جاسر الدخيل- خاص راصد الخليج-
ما فعلته صحيفة الشرق الأوسط قبل يومين كان محرجاً جداً لنا.. كذّبت علنا وبكل وقاحة، وظن صاحب القلم أن فعلته هذه ستمر.. وسيصدق الناس قوله أن نساء الشيعة سيلدن بعد تسعة أشهر ألاف المواليد من نتاج علاقات غير شرعية على هامش الماسبات الدينية في العراق..
غاب عن ذهن كاتب الخبر "الذكي".. أن دولة العراق والطائفية الشيعية عموماً لن يسكتوا على هكذا خبر.. حتى لو كان صادراً عن منظمة الصحة العالمية.. فسيعتبرون أن المنظمة تمس بقدسية المناسبة عندهم. فكيف الحال وقد سارعت منظمة الصحة العالمية الى نفي الخبر جملة وتفصيلاً، مؤكدة كذب رواية جريدة الشرق الأوسط السعودية. وبأنها ستقاضي من فبرك ونشر الخبر، رابط التكذيب في موقع منظمة الصحة العالمية اضغط
وبغض النظر عن الشكل، ففي فعلة الصحيفة السعودية "الرسمية" عيوب كثيرة..
العيب الأول هو أن تفبرك أكبر صحف المملكة خبراً.. وتنسبه الى احدى المنظمات ذات الصدقية العالمية، وبالمناسبة فان منظمة الصحة العالمية غالباً ما تنأى بنفسها عن المشكلات السياسية والأمنية العالمية وتذهب باتجاه التركيز على قضايا وكوارث وآفات صحية كبيرة.
العيب الثاني.. هو أن يصدر هكذا خبر في وجه مناسبة دينية ذات بعد روحي اسلامي عالمي، فلو كان استهدف مناسبة سياسية لبررنا للصحيفة ضغينتها.. لكنها ذهبت للتجرؤ على مقدسات الآخرين وهو ما لا نرضاه نحن السعوديين بحق مناسباتنا حتى لو كانت من النوع القبلي مثل مهرجان الجنادرية، حيث نستفز من قول بعض السعوديين، أنها تتضمن تفلتاً من القيم.
العيب الثالث.. يظهر في خلفية الخبر الكاذب. عندما يذهب فريق تحرير الصحيفة الى الكذب والبهتان، ففي الأمر إن، ربما هالهم أن يشاهدو من يضعونهم في خانة العدو متجمعين بالملايين (ذُكر أن مناسبة الأربعين تجمع سنويا ما يزيد عن 20 مليون زائراً، نصفهم من خارج العراق).. بمشهد سوريالي، وهم متوجهين بالملايين سيراً على الاقدام ولنحو مئة كيلومتر من النجف حيث ضريح رابع الخلفاء الراشدين الامام علي الى كربلاء.
من خلال مراقبة وسائل الاعلام في العالم، فانك ستتفاجئ من حجم الاحترام والتقدير لمشهدية السائرين الى كربلاء في تظاهرة الاربعين الحزينة.. يزيدها أن العراقيين نجحوا بتظهير قدرتهم على تنظيم هذه الحشود لا بل واضافة لمسة ساحرة من قيمهم، كقيمة الضيافة، التي نفتقدها نحن هنا في مواسم الحج والعمرة، فصارت مناسبة لجني الارباح ورفع مداخيل التجار.
وهنا العيب الأكبر.. أن نكذب حتى نفقد هؤلاء الناس مكانتهم.. أن نفتري حتى نأخذ العقل الجمعي للذين لا يشاركون بالمناسبة الى حيث جاذبية الأخبار الصفراء. أن نرمي ملايين المؤمنين بالبهتان فقط لأن تجمعهم الكبير الذي يخالفنا.. أزعجنا.. وربما اذا قلنا عنهم أنهم زناة فسننتصر عليهم في معاركنا السياسية.. عيب علينا فعلاً.
عيب ما فعلته يا رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط سلمان بن يوسف الدوسري، أنت قبل أن تسيء الى العراق اقترفت عيباً بحق المملكة، وبحق خادم الحرمين الشريفين وقيادة المملكة عموماً التي تمول الصحيفة وتدفع راتبك من مال الشعب السعودي.. لقد أحرجتنا فأظهرتنا كاذبين أمام كل العالم، لا بل جعلتنا نقف خجلين من أنفسنا.. وكأننا نرمي محصنة بالزنا دون دليل شرعي.. فيرتد الأمر علينا.. وبدل أن يقام عليها حد الزنا، يصير لزاماً أن يقام الحد على من يرمي المحصنة بالكذب "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [سورة النور : 4].
أنا لا أطالب اليوم باقامة حد الرمي بالباطل عليك... لكن أقل ما يمكن أن تفعله قيادة المملكة ووزارة الاعلام هو أن تحاسب صحيفة الشرق الأوسط بكامل مسؤوليها وعلى رأسهم الدوسري..، لأنه لم يعد جديراً به، فالاعلام والصحافة شهادة صدق.. والدوسري لم يعد أهل لشهادة الصدق.. حيث يصف القرآن أمثاله بالفاسقين.
ان أقل ما يمكن أن تفعله قيادة السعودية اليوم هو معاقبة الدوسري وفق القوانين التي تسري علينا في المملكة... ويتوجب على دبلوماسية المملكة الاستجابة لطلب دولة العراق الشقيق وتقديم الاعتذار من الشعب العراقي الذي أسأنا اليه ومن ملايين المشاركين في هذه المناسبة.. ولا ضير من قيام وزير الخارجية عادل الجبير بالاعتذار من العراقيين.. فبهذا الأمر ربما يعيد الينا بعض الماء الى وجوهنا.. ويرفع عنا كدولة مسؤولية الموافقة على نشر مثل هذه الاكاذيب.