جاسر الدخيل- خاص راصد الخليج
ليس من صالح احد من سكان شبه الجزيرة العربية ان يقوموا بتبسيط القضية المتعلقة بالارهاب، فانه من المؤكد أن هذا الارهاب بات يشكل خطرا يهدد الجميع، ويبدو انه تحول الى وحش ايقظه من ايقظه.
لكن ايقاظ هذا الوحش لم يحدث البارحة، ولا منذ سنة، وغالبا ما تتأخر الوحوش التي تُوقظ او التي تصنع في البدء بعملية الافتراس.
شئنا ام أبينا فان هذه الوحوش هي وليدة دعوة خرجت من بلادنا، وقمنا بتصديرها، ولا ينفع دس الرأس في التراب، فانه ليس مصادفة ولا يمكن اعتباره كذلك، ان من يقوم بالقتل ويمارس التوحش هو ممن يحمل الفكر الوهابي او وليده.
عندما يقوم المسلمون او من يعتنقون الفكر التوحيدي بمناقشة الملحدين ممن ينكرون ان يكون للعالم صانعاً، فان اول ادلتهم التي يقدمونها هي بطلان نظرية الصدفة. اذ كيف لهذا العالم الشاسع والفسيح والمتقن ان يولد او يُخلق صدفة من دون صانع حكيم يتقن الصنع. لكن بعض اصحاب هذا الدليل يريدون منا ان نؤمن بنظرية الصدفة في مورد آخر. يريدون ان يقنعوا العالم بأسره ان كون جميع هؤلاء المتوحشين الارهابيين انما يحملون العقيدة الوهابية جاء على سبيل المصادفة والاتفاق ليس الا !! يصرون على الادعاء ببراءة ابن تيمية وافكاره، وبراءة ابن عبد الوهاب وعقيدته، وان كل ذلك كان صدفه ليس الا!!
والآن وعندما وصلت الامور الى ما وصلت اليه، فان المطلوب مواجهته، لكن على من تقع اعباء وواجبات المواجهة؟ لا شك انها كانت ومازالت هي من مسؤولية الجميع دون استثناء.. لابد من معالجة شاملة لا تقف عند بوابة الشجب والاستنكار ولا عند العمل الامني الاستباقي او المضاد، ولا عند مركز مناصحة فاشل أُسس لاسباب ترويجية يسعى لابعاد الارهاب عن المملكة ودفعه للخارج، ولا عند عواصف حزم صوتية لا ترسل مطرا تروي التربة وتغني الزرع لينبت نباء حسنا، ولا بحملة بروباغندا عن رؤية اقتصادية لعام 2030 يريد منها اصحابها وضع اليد على باقي مقدرات الدولة خارج اطار النفط بعد ان نهبوا النفط من اصحابه لعقود، ولا عن مشاربع تسمى ترفيها لكنها تخفي خلفها صفقات تجارية بمليارات الدولارات مع شركات الترفيه وقد بدأت تظهر معالمها مع شركة الاعلام الستة ( 6 فلاغز). ان ما تحتاح اليه البلاد اكبر واعظم بكثير. ماذا عن ان نبدأ بحرف الالف من المسائل، عن اسم الدولة التي نعيش فيها، ماذا عن نبدأ نعيد النظر بهذا الاسم، الا يحق لهذا الشعب ان يتسمى باسم المنطقة التي ينتمي اليها، فلماذا عليه ان يعيش في بلد اطلق عليه اسم عائلة مجهولة النسب حتى لا نقول شيئا اخر؟؟!! ثم نأتي بعد ذلك الى الامور الاخرى: الى النظام الذي يرغب الشعب فعلا ان يكون هو الحاكم في بلاده، الى العقيدة التي يختارها المواطن، لا ان تفرض عليه، الى النظام الاقتصادي الذي يريده...الى والى...
يا ايها السادة ان الدم الذي أهدر في حي الحمراء، دم هيلة العريني هو دم في رقبة مشايخ هذه الصحراء القاحلة، نعم انها قاحلة من اي فكر تنويري. ان هيلة لم تقتل على يدي ابنيها ولم ينحرها عقوق ولديها، بل ان هيلة منحورة مقتولة منذ ان سمحنا للمسخ الوهابي ان يكبر، ان يُمول، ان تُفتح له الخزائن والاموال لينتشر وينمو كالوباء والجراد بالتواطئ مع العائلة الحاكمة، والغرب الداعم والراعي لها.
ان مواجهة الارهاب التكفيري لا يمكن الا عبر تفكيك هذا الموروث الفكري المتخلف الذي يقتنص الشاذ والغريب، ويتبنى المنكر من القول والذي يتعارض مع ابسط مقاصد الشريعة.
نعم ايها السادة لقد بات تنقية الموروث الفقهي مسؤولية انسانية ودينية وملحة بامتياز. ولا بد من تشكيل ثقافة الحياة والعمل وحق الاختلاف وتقدير انسانية الاخر.. لابد من تشكيل مجتمع متعايش مع اختلاف تنوعه، مجتمع لا تسيطر عليه ثقافة الاقصاء وتكفير الآخر، مجتمع شجاع في مواجهة الحقيقة وطرح المشكلة كما هي والاعتراف بجذورها ومواجهتها، مجتمع يسمي الاشياء باسمائها.
نعم أيها السادة لا بد من تفكيك الوهابية، هذه العقيدة التي تحولت الى صنم يُعبد ويقدس، لقد تحولت الوهابية الى «هُبل» تقدم له القرابين، وكؤوس الدم. اننا ان لم نواجه هذه الفئة التي استعاضت عن قول : «وعد هُبل» بالقول : «وعد هُبل بن عبد الوهاب» فان الف الف هيلة ستسقط.