دعوة » مواقف

عشرة أسباب تُخرج الوهابية من أهل السنة والجماعة

في 2016/09/08

لقد أخرج مؤتمر (من هم أهل السنة والجماعة؟)، والذي عقد في العاصمة الشيشانية غروزني، الوهابية من قائمة أهل السنة والجماعة. ومنذ صدور بيان المؤتمر، والجهاز الإعلامي للمملكة العربية السعودية يشعر أنه، ولأول مرّة، يجرع من ذات كأس السم القاتل، الذي يتفنن في صناعته وإذاقته لغيره، وهو سم الإقصاء وعدم الاعتراف، والتكفير.

أظنّ أن على «هيئة كبار العلماء في السعودية» أن تتأمل في الأسباب التي تُخرج الوهابية من أهل السُنّة والجماعة، لتعيد إنتاج نسخة أكثر اعتدالاً منها ووسطية. فالأسباب التي بحاجة إلى مراجعة ونقد وتصحيح هي ذاتها الأسباب العشرة التي حددها محمد بن عبدالوهاب للتكفير.
وقد تولّى شرح هذه النواقض وتوضيح مدى تطبيقها، عضو «اللجنة الدائمة للإفتاء» وعضو «هيئة كبار العلماء بالمملكة السعودية»، الشيخ صالح الفوزان، في كتابه «دروس في شرح نواقض الإسلام». ولقد عالجتها في فصل خاص في كتابي، والذي سيصدر قريباً، تحت عنوان «إله التوحش الوهابي»، وبيّنت التوظيف السياسي لها في تأسيس الدولة السعودية الأولى.
يعرّف الفوزان النواقض على هذا النحو: «... ونواقض الإسلام هي مفسداته ومبطلاته، فمن أسلم وشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله، فقد ينقض إسلامه وتوحيده بناقض من هذه النواقض، وهو يدري أو لا يدري، فيكون مرتداً وفي عداد الكافرين».
النواقض إذاً، هي التي تبطل إسلامك، فتخرجك من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر، أو هي التي تنقض شهادة توحيدك. ومعلوم أن التوحيد يمثل موضوعاً مركزيّاً في خطاب محمد بن عبد الوهاب، فكل شيء ينقض مفهومه الخاص للتوحيد يعتبر ناقضاً للإسلام.
هناك عشرة نواقض (أسباب) تعمل كمقدمات عامة ومطاطة لإنتاج التكفير، ينطبق فيها على المسلم حكم الكفر والارتداد والخروج من الإسلام. وقد استخدمت هذه المقدمات بشكل متعسّف طوال تاريخها، ولم تتعرض لأي نقد داخلي، بل اعتبرت محددات وتخوم وأصول تفصلها وتميزها عن بقية المسلمين من أهل السنة والجماعة، الذين اختلفوا في الفروع (الفقه) ولم يختلفوا في الأصول (العقائد).
إن هذا الاعتساف في إنتاج الكفر، من مقدمات عامة، لن تجده إلا عند الوهابية، وهو اعتساف وصل بها إلى حد تكفير من هم أهل السنة والجماعة، كالأشاعرة والصوفية، وعلماء كثر من الحنابلة، بلغ عددهم ستاً وعشرين، بين عالم، وفقيه، وقاض في نجد، في عصر الدولة السعودية الأولى.
سأذكر تطبيقات اعتبرت في الخطاب الوهابي حالات للخروج من الإسلام، ولم يعهدها أهل السنة والجماعة كذلك، أو لم يبالغوا في اعتساف تطبيق الكفر عليها إلا في حالات شاذة لأسباب سياسية.

الناقض الأول: زيارة القبور والتبرك بها، والدعاء عندها. وقد أعطى هذا الناقض حجة شرعية لغزو كربلاء في 1802، وقد روت لنا البعثة الفرنسية في تقاريرها فظائع هذا الغزو، الذي لا يقرّه أحد من أهل السنة والجماعة، في حين ما زالت الوهابية تباركه، وتعتبره من أعمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الناقض الثاني: من يؤمن بشفاعة الأولياء، في حين يذهب أهل السنة والجماعة إلى أن الملائكة والنبيين والصالحين يشفعون يوم القيامة.
الناقض الثالث: من يصحح مذهب المشركين، ويقول إن مذهبهم صحيح يكون كافراً، ويدخل ضمن ذلك من يدعو إلى التقارب بين الأديان أو الحوار بينها. فالمسلم يفترض أن يُبطل هذه الأديان ويحاججهم وينقضهم، بدل أن يتفهمهم ويتقارب معهم. ولا أحد من المسلمين يعتبر أن دعوة الحوار والتقارب مع المذاهب والأديان دعوة دونها التكفير والارتداد.
الناقض الرابع: الإعجاب بالتشريعات الدنيوية والقوانين الوضعية، وتفضيلها. بمعنى أنك بمجرد أن تكون قد دعيت للدولة المدنية فأنت فضلت غير الهدى النبوي، ورفضت التشريع الإلهي، فأنت كافر.
الناقض الخامس: أن تبغض أو تكره أحكاماً شرعية أو معاملات شرعية، مثل إعفاء اللحية أو الأحكام المتعلقة بالمرأة والحجاب، أو أن تتبنى مثلاً آراء تتعلق بأحكام وضعية بالمرأة، أو تشريعات دولية تخالف الشريعة الإسلامية. هذه كلها تدخل في هذا الناقض.
الناقض السادس: أن يُشم منك أنك تستهزئ بالنبي أو بشيء من سنته، أو من صحابته، أو من أحكامه. فكل ذلك يُعدّ ناقضاً من نواقض الإسلام، ويخرجك من الإسلام إلى الكفر. والتعسّف في فهم الاستهزاء باب واسع في الأدبيات الوهابية، ولا تجد له مثيلاً عند أهل السنة والجماعة إلا ما شذ.
الناقض السابع: أعمال السيرك واللهو والألعاب السحرية، لأنها من السحر والصرف.
الناقض الثامن: إظهار المودة للكفار، أو التشبه بهم، أو اتباعهم، أو التقرب منهم أو الاحتفال بمناسباتهم الدينية كأعياد الميلاد.
الناقض التاسع: من يعتقد أن الشريعة تاريخية، والأحكام مرتبطة بزمنها، ويمكن التخلي عنها في الحاضر.
الناقض العاشر: الانصراف عن تعلّم الدين والتفقه فيه. وهذا ينطبق على الرافضة، والصوفية، والقبورية، وغيرهم. بحسب محمد بن عبد الوهاب، لا فرق بين جميع هذه النواقض، بين الهازل والجاد والخائف. فجميعها أبواب جهنم في الآخر بقوة الله وقدرته وفي الدنيا، بقوة السلطة الوهابية وقدرة الدولة التي سجنت عشرات الكتّاب والسياسيين والمفكرين وأصحاب الرأي بحجج هذه النواقض. فيجعل كل ناقض من هذه النواقض في تطبيقاته العملية الوهابية فرقة شاذة عن الخط العام لأهل السنة والجماعة. ولتكون ضمن هذا الخط، فإنها لا تحتاج إلى حملة علاقات عامة، ولا إلى حملات حزم صحافية لتكون من أهل السنة والجماعة، بل تحتاج إلى مراجعة ذاتها ودعوتها (دعوة محمد بن عبد الوهاب) التي تحالفت معها على قاعدة «الدم بالدم والهدم بالهدم»، لتجعل القاعدة الفكر بالفكر، لتتمكن من إنتاج نسخة منقحة من الدم والعنف الذي هدمت به علاقتها مع أهل السنة والجماعة، وأرادت أن تنصب نفسها ناطقاً متفرداً باسمهم، يأتمرون بأمرها ويستجيبون لغضبها.
علي الديري- الاخبار اللبنانية-