولكم، ومن هذا الهراء ما نسمعه ونقرؤه في بعض الصحف، وهؤلاء الذين لا يجذبهم إلى الاستماع للإذاعة إلا إذاعة الأغاني هم قوم تافهون".
الجولة الثانية
بدأ السجال الثاني حول الغناء في الثمانيات الميلادية، وشارك فيه كثير من العلماء والدعاة وطلاب العلم، وذلك على خلفية ما ذكره الشيخ محمد الغزالي في كتابه "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" عندما قال إن الأحاديث التي وردت في ليلة النصف أقوى من الأحاديث التي وردت في تحريم الغناء، ثم استشهاده بمذكره ابن حزم الأندلسي.
المؤيدون
الشيخ سيد سابق قال إن الغناء ما هو إلا كلام، حسنه حسن وقبيحه قبيح، فإذا عرض له ما يخرجه عن دائرة الحياء كان حراما، وجعل من الغناء المباح الطيب الغناء في الأفراح والأعياد وللجنود.
الشيخ أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري الذي أصدر كتابه "تحرير بعض المسائل على مذهب الأصحاب عام 1401"، وذكر فيه أحكام الغناء من الناحية الشرعية التي لخصها في مقالته "بعض الغناء جميل".
الدكتور سالم عبدالله الثقفي (الأستاذ بجامعة أم القرى) ألف كتابا تحت عنوان "أحكام الغناء والمعازف وأنواع الترفيه الهادف" ناقش في فصل كامل منه أدلة المانعين، وقد منع توزيع الكتاب، وهوجم بسببه كثيرا.
المعارضون
1 الشيخ محمد المجذوب: ذكر أن واقع الغناء اليوم لا يغطي سوءاته قصيدة في مدح الرسول أو أنشودة في الحث على الجهاد، وأن كلام السيد سابق يعطي دعاة المجون فرصا جديدة لترويج سلعتهم حتى في أوساط البسطاء من أهل الدين.
2 الشيخ ناصر الدين الألباني الذي حذر مما وصفه بـ"ضلالات الشيخ الغزالي الذي ملأ الدنيا بالتشكيك في الأحاديث والطعن فيها باسم الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم"، حسب تعبيره.
3 الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ في كتابه "المعيار لعلم الغزالي في كتابه السنة النبوية" تحدث فيه عما وصفه بـ"جناية الكتاب على الشريعة، وأن الكاتب خاض في أمور لا يحسنها، فقهية وحديثية، فحبط فيها وقال بهتانا، وأن هذا الكتاب طار به أهل الفتن وأعداء السنن لجريانه مع أهل الأهواء في أهوائهم، ودخلت فتنته إلى بيوت لم تعرف الكتاب ولا كاتبه.
4 الشيخ ربيع هادي المدخلي ألف كتابا اتهم الغزالي في مقدمته بأنه حشر نفسه في خصوم السنة وصار حامل لواء الحرب عليها، وأن كتبه تمثل مدرسة ينهل منها كل حاقد على الإسلام والسنة النبوية المطهرة.
5 الشيخ أبوبكر الجزائري الذي أعاد في كتاب نشره حينها، ما كتبه ردا على "المتظاهر" في الرائد و"المقنع" في عكاظ في السجال الأول، حول أن العزف والغناء حرام.
الجولة الثالثة
بدأت عام 1431 بعد فتوى الشيخ عادل الكلباني الذي قال "الذي أدينُ الله به هو أن الغناء حلال كله ولا دليل يحرمه من الكتاب والسنة، وأن كل حديث استدل به المحرمون إما صحيح غير صريح أو صريح غير صحيح، ولا بد من اجتماع الصحة والتصريح لنقول بالتحريم، وذكر أنه رجع عن القول بالتحريم لما تبين له أن المعتمد كان على محفوظات تبين له فيما بعد ضعفها، بل بعضها موضوع ومنكر.
المؤيدون
الشيخ يوسف القرضاوي الذي أفتى خلال استضافته في برنامج تلفزيوني بقوله "لا يوجد مانع في غناء المرأة بشرط أن يكون ذلك في إطار الضوابط الشرعية التي تتضمن عدم احتواء الأغنية على المحرمات التي يأتي في مقدمتها الرقص وظهور المسكرات، كما اشترط القرضاوي أن يكون غناء المرأة ذا قيمة وغير مثير للشهوات، واستشهد في هذا الصدد بأغنية "ست الحبايب" للمطربة الراحلة فايزة أحمد التي تتغنى فيها بحب الأم.
الدكتور عبدالله الجديع (مجلس الإفتاء الأوروبي في لندن) قال: إن دلائل التحريم التي تساق في بعض المسائل (وضمنها الغناء)، هي منهجية تقليدية، تبقينا دائما في إطار التشدد في الأحكام، وأضاف: هناك بحبوحة شرعية في مسألة الغناء، في إطار الأحكام الشرعية، نستطيع من خلالها ضبط المسألة بعدد من الضوابط الشرعية.
المعارضون
1 الشيخ صالح اللحيدان الذي هاجم الكلباني حينها، وقال عليه أن يبقى في مسجده يؤم المصلين ويقرأ القرآن، ولا دخل له في مسائل الفتوى.
2 الشيخ الدكتور سعد الدريهم، وصف فتوى الكلباني وقتها بأنها من (شذوذ القول)، وقال: الصحابة متفقون، وكذلك التابعون والأئمة الأربعة من بعدهم، على حرمة الغناء، وليس لمن بعدهم أن يخرق هذا الإجماع.
3 عميد كلية الشريعة السابق بجامعة الكويت الدكتور محمد الطبطبائي الذي علق: لم يسبق أن قال أحد العلماء إن الغناء حلال كله، ووصف الفتوى بالباطلة، وأضاف أن الشيخ الكلباني طعن بالنيات عندما وصف العلماء بالمرض والجهل وأنهم لا يرتاح لهم بال إلا إذا أغلقوا باب الحلال، معلنا رفضه مثل هذا الكلام، خصوصا أن فتوى تحريم الغناء هي لأعضاء هيئة كبار العلماء، وليس من الأدب القول بمثل ذلك.
4 وكيل المرجعيات الدينية الشيعية في الكويت السيد محمد باقر المهري الذي لم يكتف بتحريم الغناء، بل زاد أن تعلمه وتعليمه كفر بعدما وصفه بأنه من أخبث وأشر ما خلق الله، محذرا من أنه يورث الفقر وأنه ترقية للزنا.
الوطن السعودية-