صدّق أو لا تصدّق، لم تعد عندنا مشكلة باستثناء صحة قراءة القرآن من عدمه أثناء الدوام في شهر رمضان.
كان هذا نقاش علماء الدين خلال الأيام الماضية، حيث نشرت «الراي» ردود علماء الدين حينما سألتهم عن رأيهم في قراءة الصائم للقرآن الكريم أثناء ساعات العمل. تنوعت الإجابات والفتاوى، لكن جميعها تقريباً اتفقت على عدم جواز القراءة أثناء ساعات العمل إذا ما أضرت القراءة بإنتاجية الموظف كونه يتسلم راتباً لأجل القيام بالمهام الوظيفية، فلا يجوز تضييع هذه الساعات بنية قراءة القرآن.
أعزائي العلماء، يذكرني كلامكم هذا بذاك السائل الذي استفسر عن صلاته بالكويت أثناء الغزو، هل تكون كاملة أم قصراً؟ فكان جواب السيد الخوئي رحمه الله «إن الصلاة بالأساس باطلة لأنها أرض محرمة». فنحن أمام مبادئ لا تفاصيل، أمام كُليات لا جزئيات، أمام مسألة مصيرية لا تكتيك حياتي.
ما أقصده أن القراءة بغض النظر إن صحت أو لم تصح، فإن المسلم يعاني من كُليات أبعد بكثير عن مجرد قراءة القرآن. المسلم يقتل المسلم، اليأس والفقر والجوع أصبحت من مسلمات الحالة الإسلامية اليوم!، الكلام عن صحة قراءة القرآن أثناء العمل مقابل تكفير المسلم لأخيه المسلم أشبه بمن يسأل المرأة الثكلى عن كيفية طبخ «صب القفشة»!
قد تقول لي بأننا نتحدث عن الكويت، والاحوال كما نعلم مستقرة ولله الحمد، فرجاءً لا تحوّل النقاش إلى نكد وكآبة. لكن قبل أن نجيب عن صحة قراءته، إن كانت على حساب ساعات العمل، هل سألت أولاً ما هي انتاجية هذا الإنسان المؤمن القارئ لكتاب الله؟ «الشال» ذكر في تقرير له نُشر قبل سنة، أن إنتاجية الموظف الكويتي هي الأدنى على مستوى العالم لا المنطقة فقط، رغم كل المغريات والرواتب والمخصصات العالية جداً. فما قيمة الساعات التي يهدرها الموظف لقراءة القرآن، إن كانت أصلاً الساعات مُهدرة سواء في رمضان أو غيرها وسواء في قراءة القرآن أو النوم؟
لا بأس، دعونا عن العالم العربي والإقليم المُلتهب، ولنركز على الكويت. في العام الماضي، فجّر مُسلم مسجداً للمسلمين، وفي خطابات الجمعة ما زلنا نسمع بعضهم يسب بعضاً، وأتذكر في موضوع تفجير مسجد الإمام الصادق (ع)، غرّدت حول الموضوع وتقدمت برسالة تعزية إلى إحدى الطالبات من عائلة الفيلي (ابنة أخ الشهيد علي جعفر الفيلي)، لم يشاركني أحد من طلبتي رسالة التعزية ولم يعزِ البنت أحد باستثناء قلة قليلة (5 من بين 30)، هل تعرفون لماذا؟ الحمدالله أن مشاكلنا قاربت على النهاية، باستثناء قراءة القرآن أثناء العمل!
د. حسن عبدالله عباس- الراي الكويتية-