دعوة » مواقف

تطهير الشيخ المغامسي!

في 2016/06/01

لكل نصيبه من العقل، ولا أعتقد أن نصيبنا كسعوديين أقل من غيرنا، لكن قد يكون بعضنا قد أجر عقله لغيره وأعطاه كل مفاتيحه.

الله سبحانه وتعالى أمرنا بالارتقاء بالعقل والتفكير وطالبنا بالتفكر والتدبر، وفي السياق نفسه حثّنا رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم أيضا، فالتروي وعدم الاستعجال من الفضائل الكبيرة التي يدعونا لها ديننا ويأمرنا بأن نأخذ بها.

والسؤال المطروح هل استخدمنا نصيبنا من العقل كما ينبغي أم أننا في إطار المستأجرين؟ وهل أخذنا ببعض فضائل العقل من تفكر وتدبر وترو؟ قد نفعل ذلك لكن يبدو أن إشكالية التأجير موجودة.. ولقد تراءى لي ذلك وأنا أقرأ حديث الشيخ صالح المغامسي عن أن «دخول غير المسلمين إلى المدينة المنورة جائز، مؤكدا أن منعهم حاليا أمر تنظيمي من ولي الأمر»، وهو تنبيه جديد بأن ما تم إخبارنا به بتحريم المدينة المنورة كما مكة المكرمة على غير المسلمين أمر فيه نظر.

لسنا في محل التقييم والتقويم لكننا كمجتمع إسلامي علينا أن نستقي مقاييسنا من نبينا وكبار علمائنا من الفقهاء عبر التاريخ.. وعليه نبدأ بالقول كما قال الإمام مالك بن أنس: «كل يؤخذ من كلامه ويترك إلا صاحب هذا القبر» يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ومن هذا المنطلق أن كلام المغامسي من الممكن أن يؤخذ أو يترك.. ولكن ليست هذه القضية!.

إشكاليتنا التي ظهرت وتكررت كثيرا أن لدينا من منحوا لأنفسهم امتلاك الأجوبة كلّها وأن لا معلومة إلا من خلالهم.. فقول المغامسي يُقرأ ويناقش ويرد عليه علميا وفقهيا.. لكن هناك من يوصدون الأبواب بحسب أنهم هم الأوصياء على المعلومة، وليس كذلك بل الأوصياء على العقل البشري، ولذا نعود الى ما بدأنا به من قدرتهم على استئجار عقول كثيرة يسيرونهم كما يشاؤون، بل ويطلقونهم بالغمز واللمز والشتم على من يريدون، واحيانا يتجاوزون بالتفكير والإخراج من الملة، وهذا ما حدث «بكل أسف للشيخ المغامسي» وهم يسومونه بعباراتهم القاسية واستفزازاتهم المملة، يحدث ذلك وهم الى ما قبل هذا كانوا يرون فيه المفكر العالم، والمتنور الفقيه المدرك.

الشيخ المغامسي لم ينكر أو يتجاوز على أي من الأركان الخمسة التي هي عماد الدين، بل لم يقل ما أخرجه من الملة وحسب توضيحه هناك ما استند عليه من توثيقات، فهل ناقشناه الحجة بالحجة أم هناك من بيننا من يصر على أنه من يملك الحقيقة ولا شأن لنا الا بما يريده هو واتباعه؟.. هنا أتذكر كثيرا من الوقائع التي استعادت تحليلها بعد تحريمها من المذياع وحتى اهداء الزهور، وما نطالب فيه هنا هو التروي والحكمة وقبلها استخدام العقل في النقاش والاختلاف، فهل من أنكروا عليه قابلوا حجته بأحاديث ووقائع تدحضها، أم أنه استمرار لرفض استخدام التفكر والحوار والحجر عليهما؟ لتبدو آليات استخدام العقل والتروي ودمغ الحجة بالحجة في الاختلاف وحتى النقاش وكأنها ثقافات غائبة عنّا، رغم أن الله سبحانه وتعالى دعانا وعبر آيات كثيرة أن نتفكّر (لعلكم تتفكرون) (ويتفكرون في خلق السموات والأرض) والآيات تنبئنا أن العقل نعمة إلهية والتفكير من الفرائض الإسلامية.

ختام القول، أعاود التأكيد على أنني لست في محل القدرة العلمية على الفصل في المسائل الخلافية، وهنا حتى لا أميل الى رأي على آخر، بل أنا فرد من مجتمع يتمنى أن يكون لوقع اختلافاتنا احترام، وحين نختلف مع الشيخ المغامسي أو غيره أن يكون دليلنا واضحا وحجتنا داحضة، لا أن نستخدم الاقصاء والعقول المستأجرة للهجوم على من نختلف معه.. ليخرج من الرعاع استنادا إلى اقوال مريديه ليطالب بأن يتم «تطهير الشيخ المحترم صالح المغامسي مما قال».. ولا حول ولا قوة الا بالله.

مساعد العصيمي-اليوم السعودية-