دعوة » مواقف

الهروب إلى ابن تيمية!

في 2016/06/30

بعد كل جريمة تقترفها داعش وما شابهها، نعود لاجترار أحاديثنا القديمة عن «أساس» عقيدة داعش ومن أين أتت وإلى أين تسير. وهذا شيء جميل طبعا لكن غير الجميل أن هذا الحديث لا يكتمل وينتهي دون مقدمات في انتظار جريمة أخرى لنبدأ من جديد وليس من حيث انتهينا.

المراجعات والنقد شيء جميل في كل أحواله، لكن أبسط أسس مجرد «الحديث» عن أمر ما وليس مراجعته ونقده، أن يكون من يفعل ذلك لديه الحد الأدنى من الاطلاع على الأمر الذي يتحدث عنه.

يبدو الأمر غير مفهوم ـ بالنسبة لي على الأقل ـ حين أجد من يتكلم عن التبعية والتلقين، ثم يغضبه أن يعترض الناس على نقده لابن تيمية ـ على سبيل المثال ـ دون قراءة صفحة واحدة من كتبه.

وهذا يعني أنه لا يكره التبعية والتلقين ولكنه يكره اتجاهها، يريد أن تكون في اتجاه واحد فقط يؤدي في النهاية إليه، وحينها سيرى الأمر تبعية محمودة وتلقينا مطلوبا.

والحديث بتركيز شديد عن ابن تيمية الذي مات قبل أكثر من سبعمائة سنة هو أيقونة هذا العام، والحديث عنه وعن غيره حق ليس لأحد أن يعترض عليه أو يمنعه أو يصادره، كل ما في الأمر أني أعتقد أن جرائم «القتل» بحاجة لمتهمين أحياء لكي يتم عقابهم، أما الحديث عن الأموات فقد يكون مجرد هروب وخوف من مواجهة الواقع. وكون رجل متوفى منذ سبعة قرون اجتهد وأصاب وأخطأ وتراجع ونقد وفكر حسب معطيات وقته وعصره فإنها ليست مشكلته أن «علماء» اليوم لا يستطيعون الاجتهاد ولا التفكير حسب ظروف عصرهم مثلما فعل هو، وليست مشكلته أن هناك من يقدس بعض آرائه واجتهاداته التي ربما تراجع هو عنها.

وعلى أي حال..

تبدو المشكلة في «التقديس»، وفي عدم القدرة على الإيمان بحقيقة أنه لا يوجد بشر معصوم وبلا أخطاء، ويقابلها في الضفة الأخرى من التطرف أولئك الذين ينسفون كل الأفكار من أجل فكرة واحدة لا يتفقون معها.

عبدالله المزهر- مكة السعودية-