دعوة » مواقف

مدونو الذكريات والأدعية يشوهون أسوار البقيع ويعبثون بالمقدسات الإسلامية

في 2016/07/27

تحتضن أسوار مقبرة بقيع الغرقد بالمدينة المنورة (جنوب شرقي المسجد النبوي الشريف ) رفات الآلاف من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لا تزال تلك الأسوار شاهدة على التاريخ منذ صدر الإسلام وحتى وقتنا الحاضر التي شهد فيه البقيع الكثير من التوسعات و العمليات التطويرية التي ترعاها حكومة المملكة لأرض المقبرة الخاصة بأهل المدينة و زوارها أو ما يطلق عليها بـ « جنة البقيع « و التي تُعد أمنية لكثير من المسلمين بأن تكون مأواهم الحميد ، إلا أن أيادي العبث دائماً ما تطال أسوار البقيع المكسوة بالرخام بحسن نية- كما يصف الباحث التاريخي- من خلال تدوين الأدعية و الذكريات التي خُطت بلغات مختلفة على الأسوار من قبل مئات الزوار الذين يتوافدون على المدينة المنورة على مدار العام مما يعد تشويهاً لأشهر المقابر على مستوى العالم الإسلامي .

السحيمي : الكتابة على جدران المقابر لا تجوز بغض النظر عن محتواها

وقال الدكتور صالح بن سعد السحيمي استاذ العقيدة ، في اتصال مع « المدينة : « إن تلك الكتابات على مقبرة البقيع بغض النظر عن محتواها لا تجوز بأي حال من الأحوال ولابد من أن تجرّد المقبرة من أي كتابة حيث نهى الرسول الكريم عن الكتابة على القبور وعليه فإنه من الأولى الحفاظ على أسوارها و عدم الكتابة عليها « ، و أضاف عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة: « قد تشتمل تلك الكتابات على منكر أو دعاء لغير الله أو تعلّق بغير الله أو تبرّك بالموتى أو نحو ذلك مما يعتقده بعض العوام الذين لا يفهمون في مسائل التوحيد«.

و أشار الدكتور السحيمي إلى أن هذا الأمر يُعد تشويهاً للأسوار و يشكل منظراً غير لائق للزائرين و التي قد تسيئ إلى المواقع التاريخية بالمدينة المنورة ، وأضاف: « كل شيء يمكن أن يفضى إلى منكر فهو منكر و الواجب من باب سد الذريعة أن تمحى هذه الكتابات«.

وبارك السحيمي جهود الفريق التطوعي في محو تلك الكتابات بالتنسيق مع الجهات المسؤولة داعياً الله عزوجل أن يجزل لك الأجر و المثوبة و أن يسدد جهودهم لخدمة الإسلام و المسلمين .

كابر : الرحمة و الموعظة الحسنة أفضل الطرق لمعالجة تلك الظواهر

من جانبه قال عبدالله كابر الباحث في تاريخ المدينة المنورة و السيرة النبوية : « إن ظاهرة الكتابة على أسوار البقيع و مقبرة سيد الشهداء نتجت عن عاطفة جياشة صادقة في الغالب عن محبة الزوار للنبي صلى الله عليه وسلم و المدينة المنورة و شواهد السيرة النبوية الحاضرة التي تذكر بهذا المجد العظيم في حياة النبي عليه الصلاة والسلام إلا أن تلك العاطفة و للأسف الشديد صاحبها الجهل لدى بعض الزوار بتلك المواقع و الذي أفضى إلى هذا السلوك المفروض و نحن نحمد لهؤلاء العاطفة في حُب الرسول الكريم لأن المسلم يحمله في قلبه لمدينة النبي و آثاره ولكن هذا الحب وحده لا يكفى ويحتاج إلى علم شرعي لمعرفة قواعد التعامل مع تلك الآثار فضلاً عن أشياءً قد ينتج عنها ضرر عقدي « .

و أشار كابر إلى هذه الظاهرة تكثر في مواقع المعالم النبوية و الآثار في العاصمتين المقدستين ، وقال : « هذه الأفعال غير مقبولة نهائياً و تعد من الممارسات الخاطئة التي تستوجب بأن تقابل بالاحتواء و إفهام الزوار بالحكمة و الرحمة و الموعظة الحسنة من قبل الجهات المسؤولة عن حماية تلك المواقع الإسلامية و نشدد على ضرورة الابتعاد عن الزجر و التغليط « .

الصقر : العوام يركنون إلى الماديات المحسوسة لإشباع الرغبات و ترك الأثر

أكد الباحث الاجتماعي الدكتور خالد الصقر أن: « أغلب العوام يركنون إلى الماديات المحسوسة للتعبير عن دواخلهم النفسية تجاه أي موقف أو قضية و التي قد يصاحبها الكثير من السلوكيات الخاطئة في حين يشرع العلماء و المختصون إلى توجيه تلك الفئة للتعبير عن المشاعر الإنسانية بطريقة لا تشوبها أي ممارسات خاطئة في المعتقدات الدينية إلا أن الكثيرين يعمدون إلى ترك الأثر فعلى سبيل المثال يلجأ الكثير من الزوار إلى التقاط الصور مع المواقع التاريخية و الحجرة النبوية و هذا ما يقودنا في النهاية إلى نفس الفكرة المتمثلة في الماديات المحسوسة التي توثق وصول الشخص إلى تلك المواقع و تعمل على الاشباع الذاتي للرغبات الإنسانية «.

و أضاف : « معظم تلك الظواهر لا تتناسب مع البيئة أو حتى الرقي للحضارة الإنسانية و لا تحاكي قدسية المواقع الإسلامية التي تحضنها المدينة وهو ما يعد من أنواع الأنانية التي تسيئ للمكان و الآخرين و ينتج عنه التشويه البصري للأثر الإسلامي العظيم « .

وطالب الباحث الاجتماعي بضرورة تكثيف الجانب التوعوي من خلال الجهات المسؤولة عن تحركات وفود الزائرين و الحجاج للحفاظ على الآثار والهوية التاريخية للمدينة المنورة و مكة المكرمة و تكثيف اللوحات التوعوية الإرشادية بمختلف اللغات بمواقع الزيارة للحد من تلك الظواهر .

لأمتنا نحيا .. فريق تطوعي يشرع في إزالة الكتابات من أسوار البقيع

قرر فريق لأمتنا نحيا التطوعي بالمدينة المنورة تنفيذ حملة بمشاركة العديد من أبناء المدينة المنورة لإزالة الكتابات من على جدران أسوار بقيع الغرقد وقالت نهلة السحيمي قائدة الفريق: « رصد مجموعة من المهتمين الكثير من الكتابات التي تشوه جدران مقبرة البقيع و قررنا على الفور بالتنسيق مع الجهة المسؤولة في أمانة المنطقة لتنفيذ حملة لإزالة تلك التشوهات البصرية من خلال مجموعة من الشباب المتطوعين من أبناء المنطقة باستخدام الأدوات التنظيف المتخصصة «، وأضافت : « وجدنا تفاعلاً كبيراً من المتطوعين حيث بلغ عدد المسجلين في المهمة الجديدة للفريق التطوعي نحو 100 مشارك من الشباب إلا أن الجهة المسؤولة اقتصرت المهمة على 20 شاب فقط بمشاركة العديد من شركات النظافة المتخصصة التي تعهدت بتزويد الحملة بالمواد الكيميائية المتخصصة لتنظيف الأسوار و إزالة الكتابات و الملصقات « .

وكالات-