دعوة » مواقف

الغيث: الكلباني متناقض و (خاشقجي) حركي.. والإخوان خائنون

في 2016/07/27

في كل أسبوع تستضيف «عكاظ» مغردا في «تويتر» وتجلسه على منصة المواجهة، ثم ترشقه بالأسئلة المضادة والمشاكسة.. هو حوار ساخن هنا كل يوم ثلاثاء، وضيفنا هذا الأسبوع هو الشيخ الدكتور عيسى الغيث عضو مجلس الشورى السعودي، والقاضي -أيضا- في محكمة الاستثمار العربية وخبير الفقه والقضاء الشرعي لدى جامعة الدول العربية.

تقول «يهاجمون الابتعاث ويتهمونه بالتغريب، ثم يبتعثون أبناءهم وحتى بناتهم، ويحرضون على الجهاد المزعوم، وهم عندهم أربع زوجات وأولاد يترفهون بالملايين»، من هم هؤلاء، لماذا لا تكونُ واضحا وتسمي الأشياء بأسمائها؟

سنته صلى الله عليه وسلم حينما يسمع أو يرى أو يبلغه شيء خاطئ فإنه لا يواجهه فرديا غالبا، وكذلك لا يفضح صاحبه أمام الناس، وإنما يقوم للمنبر ويقول: «ما بال أقوام»، فهو بهذا يوصل الرسالة لمن يعنيه الأمر وتتعداه لبقية الناس حتى لا يكرروا الخطأ، وبالتالي فلا يجوز لي شرعا ولا قانونا ولا أخلاقا أن أذكر اسم فلان وعلان، ولا يجوز دينيا ودنيويا السكوت عنهم، وكذلك لا يجوز شخصنة الموضوع وكأنه تصفية حساب، وبالفعل فالناس ملوا وكلوا من هؤلاء الإخوانيين والسروريين وجناحهما العسكري القاعدة وداعش الذين يحرمون على الناس أشياء ثم يفعلونها ويكفرون الناس لأشياء ثم يرتكبونها، والمجتمع السعودي صار واعيا لتجار الدين والكهنوت وبدأت الثورة عليهم من «تويتر» وسوف تستمر حتى يتم تنظيف الخليج من ضلالهم وتضليلهم.

ثورة الأحرار

تغرد قائلا: «هل من (المعقول) أن نكافح فكر داعش بواسطة دعاة يحملون ربع أو نصف أو ثلاثة أرباع هذا الفكر؟» أنتَ أيضا هنا تتحدث عن (أشباح) يادكتور.. من هم هؤلاء؟ لمَ لا تفضحهم طالما الغاية أمن الوطن وسلامته؟

الجواب نفسه أكرره هنا، فليس من أخلاقي فضيحة أحد، وإنما هدفي النصيحة والإصلاح، فكل شاب التحق بالقاعدة بالأمس وبداعش اليوم لم ينزل علينا بالباراشوت من كوكب آخر، بل خرج من محاضن تربوية فكرية يجب معرفتها ومقاومتها، ولا بد أن نعترف بأن هناك بالأمس تقصيرا يتمثل في عدم المبالاة باختراق هذا الفكر والتنظيمات السرية لمجتمعنا وبعض مؤسساتنا الرسمية والأهلية والخيرية، فضلا عن التقصير اليوم كذلك عن اجتثاث هذه الجماعات وتنظيف البلاد والعباد من هذا الفكر الخارجي الخبيث الذي صار يتآمر على وطنه وولاة أمره ويوالي طهران (الولي الفقيه مصدر الثورة) أو إسطنبول (السلطان العثماني الجديد)، ولا فرق عندي بين شيعي تستغله الصفوية لأجندتها الفارسية أو سني إخواني تستغله العثمانية لأجندتها التركية أو يستغله التنظيم العالمي لأجندته الإخوانية، ويجب على الأحرار أن يثوروا على عبيد الغرب والشرق ويوالوا أوطانهم وعروبتهم ودينهم الإسلامي العظيم الذي يخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.

ألا يتناقض قولك السابق مع تغريدة أخيرة لك هي «أجهزة مخابرات محترفة جمعت من بطون كتب التراث أسوأ ما فيها وجمعت لتنفيذها أسوأ البشر ثم دعمتهم وأطلقتهم لتحملنا مسؤوليتهم وتبتزنا بهم ونجحوا.».. كأنك هنا تتحدث عن مؤامرة خارجية؟ فيما كنت تشير سابقا إلى شيء من الداخل؟

سؤالك جدا مهم، ليس هناك أي تناقض، والواقع هو أن هناك أجهزة مخابرات عالمية محترفة وبارعة استطاعت أن تقيم هذا التنظيم بفكر إسلامي متطرف جدا وبأدوات إسلامية بالشكل والخطاب المزعوم فقط من قيادات بعثية وصفوية عراقية وغيرها تبيع ولاءها بالمال ومن أفراد دراويش تبيع أرواحها من أجل جنتهم المزعومة ومعاذ الله نجتمع مع هؤلاء الإرهابيين في الجنة نفسها، ولكن المؤسس والمحرك لهذا التنظيم (داعش) من وراء الستار غير مسلمين موجودون في تل أبيب وطهران وبغداد ودمشق وواشنطن ولندن وباريس وموسكو، ولا ننسى تصريح أياد علاوي حينما قال بعد إسقاط بغداد وصدام أنهم تحالفوا مع عشرين جهاز مخابرات عالميا، وهذا نموذج على تحالفات مخابراتية لهدف ومصلحة مشتركة، فابحث عن المستفيد من «داعش» وستعرف من يقف وراءه، المسلمون بنوعيهم السنة والشيعة متضررون من داعش، وكذلك الدول العربية في حين إسرائيل وإيران تعيشان في أمن سياسي ببركة داعش في حين أن مخابرات العراق وسورية يستفيدون من داعش لحرب عدوهما وإثارة الفوضى الخلاقة وكذلك من بقية أجهزة المخابرات الإقليمية والعالمية، ووجدوا تجار دين ودراويش فاستغلوهم لذلك.

تضع يدك على الجرح وتقول «من تضليل الناس إشغالهم بغيبيات غير ثابتة فضلا عن وصف آخر الحياة والدنيا والآخرة بمرويات كاذبة وتوصيفات تربي على الدروشة بدلا من العقلانية»، في رأيك كيف يمكن تحرير الناس من سجن الغيبيات؟

نعم لو رجعنا لغالب الخلافات بين طوائف المسلمين لوجدنا سببها إما أنه ماضٍ تاريخي له ملابساته أو مستقبل غيبي لا نجزم بحدوثه، ومن الدروشة أن نرهن حاضرنا وحياتنا على ذلك، وكذلك من الدروشة والخداع إشغال الناس بوصف آخر الدنيا وتخويفهم وتضليلهم، بل والكذب عليهم بصور ورسومات وحكايات كلها دَجَل ودروشة وللأسف هذه الكتب تباع في مكتباتنا، ولم نجد أي موقف منها لا علمي ولا رسمي ولا حتى شيوخ مستقلين وذلك بسبب غفلتنا وانشغالنا بتوافه على حساب العقل والمنطق والمصلحة العامة الدينية والدنيوية.

تتساءل: «هل من المعقول أن نفزع لمجرم قاتل فنجمع عشرات الملايين لاعتاق رقبته، ونترك سجناء مساكين غارمين بآلاف فقط من أجل لقمة عيش أهلهم وأجرة سكنهم؟!.».. هذا موضوع مهم وقد طالبك أحدهم بأن يكون النقاش فيه في مجلس الشورى وليس «تويتر»، فهل هدفك إثارة القضايا أم حلها؟ وكيف يمكن توعية المجتمع تجاه مزادات عتق الرقبة؟

لقد قلت عدة مرات في تغريداتي ومقالاتي ولقاءاتي التلفزيونية والإذاعية إن مقعدي تحت قبة تويتر أهم من مقعدي تحت قبة الشورى، فمجلس تويتر فيه عشرة ملايين سعودي وتغريدة واحدة فيه قد تغير قناعات ويصدر بسببها قرارات، كما أن مجلس الشورى له نظامه وصلاحياته وطريقته القانونية لتقديم توصياته الإضافية ومشاريعه التشريعية، ولا أعول كثيرا عليه في مثل هذه الأمور لأن ٩٨%‏ من توصياتنا الفردية الإضافية تسقط عند التصويت مما بعث الإحباط في نفوس أكثر الناشطين فيه، كما أن مقترحاتنا التشريعية كذلك تتأخر وتمر بمعوقات تجعلني أوقن أن تغريداتي ومقالاتي وتصريحاتي المرئية والمسموعة والمقروءة قد تجد طريقها أحسن من مجلس الشورى، ومن ذلك موضوع المبالغة في الديات والبيع والشراء في الدماء بشكل بشع مما جعل المراهقين يستسهلون القتل؛ ولذا أطالب بأمرين الأول أن تقنن الدية ولا يجوز أن تزيد عن الضعف مثلا، وليس بعشرات الملايين كما ترى، فنحن بهذا نقف مع المجرم القاتل عمدا وعدوانا على حساب المقتول ظلما، والأمر الثاني أن يحكم بالقتل تعزيرا على بعض حالات القصاص البشعة التي تستسهل القتل.

نظرية المؤامرة

تشير مرة أخرى إلى المؤامرة وتقول: «إذا أردت معرفة المجرم فابحث عن المستفيد أسرائيل، أمريكا، إيران هم المستفيدون، الخليج ، العرب، المسلمون هم الخاسرون».. هل أنت مسكون بالمؤامرة؟ وإذا كان كذلك فلماذا تنتقد الدعاة والمشايخ وتشير إليهم في العموم دون تسمية؟

أنا ضد «نظرية المؤامرة» التي تجعلنا نعلق كل خيباتنا عليها، فغالبها هي فوبيا وأوهام، ولكني مع «وجود المؤامرة» التي حذرنا منها الله في كتابه والنبي في سنته، فهل نشك في وجود مؤامرات صهيونية وصليبية وصفوية تجاه أوطاننا العربية والإسلامية؟ فالذي يبالغ في المؤامرات مهووس والذي ينكرها مجنون، وأما الدعاة فأنا لا أسميهم لأن سنته هي «ما بال أقوام»، وهي تدل طريقها ويفهمها الناس، وواجبي الشرعي والوطني أن أحذر مما أراه خطأ دون تقصير في واجبي ودون اعتداء على الآخرين، والإصلاح منهج قرآني ونبوي «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله».

«في تقديري أن الوسطية قبل ٧ سنوات كانت لا تزيد عن ٣٠% وصامتين، وأما اليوم ففوق ٦٠% وناطقين ببركة الإعلام والتواصل، فلا تخافوا على هذا الجيل.»، هكذا كانت إحدى تغريداتك الأخيرة، كانت مطمئنة، لكن تغريدات قبلها وبعدها تشير إلى غير ذلك؟ من أين حصلت على هذه الإحصاءات؟

هذه تقديرات شخصية وفقا للوعي العارم والمتسارع الذي أراه عبر نافذة تويتر، وأما قبل ذلك فنعم كنت أشكو من غربة الوسطية وضعفها، أما الآن فالنسبة تتزايد في تقديري، ومن الأدلة انظر الآن إلى المتطرفين والإرهابيين كيف انحسر مؤيدوهم وكثرة الهشتقة ضدهم والحمد لله فقد صار احتسابنا وجهادنا عبر تويتر هو الواضح والناجح.

في حسابك ريتويتات متعددة لبعض ما يطرحه «عوض القرني» وأيضا تغريدات أخرى لآخرين تسخر منه.. هل ثمة خلاف شخصي بينكما؟ وأيضا بينك وبين سلمان العودة؟

ليس بيني وبين هذا ولا ذاك خلاف شخصي أو تصفية حسابات، سوى أن الأخ عوض القرني قد تصدر للناس منذ عشرات السنين وأراه قد خالف بعض الحق في نظري، كما أنه يقوم بتغريدات ورتويتات تسيء لي ولغيري وبالتالي من وضع نفسه هكذا فلا يلوم من ينقده ويحاول نصيحته وإصلاحه وتحذير الناس من بعض فكره وسلوكه، وهذا واجب شرعي ووطني، علما بأن منهجي طول سنواتي الست في تويتر هو عفة اللسان، فلا أذكر أحدا باسمه، وإنما وفق سنته «ما بال أقوام»، لكن أحيانا نضطر لبعض التوضيح بيانا للحق وردا على الباطل الذي تسبب في الأذى والضرر على الوطن والمواطنين مثل تشويه الابتعاث وحرمان بعض أبنائنا وبناتنا منه بسبب تلك التحذيرات المتشددة والمزايدات الظالمة ثم نتفاجأ بأن أولاده تم ابتعاثهم بعكس ما كان يحذر منه.

الانتماء الحزبي

أشدت بمسلسل سيلفي 2، وقلت فيما معناه إنه أكثر تأثيرا من الخطب والمواعظ والمقالات، وشكرت ناصر القصبي لكن الشيخ عادل الكلباني رد عليك بآية قرآنية: «ما لكم كيف تحكمون؟ أفلا تذكرون»؟ لكنك تجاهلته ولم ترد عليه.. هل لأنك لم تجد إجابة؟

أشدت بسيلفي لأنه فعلا يعالج الكثير من أخطائنا بغض النظر عن ملاحظاتنا عليه، ولذا تجد أن الدواعش هم أكثر المحاربين له ولقناة إم بي سي مما يدل على أنه أوجعهم وحذر الناس منهم، ومن الطبيعي أن حلقة واحدة منه لا تتجاوز نصف الساعة يشاهدها أكثر من 30 مليون مشاهد عبر العالم هي أكثر تأثيرا، وبالتالي فهي أنفع من آلاف الخطب المكرورة التي لم تحقق في غالبها الهدف الشرعي، بل صار الناس لا يحضرون إلا في نهاية الخطبة ويشعرون بالنعاس لطول الخطبة وسوء إعدادها وأدائها، وبالتالي ضعف تأثيرها، ولكن هناك بعض الجهلة والمتجاهلين لم يفهموا منطوق هذه التغريدة كدليل على مستوى عقولهم وعلومهم. وأما تجاهلي لعادل وغيره فهذا منهجي في البعد عن المراء والجدل لا سيما من المتناقضين مثله حيث إنه مدح سيلفي في عدة تغريدات ثم جاء يستنكر علي مدحي لمرة واحدة ولهدف مشروع ووطني.

تقول «يردني الكثير من الاستفتاءات عن حكم لبس (النقاب) للمحرمة، والجواب أنه: لا يجوز تغطية الوجه واليدين، ولكن إن كانت ممن يلبسه فيجوز عند الأجانب»،.. لم نجد أي علاقة لك بالإفتاء في البايو الخاص بك في تويتر؟ فهل أنت مفتٍ؟

كل قاضٍ مفتٍ وليس كل مفتٍ قاضيا، وليست المشكلة في أني أفتي وأنا المتخصص في الفقه والقضاء لربع قرن وخبير للفقه والقضاء في جامعة الدول العربية، وبلغت درجة قاضي الاستئناف، ولكن المشكلة فيمن يفتون وهم ليسوا كذلك، ومع ذلك تجد المعارضين لفتاواي بدعوى تنظيم الفتوى هم أنفسهم من ينشرون فتاوى غير المؤهلين والمخالفين للتنظيم، وهذا دليل على أن المشكلة عندهم ليست قانونية فهم يخالفونها وإنما فكرية لكونهم يعارضون آرائي فيحتجون بهذا التنظيم الذي يتجاهلونه عند المفتين الذين يريدونهم بل وعند غير المؤهلين كذلك، والغريب في الأمر أننا نجد في القنوات الفضائية وتويتر متخصصين في علوم القرآن أو السنة أو العقيدة ومع ذلك يفتون في أحكام الشريعة وهم غير مؤهلين في حين أنهم يستنكرون علينا نحن علماء الفقه وأصوله وقضاته الفتوى في تخصصنا ويبيحون لغير المتخصصين الفتوى فيها، وهذا التناقض سببه ضلال فكري وانتماء حزبي.

تقول إن الخلافة، بعد الخلافة الراشدة، هي أكبر خدعة في التاريخ الإسلامي! من خدع من؟ وكيف ينجو المستقبل الإسلامي من استعادة هذه الخدعة؟

الخلافة الإسلامية بنص حديثه هي ثلاثون سنة، وهو عهد الخلفاء الراشدين الأربعة وأربعة أشهر هو حكم الحسن بن علي رضي الله عنه، وما بعده من معاوية في دولته الأموية ثم الدولة العباسية يكون ملكا عضوضا دنيويا لا خلافة إسلامية دينية، وهذا بنص الحديث النبوي، ثم الدولة العثمانية هي احتلال تركي للعرب بزعم الخلافة لتبرير الاستعمار، والغريب في الأمر أن التضليل وصل إلى حد وصف الأموية والعباسية بالدولة، وحينما يصلون للعثمانية يصفونها بالخلافة وهي مجرد سلطنة دنيوية لا خلافة دينية وقد ظلم الترك العرب وأذلوهم خلال خمسة قرون، ويؤسفني أن أجد عربيا يزعم الحرية وهو يدعو لاستعادة هذه الخلافة المزعومة وهم اليوم جماعات الإخوان والسرورية والقاعدة وداعش، فتراهم يوالون آخرين على حساب حكامهم العرب بل ويبشرون بالسلطان الجديد حتى لقبهم البعض بـ «حريم السلطان» حين استباحوا لأنفسهم العبودية لغير مواطنهم وقوميتهم ووقوعهم فريسة لتضليلات جماعة الإخوان التي يستغلها الغير لتحقيق حلمه.

جمال خاشقجي علق بخصوص هذا الكلام قائلا: «عيسى أعرض عن هذا واستغفر لذنبك».. فماذا تقول له؟

لم أرد عليه كعادتي أغرد بما أراه وأترك لغيري حرية التعليق بما يرونه بلا مصادرة، ومن الطبيعي أن يكون هذا موقف جمال لموقفه من الترك عموما كعلاقة جينية وموقفه من الإخوان كعلاقة حركية، ودائما أكرر أن الولاء الوطني والقومي والديني الحقيقي لا يظهر إلا في الأزمات وفي كل أزمة ينكشف لنا الكثير ولكننا للأسف لا نرصد ولا نتعلم من الدروس.

عكاظ السعودية-