يبدو أن حكومة البوسنة ضاقت ذرعاً ببعض الدعاة والمسنين السعوديين الذين اعتادوا على «الزواج الطياري» أو «زواج المصياف» من الفتيات المسلمات هناك في كل إجازة صيفية، مضيفين لفوائد السفر السبع المعروفة فائدة ثامنة في قواميسهم الخاصة هي النكاح والهرب عائدين للديار دون تحمل مسؤولية ما أقدموا عليه.
بالأمس القريب أصدرت الحكومة البوسنية قراراً يشترط حصول السعوديين على تأشيرة من سفارة البوسنة في الرياض قبل أن تطأ أقدامهم مطار سراييفو، كما منعت السعوديين المتزوجين من الزواج بالمواطنات البوسنيات، وهذا يعني أن الرحلات الدعوية المنظمة لتلك الديار والتي تكاثرت كالفطر خلال السنوات القليلة الماضية ستتوقف وتغير وجهتها إلى دول أخرى «غير معقدة» في توفير متطلبات «الوناسة» الخاصة بمدمني الزواج لأهداف دعوية كما يزعمون، وربما يستعد بعضهم حالياً لانتاج «شيلة» جديدة تنافس الموشح الأندلسي «زمان الوصل» تحت عنوان «يا زمان النكاح في البوسنة».
قبل موضة الدعوة في البوسنة بسنوات ازدهرت رحلات الدعوة إلى إندونيسيا في أقصى الشرق والمفارقة التي أثارت استغراب المسلمين آنذاك أن «إندونيسيا» هذه التي انطلقت لها كتائب الدعاة المحتسبين من كل مكان كانت ومازالت أكبر دولة إسلامية من ناحية عدد السكان، ولا أحد يعلم حتى الآن كيف كانت تتم دعوة المسلم الإندونيسي للإسلام من جديد، لكن ما هو معلوم للجميع أن تجارة «الزواج الطياري» ازدهرت في جاكرتا بشكل هو الأضخم من نوعه حول العالم، وأن «مأذوني النكاح» الإندونيسيين كانوا يقفون في صالات الاستقبال في المطار بزيهم المميز وتحت إبط كل منهم دفتر عقود الزواج وتنتظرهم في الخارج باصات محملة بالفتيات اللواتي سيصبحن زوجات لأسبوع أو أسبوعين ويأخذن المقسوم من الزبون المتدين الذي يخشى الوقوع في الحرام ويفضل أن يحصن نفسه «على الطاير» بهذه الطريقة.
تغيرت وجهة هؤلاء الزبائن بعد أحداث الربيع العربي نحو تركيا والبوسنة، وهم اليوم يخسرون الأخيرة بقرار حكومي، وهذا أمر جيد نسبياً على الأقل بالنسبة لزوجاتهم السعوديات الغافلات.
الدكتور توفيق السويلم (رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج) كشف في حوار أجرته معه «عكاظ» أخيراً أنه تم حصر نحو 2283 أسرة سعودية موزعة في 31 دولة حول العالم نتيجة الزواج العشوائي غير النظامي للسعوديين وأن عدد أفراد هذه الأسر يقارب نحو 8012 فردا ومن ضمنها حالات توفي فيها الزوج السعودي دون أن يخبر أهله عن زواجه الثاني في الخارج وإنجاب زوجته الأجنبية وهناك شكاوى في المحاكم يطالب فيها أبناء الزوجات الأجنبية بحقوقهم، مشيراً إلى حادثة غريبة صادفت وفد الجمعية في إحدى الدول إذ تبين وجود شاب وشابة لديهما نفس اسم الأب السعودي وقد اتضح أنهما إخوة كل واحد من أمٍ مختلفة ولا يعرفان بعضهما بعضا... فهل يمكن أن يُلام البوسنيون على قرارهم الجديد بعد هذا؟!
هاني الظاهري- عكاظ السعودية-