آخر ما توقعه المسلمون وغير المسلمين أن تمتد يد الإرهاب ويتجرأ شخص على القيام بعملية إرهابية عند قبر رسول السلام وعند مسجده وفي مدينته.. لقد ذهل المسلمون صغارهم قبل كبارهم وهم يستمعون إلى خبر العملية الإرهابية قرب المسجد النبوي الشريف في الليلة الأخيرة من رمضان، هذه كانت الصدمة الكبرى فهل من بعدها صدمة وهي الجريمة الكبيرة فهل بعدها جريمة؟
أصبح المسلمون مطالبين بالتيقظ أكثر من أي وقت مضى فهذه العملية تعني الكثير وتعني أن الإرهاب لم يعد شخصاً وإنما تنظيم كبير جداً وهذه العمليات لا يقوم بها شباب عاديون من المسلمين وإنما شباب تم التأثير عليهم وغسل أدمغتهم واستغلالهم بشكل علمي وعملي حتى وصلوا إلى هذا الحد من الجرأة والاستعداد لأن يفجر أحدهم قرب قبر النبي ويقتل أمه ويقتل أخاه وجميع أهله، إنها فوضى كبيرة خلفتها أياد عابثة وما هؤلاء المفجرون والقتلة إلا أدوات تافهة تمكن الإرهابيون الكبار من استغلالهم والتلاعب بهم ونحن غافلون.
من الواضح أن من يعمل ضد السلام وضد خير الإنسانية والبشرية وضع خطة إرهابية محكمة لشهر رمضان هذا العام فمنذ اليوم الأول بدأت العمليات الإرهابية التي ضربت الأردن وتلتها دول أخرى لتكون الجريمة الكبرى في آخر يوم في رمضان وعلى مسمع الرسول (صلى الله عليه وسلم).
فهل يعني كل ذلك شيئاً بالنسبة للعرب والمسلمين؟ أم سنبقى نلحق ذيل الأفعى وننسى رأسها؟!
هذه الجريمة وما سبقها من جرائم خلال هذا الشهر المبارك ذكرتني بدراسة قامت بها جامعة جورج واشنطن الأميركية منذ سنوات كانت تدور حول سؤال مهم وخطير وهو: «من هي أكثر الدول تطبيقاً للدين الإسلامي في العالم؟».. نتيجة الدراسة كانت مفاجئة للجميع ولكنها بدت منطقية جداً، والمثير بعد الإعلان عنها أن أياً من الدول العربية والإسلامية لم تعر أي اهتمام لها أو تحركت للقيام بدراسة مشابهة لديها كي تصحح الوضع الذي تعاني منه.
فقد جاءت نيوزيلندا في المرتبة الأولى عالمياً تلتها لوكسمبورج ثم إيرلندا، ثم دول كثيرة وأول دولة إسلامية جاءت في المركز 38 وأول دولة عربية جاءت في المرتبة 48.. المهم في هذه الدراسة أنها لم تتناول العبادات، إنما كانت تتناول انعكاس القيم الدينية على سلوك الناس ومعاملاتهم.
عندما نكتشف أن قيم ديننا لا تنعكس على سلوكنا ومعاملاتنا فلا يجب أن نستغرب من أن نرى من يتجرأ ويحاول القيام بعملية إرهابية عند مسجد نبي الإنسانية والرحمة والسلام، فقد أصبح واضحاً أن ما جاء به النبي من تعاليم سامية ورسالة سماوية راقية لم يعد لها وجود في حياة المسلمين والعرب.
وهنا يجب أن نقرع ناقوس الخطر وأن نعترف بأننا ابتعدنا عن ديننا كثيراً وأننا يجب أن نعمل كثيراً كي نعود لروح الإسلام وجوهر الدين الذي أصبح الغربيون والشرقيون يطبقونه ونحن نتغنى به فقط دون تطبيق.
محمد الحمادي- الاتحاد الاماراتية-