دعوة » مواقف

ملف تمويل مؤتمر الشيشان.. الإمارات في دائرة الاتهام

في 2016/09/03

تتصاعد التكهنات حول الجهات الدعمة لمؤتمر الشيشان، الذي عقد في الفترة بين 25 إلى 27 أغسطس/ آب الماضي، ولاقى ردود أفعال سلبية في العالم الإسلامي، إثر محاولته إخراج كل من خالف الأشاعرة والماتردية والصوفية في الاعتقاد، من دائرة أهل السنة والجماعة.

الشكوك حول تمويل دولة الإمارات، ودعم الأمير «محمد بن زايد»، ولي عهد أبوظبي، للمؤتمر عززه علاقته بالرئيس الشيشاني «رمضان قاديروف»، فضلا عن قائمة المشاركين العرب الذين تصدرهم شيوخ يلقون دعما واسعا من أبوظبي.

مؤتمر فرقة

المؤتمر الذي عقد على مدار أسبوع كامل في الشيشان كان عنوانه «من هم أهل السنة والجماعة»، لم يشارك فيه أي رموز المدرسة السلفية سواء من مصر أو السعودية أو غيرهما. كما أنه جاء برعاية نظام مثير للجدل ومعروف بولائه لموسكو وهو ما أثار غضبا واسعا لم يقتصر علماء السعودية، بل شمل علماء ومفكرين من العالم الإسلامي. (طالع المزيد)

المؤتمر الذي رعاه رئيس الشيشان «قاديروف»، حضره شيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والدكتور «شوقي علام» مفتي مصر والدكتور «أحمد حسون» مفتي سوريا.

وأوصى المؤتمر، بـ«حصر أهل السنة والجماعة في الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علما وأخلاقا وتزكية، وإخراج كل من خالفهم من دائرة السنة والجماعة».

وزعم المشاركون في بيانهم الختامي، أن المؤتمر نقطة تحول مهمة وضرورية لتصويب الانحراف الحاد والخطر، الذي طاول مفهوم «أهل السنة والجماعة»، إثر محاولات المتطرفين اختطاف هذا اللقب وقصره على أنفسهم، وإخراج أهله منه، على حد إدعائهم.

وأوصى المؤتمر بعودة ما سماها «مدارس العلم الكبرى» إلى تدريس «دوائر العلم المتكاملة»، لتخريج علماء قادرين على تفنيد مظاهر الانحراف، وطالب بضرورة رفع مستوى التعاون بين المؤسسات العلمية العريقة، وهي بحسب نص البيان «الأزهر، والقرويين، والزيتونة، وحضرموت»، ومؤسسات روسيا الاتحادية.

تمويل الإمارات

ويعد «مؤتمر الشيشان» أحد ثمرات مجلس حكماء المسلمين الذي أسسته أبوظبي في يوليو/ تموز 2014، ويرأسه شيخ الأزهر نفسه.

من جانبها، قالت وكالة أنباء «فارس الإيرانية»، التي أبرزت فاعليات المؤتمر، «يعتقد أنه (المؤتمر) ممول بالكامل من الإمارات»، دون أن تقدم دليلا على حديثها.

الداعية الصوفي اليمني «الحبيب على الجفري»، كان أبرز المشاركين في المؤتمر، باعتباره رئيس مؤسسة «طابة»، التي نظمت المؤتمر بالتعاون مع مؤسسات أخرى بحسب ما جاء في موقعها.

«الجفري» يقيم حاليا في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وهو مقرب من ولي عهدها «محمد بن زايد»، والرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، الذي سبق أن رحب به خلال زيارته للقاهرة مؤخرا، حيث طلب منه في ندوة تثقيفية نظمها الجيش بالقاهرة «تصحيح مفاهيم الدين».

الكاتب السعودي «جمال خاشجقي»، قال إن «ثمة جهة أخرى شاركت مؤسسة طابة في تنظيم مؤتمر الشيشان غير صندوق قديروف الشيشاني هي مؤسسة دعم الثقافة الاسلامية»، بيد أن هذه المؤسسة لم يتم التوصل إلى رؤسائها.

حماقة سياسية أو لعبة خبيثة؟!

«فهمي هويدي»، الكاتب المصري، كان أكثر صراحة، حين قال في مقاله اليوم، إن «سفر شيخ الأزهر (أحمد الطيب) تم دون علم هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث الإسلامية، وإنما بصفته رئيسا لمجلس حكماء المسلمين الذى شكلته وترعاه دولة الإمارات العربية».

وتابع: «الذين دعوا إلى المؤتمر كانوا بعض أهل العلم الذين تم انتقاؤهم، واستبعد منهم علماء المملكة العربية السعودية، الأمر الذى فهم أن الحساسية المشهودة بين القطرين الشقيقين (السعودية والإمارات)، التى ظهرت فى اليمن وفى سوريا، ألقت بظلالها على تمثيل المملكة فى المؤتمر».

وأشار «هويدي»، إلى أن بيان المؤتمر كان له رد فعله العنيف في السعودية، مضيفا: «فتح الباب أمام احتمالات تأجيج الصراع بين الدولتين الشقيقتين (السعودية والإمارات)، ناهيك عن أنه صراع لا لزوم له من الأساس».

وتساءل: «هل هى حماقة سياسية فقط أم أنها لعبة خبيثة لها ما وراءها كما ذكر بعض الكتاب السعوديين؟».

محامي الجماعات الإسلامية بمصر، «ممدوح إسماعيل»، قال أيضا إن «المؤتمر مؤامرة روسية إماراتية ضد الإسلام».

وأوضح «إسماعيل» في تدوينة له على «فيسبوك»: «انعقد مؤتمر روسى في الشيشان بتمويل إماراتى لتحديد أهل السنة، فجمعوا له شواذ الصوفية والمبتدعة واللاهثين للشهرة بأي طريقة، وأخرجوا قرارا لقيطا سفاح بتحديد أهل السنة وأخرجوا منهج السلف من أهل السنة».

وأضاف: «السلفيون يملكون أن يعقدوا مؤتمرا كبيرا يردون على مؤامرة بوتين وهرطقة أوﻻد زايد وعيالهم من الصوفية بكل أريحية».

فيما غرد الصحفي المصري «جمال سلطان»، قائلا: «أي فتنة للإسلام والمسلمين اليوم فتش عن الإمارات، علامة مسجلة الآن للتخريب،في الدين والدنيا».

«القرضاوي» منزعج

رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ «يوسف القرضاوي»، أعرب عن انزعاجه من أهداف وعنوان المؤتمر واصفاً المؤتمر بأنه «مؤتمر ضرار»، مستغرباً من نفي البيان الختامي «صفة أهل السنة عن أهل الحديث والسلفيين».

وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في بيان إنه «قد أزعجني هذا المؤتمر(الذي حمل عنوان من هم أهل السنة والجماعة؟) بأهدافه وعنوانه، وطبيعة المدعوين إليه والمشاركين فيه، كما أزعج كل مخلص غيور من علماء الإسلام وأمته، فرأيت أن أصدق ما يوصف به أنه مؤتمر ضرار»، مؤكداً أن المؤتمرين «ما تعاونوا على بر أو تقوى، كالذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين».

وأضاف منتقداً انعقاد مؤتمر: «برعاية رئيس الشيشان التابع لحكومة روسيا، في الوقت الذي تقتل فيه الطائرات والصواريخ الروسية إخواننا السوريين، وتزهق أرواحهم، وتدمر بيوتهم فوق رؤوسهم بدعوى محاربة الإرهاب، الذي هم صانعوه، وهم أحق بهذا الوصف، وهو أليق بهم».

وتساءل «القرضاوي» عن عدم اعتراض أي «ممّن نصبوا أنفسهم ممثلين لأهل السنة والجماعة» حول «ما تقوم به إيران وأذنابها، من مليشيات حزب الله في سوريا، والحوثيين في اليمن من قتل واستباحة وتدمير، وبعث الدعاة في أفريقيا وآسيا لتضليل أهل السنة، ولا كلمة إنكار لما تقوم به روسيا، ومن يدور في فلكها، ولا عجب».

وتساءل: «ماذا بعد تحديد أهل السنة والجماعة؟! هل سنسمع لكم صوتاً ضد الشيعة والنصيرية في سوريا واليمن والعراق؟!».

و«مجلس حكماء المسلمين» انشئ في الإمارات، عام 2014، لمواجهة «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، ويترأس مجلسه شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب».

وتبدو هذه الخطوات الحثيثة من دولة الإمارات لحيازة بعض الثقل الروحي في مواجهة التيارات الإسلامية التي تعتبرها السلطات تهديدا في عموم المنطقة.

ومع تنامي العاطفة الإسلامية وانتشار التدين بين الشعوب الخليجية، أصبحت الإمارات مضطرة للتأكيد على عدم عدائها للتدين ذاته.

إسلام الراجحي- الخليج الجديد-