في لقاء سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي البلاد بمعالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود خلال الأسبوع الماضي أكد سماحته حسب الخبر المنشور في بعض الصحف على ضرورة الاهتمام بتوجيه شبابنا لخدمة وطنهم..
سأقف كثيراً عند هذه الجملة فهي تهمني وتهم كل محب للوطن بشكل مباشر، وهي جملة مهم أن تأتي من قمة هرم المؤسسة الدينية، حيث اعتدنا على خطابات تنطلق في كافة مساراتها الزمنية من منطلق أممي يتغلب على العمق الوطني..
وفي أكثر من مقال وعلى مدار عدة سنوات أشرت لهذه النقطة والتي تعاني منها كثير من مؤسساتنا حيث الخطاب الأممي يغلب على الخطاب الوطني ولعل ذلك أكثر وضوحاً في خطابنا الديني وأيضا في كثير من نشاط المؤسسات التعليمية، والنتيجة انخراط شبابنا في هموم الأمة وإعطاء وطنه ظهره بل والعقوق فيه أحياناً كما هو حاصل من بعضهم وهو يذهب هروباً لبلاد الفتن والحروب في غير مكان إسلامي بعد ان أشبعته خطابات المنابر بضرورة الجهاد ومناصرة إخواننا هنا وهناك.. بل ان حملات التبرعات غير الرسمية في سنوات مضت تكشف عمق هذه القناعات حيث يندفع شبابنا لجمع الأموال والتبرعات العينية والعمل على توزيعها بأنفسهم في مناطق خطرة..
تصريح المفتي مهم لأننا فعلاً نريد أن يعود شبابنا أولا وقبل أي شيء إلى حيث مصلحة وطنهم وخدمة هذا الوطن وأهل هذا الوطن.. نعم أريد أن يجاهد أبناؤنا في خدمة أسرهم وليس نحر أمهاتهم وآبائهم.. نريد شاباً يتطوع في ثنايا مؤسسات وطنه ومع أهل وطنه..
العودة للداخل مطلب مهم وضروري من الجميع ولعل تصريح سماحة الشيخ عبدالعزيز تكون منطلقاً لخطاب ديني يعيد وجدان شبابنا لوطنهم وأسرهم، مع عدم انسلاخ من أمتهم والمجتمع الإنساني العالمي بشكل عام دون انغماس في الشأن الداخلي للدول الأخرى خاصة مناطق الاضطرابات والحروب..
لزمن طويل وطويل جداً اعتاد خطابنا الديني على وجه الخصوص الارتكاز على المنظور الأممي في توجهه للشباب وقد أثبتت الشواهد ان ذلك لم يكن سليماً في نتائجه حيث استشعر بعض شبابنا هموم ومشاكل المجتمعات الأخرى وغاب عنه احتياج مجتمعه ووطنه له، بل إن بعضهم قدمها على وطنه وبعضهم خالف الأنظمة المحلية بهروبه لمناطق الاضطرابات والقلاقل مضحياً بروحه وأسرته بروح انتماء أممية سبقت الانتماء الوطني..؟؟
معالجة عمق الانتماء الأممي عند شبابنا نتمنى أن تأخذ الحيز المناسب في خطابنا الديني والتربوي خاصة في منابر المساجد والمدرسة والجامعة، نريد شباباً وفتيات يؤمنون أن مصلحة وطنهم وخدمته تمثل أولوية لا خلاف حولها، وأن الوقوف للسلام الملكي ليس بدعة وأن تحية العلم ليست بدعة وأن تقديم مصلحة الوطن على غيره هي الأصل، وغيرها يأتي بعدها بمراحل مع ضرورة عدم تعارضه مع المصلحة الوطنية بأي حال..
معطيات المرحلة تكشف للمطلعين والراغبين في خدمة وطنهم العودة للشأن المحلي بكل قوة ووضوح، وملامسة احتياجات مجتمعهم وضرورة خدمته..
والأمر لا يقف عند الشباب بل وحتى المسؤول عليه أن يدرك أن مصلحة الوطن تسبق غيره وأن خدمة المواطن أهم من خدمة غيره وأن إشباع احتياجاته تمثل أولوية لا خلاف حولها.. العودة للعمق والداخل الوطني باتت مسؤولية الجميع..
هيا عبدالعزيز المنيع- الرياض السعودية-