الشباب عماد المجتمع وبسواعدهم تبنى الأمم، فهم أصحاب العقول النيرة والهمة العالية، ولهذا يعد إصلاح الشباب دينيا وأخلاقيا من أهم الركائز التي تلتفت إليها المجتمعات الإسلامية، من أجل إخراج جيل صالح مكتمل الأركان. ومن هنا كان لا بد من توجه الدعاة والإصلاحيين إلى فئة الشباب وملامسة مشاكلهم والتقرب إليهم في ظل تعاظم الفتن وانتشارها التي تستهدف شبابنا وبناتنا، وهو ما سار عليه الكثيرون.
الوطن الرمضاني التقت إحدى الداعيات القطريات وهي الداعية نورة بوهندي، والتي توجهت إلى شريحة الفتيات من خلال محاضراتها والتي كانت لها أصداء واسعة وتأثير ايجابي على الشابات، حيث أكدت على أهمية تسلح الداعية باللين في التعامل والابتعاد عن أسلوب التخويف.
الجدير بالذكر أن الداعية نورة بوهندي تخرجت في كلية الاقتصاد المنزلي وعملت معلمة لفترة في إحدى المدارس الإعدادية ثم سلكت المجال الدعوي من خلال التوجه إلى بنات حواء..
حدثينا عن بدايات تجربتك في المجال الدعوي.. ولماذا سلكت هذا الطريق؟
- في الأساس كنت أعمل معلمة اقتصاد منزلي لمدرسة إعدادية وبعد انتهاء الحصة كنت دائما أجلس معهن وأروي لهن القصص الواقعية والتي تحدث تأثيرا إيجابيا على مجرى حياتهن، فلفتت انتباهي إحدى الطالبات وقالت لي بنبرة واثقة (سوف تصبحين داعية) وبعد مرور عدة سنوات حادثتني هذه الفتاة وقالت لي أخبرتك من قبل أنك ستنجحين في هذا المجال، حيث سعدت جدا بهذا، ولهذا أستطيع أن أقول إن إحدى طالباتي هي من لفتت انتباهي لأسلك طريق الدعوة.
أما أول محاضرة قمت بها فكانت في بيت جارتي التي توفيت- رحمها الله، وكان الأمر محض صدفة لا أكثر فرأيت النساء يتحدثن بأمور الدنيا وتعالت ضحكاتهن، فوجدت نفسي أحدثهن في أمور الدين وأنصحهن.
صندوق تبرعات
كيف ننمي في أبنائنا أهمية الصدقة وآثارها العظيمة؟
- نؤكد دائما على هذه الصلة الوطيدة بين الصيام والإنفاق والجود، ولقد كان المثل الأعلى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، فهو الذي يكشف لنا عن حقيقة هذا التلازم وهذا الترابط الوثيق بين رمضان والصيام وبين الإنفاق والصدقة، ففيما روى ابن عباس رضي الله عنهما (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس)، فهل هناك تعبير أبلغ من هذا؟ هو أجود الناس، أي: بلغ الرتبة العليا في الكرم والجود والسخاء.
فيمكن للأسرة أن تضع مثلا صندوقا وتكتب عليه صندوق التبرعات، وكل فرد يتبرع بما يستطيع، فنغرس في أبنائنا وبناتنا أهمية وحب الصدقة والعطاء منذ الصغر، وأؤكد وبشدة على دور الأسرة في هذه الأمور.
كبح جماح النفس
أيام قليلة ويودعنا الشهر الفضيل كيف نجعل أيامنا طوال العام شبيهة برمضان؟
- إن مشوار الإصلاح والتغيير يبدأ بالنفس؛ لقوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد: 11.. والحق أنها هي الأصعب، حيث استطاع إنسان القرن الحادي والعشرين أن يملك ما حوله، لكنه فَقَد السيطرة على نفسه، يضغط على زرٍّ فتفتح له الأبواب للبيوت والسيارات، أو تفتح على الفضائيات والبلاد والعباد عبر البحار والمحيطات على الانترنت، أو الحماقة في الغضب، أو البذاءة والثرثرة في اللسان.
فالصيام يعطي كل فردٍ ثقة رهيبة في نفسه أنه بعون الله تعالى قادر على ضبط زمام الهوى، وكبح جماح النفس، ليس في الامتناع عن المحرمات من أكل الحرام، أو الزنا والخنا، أو السكر والتدخين، أو الظلم والطغيان، بل الامتناع عن الحلال بكلمة «الله أكبر» عند الفجر، ثم يباح بكلمة «الله أكبر» عند الغروب؛ ليستقر في أعماق كل مسلم ومسلمة أنه ما زال إنسانًا يحمل الفطرة النقية، والنفس الزكية التي تقدر أن توقف بعض الحلال بأمر الرحمن، وبالتالي فهي أبعد عن الحرام والشبهات. ولهذا فرمضان فرصة لشحذ الهمم طوال السنة من خلال ان يستمر الإنسان على طاعاته طوال العام وان يعتبر كل يوم كأنه يوم في شهر رمضان المبارك.
الأشياء الملموسة
برأيك ماهي الوسائل التي يمكن من خلالها أن نشجع أبناءنا الصغار على الصيام في ظل ارتفاع درجة الحرارة؟
- الطفل الصغير يفضل جذبه للصيام من خلال الأشياء الملموسة والواقعية إذ أن لها تأثيرا كبيرا على الطفل حيث يوجد الكثير من القصص التي تحبب الأبناء في الصيام أيضا من خلال الرسم وهذا ما أستخدمه مع أبنائي فأطبع لهم صورا رمضانية متنوعة مثل المسحراتي وما كان يقوم به، مدفع الإفطار والأذان ووقت اجتماع الأسرة لتناول الإفطار وأبدأ بالشرح لهم بشكل مبسط وبالتدريج بالإضافة إلى جلب الهدايا والمفاجآت لهم المرتبطة برمضان.
حيث أفضل أن يصوم الطفل منذ الصغر، وهذا ما عودت عليه أبنائي الصغار من خلال الطرق التي ذكرتها فلا بد من ربط رمضان بالأحداث الجميلة والمفاجآت الممتعة في ذهن الطفل.
غزو ثقافي
ما هي أبرز مشاكل الفتيات التي تقابلك خلال مسيرتك الدعوية؟
- أغلب مشاكل الفتيات والشباب سببها الإنترنت، فهو سلاح ذو حدين إذا أحسن استخدامه كان له فائدة مرجوة، أما إذا أسيء استخدامه كان له ضرر شديد وأثر بالغ الخطورة، كانتشار المعاكسات وظاهرة المسترجلات وغيرها، وهي ظواهر سلبية أطلت برأسها في مجتمعاتنا الإسلامية بسبب الانفتاح والغزو الثقافي الدخيل لمجتمعاتنا، وهنا نؤكد على أهمية دور الأسرة من خلال أن يكونوا قريبين لأبنائهم ويصادقوهم.
كيف تقيمين نسبة إقبال الفتيات القطريات على المجال الدعوي؟
- ولله الحمد خلال مسيرتي الدعوية وجدت الكثير من الفتيات ممن أحببن سلوك طريق الدعوة والإصلاح والتغيير في المجتمع، وللداعية أو الداعي دور مهم في هذا الأمر، فكلما كان أسلوب الدعاة يبعث على الحب واللين في النصح انجذب الشباب والفتيات نحو الطريق الدعوي.
الأسلوب اللين
استطعت أن تحدثي تأثيراً إيجابياً على الفتيات ما الطرق التي اتبعتيها؟
- عندما أتوجه للبنات لا أقول لهن حلالا أو حراما على الرغم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلال بين والحرام بين ولكن كسن صغيرة لا أقول لهن هذا حرام بشكل مباشر إذ أبتعد عن أسلوب التهويل والتخويف والصوت المرتفع إذ أن هذا الشكل من النصح والدعوة قد لا يزيدهن إلا إصرارا على الخطأ والعناد فأتقرب منهن وأتعامل معهن من منطلق أم لهن محبة تريد مصلحتهن والخير لهن. أيضا أتطرق إلى ذكر قصص من واقع الحياة وتجاربها إذ أن الشباب والفتيات يروقهم هذا الأسلوب في النصح فهو مختلف وجذاب ويُحدث تأثيراً إيجابياً.
أيضا لا بد لإدارة الدعوة بأن تبدأ في تجهيز بعض الشباب والفتيات ممن لديهم همة وحب للدعوة والنصح ويتم توجيههم لفئة الشباب فعادة معشر الشباب يفضلون الاستماع لمن هو في سنهم فيتم إرسال أحد الشباب الدعاة إلى أماكن تجمع الشباب ووجودهم ويبدأ في التغلغل معهم والتقرب إليهم ونفس الموضوع على الفتيات.
مسؤولية كبيرة
من وجهة نظرك ما هي الضوابط والشروط التي يجب أن تتحلى بها المرأة الداعية؟
- في الحقيقة الدعوة مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الداعية، وعلى قدر عظم المسؤولية والهدف، يكون البذل والتضحية، وعليها التحلي بمجموعة من الصفات حتى تستطيع الوصول إلى عقول الناس وقلوبهم، وهذه الصفات سنذكر بعضها، حتى تحاول أن تتزين بها، لتكون عونًا لك في التقرب إلى الله، ولتكون مثالاً يحتذَى به، ومنها:
أولا: الإخلاص: فيجب أن يكون عملك خالصًا لله تعالى.
ثانيا: معية الله: فكثرة العبادة والتقرب إلى الله، يجعلانك تستشعرين معية الله.
ثالثا: التفقه في الدين: فمَنْ يُرِدِ الله بِهِ خيرًا يفقههُ فِي الدّينِ، حتى تستطيعي توصيل الدين بشكل صحيح، فبعض الداعيات قد تقول في الدين بغير علم، وهذا مأزق خطير.
رابعا: الصبر: اعلمي حبيبتي الداعية أن الدور الذي تقومين به خطير، نعم وهو محاولة نشر القيم الإسلامية النبيلة: مثل البر والرحمة والمودة والإيثار والحب والعطاء، حتى نكون مجتمعًا مسلمًا متماسكًا.
التحلي بالصدق
ماهي أبرز العقبات التي تواجهك خلال مسيرتك الدعوية؟
- لم أقابل أي عقبات أو مشاكل تذكر ولله الحمد ولكن لي بعض التحفظ على أسلوب بعض الداعيات فلا بد أن تتحلى بالصدق قولا وقالبا وهذا ما لم أجده في بعض الداعيات الأمر الذي أحزنني بشدة، أيضا ابتعاد بعض الدعاة والداعيات عن مواكبة ركب التطور التكنولوجي وتوظيفه في الطريق الدعوي وهو أمر خاطئ.
وكالات-