مضت أكثر من 48 ساعة على الفيلم الذي بثه تنظيم داعش الإرهابي، والذي توعد فيه شيعة البحرين بالقتل، واعتبرهم هم والقاعدة الأمريكية في الجفير أهدافاً مشروعة لعملياته.
في الفيلم الذي قاربت مدّته النصف ساعة، ظهر أربعة إرهابيين بحرينيين منضمون للتنظيم المتشدد، وتحدث المدعو أبو عبدالرحيم البحريني مطولاً، ليبرر الأسباب التي تجعل من شيعة البحرين (الرافضة - حسب تعبيره)، هدفاً لعملياتهم.
قال أبو عبدالرحيم البحريني إن شيعة البحرين، تم تمكينهم من قبل أسرة آل خليفة للتحكم في التعليم، والصحة والكهرباء والماء، وزعم أن المرضى الذي يحملون اسم عمر أو عائشة، يموتون دون معرفة الأسباب.
ليس من الصعب معرفة أن هذه الأدبيات هي ذاتها التي استخدمت ضد المعارضة إبان حملة القمع القاسية التي شنتها الحكومة وموالوها ضدهم في مارس/آذار 2011، والتي كانت سبباً في فصل أكثر من 4 آلاف بحريني من وظائفهم.
وهي ذاتها الأدبيات التي تبنى بها مقالات كتاب البلاط، في صحيفة الوطن التابعة للديوان الملكي، أو الصحف الصفراء الأخرى التابعة للحكم بطريقة وبأخرى.
ربما لم يكن هناك جديد في هذا الفيلم، كلنا نعرف بيئة داعش البحرين، لكن ماذا عن الدولة؟ لماذا لم يخرج وزير الداخلية المسؤول عن أمن البلاد والعباد بتصريحات يطمئن فيها الغالبية من مواطني البحرين؟ لماذا على الأقل لم يغرد رئيس الأمن العام في حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي تويتر، أم أن غرض هذا الحساب الرد على منظمات حقوق الإنسان، وتهديد المعارضين فقط؟
بحثنا كثيراً، وجدنا أن صحيفة الأيام التابعة لمستشار الملك الإعلامي نبيل الحمر، طرحت في هذا السياق سؤالا على وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة (خلال مؤتمر صحفي عقده على هامش الجلسة الختامية لمجلس التعاون الأربعاء 7 ديسمبر/كانون الأول 2016).
تساءلت الصحيفة عن "الاستراتيجية الخليجية للتعامل مع الإرهاب في ظل تهديدات خرجت من قبل ما يعرف بتنظيم داعش تجاه البحرين، وكذلك أنشطة إرهابية مدعومة من إيران"، ليس غريباً على صحيفة صفراء كهذه أن تخلط الحابل بالنابل، بأن تساوي بين داعش وجماعات معارضة يصفها النظام بالإرهابية.
جاء رد الوزير كالتالي "هناك جهد دفاعي عسكري قامت به دول المجلس بالتعاون مع الحلفاء لمحاربة «داعش» في العراق، وكذلك في بحر العرب وخليج عدن، ونعمل على جهود مشتركة لدعم الشرعية في اليمن عبر التحالف العربي وهذا أيضًا جهد يصب في مواجهة الإرهاب، كذلك أدرجت دول مجلس التعاون قوائم مشتركة لإدراج المنظمات الإرهابية وكذلك اتفاقيات تنظم وتحدد التعامل مع الإرهاب، وهناك أيضًا جهود كبيرة وإجراءات كثيرة اتخذت لمحاربة الفكر الإرهابي ومنها مراكز موجودة في الإمارات والسعودية".
توقفنا كثيراً عند جواب الوزير، حاولنا جاهدين فهم ما يريد قوله، لكننا لم نفلح سوى أن نجد مجرد كلام إنشائي مكرور، من وزير لم يحمل الشجاعة أن يرد على تهديدات صريحة من داعش لبلده ومواطنيه الشيعة، الذين تعتبرهم أسرته مواطنين من الدرجة الثانية، بل وعوضاً عن الرد على التنظيم المتشدد، راح الوزير يناكف إيران، بل كان أكثر من نصف مؤتمره الصحفي للحديث عن إيران.
تجاوزنا الصمت الرسمي لنصل إلى استنكار بعض الموالين. لكنّهم بدل أن يهاجموا داعش ويستنكروا خطابه هاجموا «مرآة البحرين» واتهموها بتأجيج الطائفية! هل كانت مرآة البحرين هي من جعل «داعش بيننا»؟ هل هي ربّما من حرّضه على تصوير هذا الفيلم؟ هل هي من وفرت له البيئة الحاضنة، أو موله أو روّج إليه؟ وفي الأخير هل كان خطاب داعش مستقى من خطاب مرآة البحرين؟ أم أنه امتداد لخطابات أخرى لا تزال في الذاكرة البحرينية.
هذه أسئلة لا تحتاج إلى إجابة، ولكن كما حرّم الكلام عن درع الجزيرة وجهاز الأمن الوطني والجيش وكل أجهزة السلطة في البحرين خلال فترة الطوارئ، يراد للكلام أن يكون حراما عن «داعش» هي الأخرى. لماذا يتحسس البعض من إدانة «داعش»، والتحذير من خطابها؟ لماذا يريدون أن يعم الصمت كلما خرج تهديد من «داعش» ضد البحرين رغم أن صور عملياتها الوحشية في السعودية والكويت لم تصبح قديمة بعد.
منذ كتاب «داعش بيننا»*، و«مرآة البحرين» تراقب صعود الإسلام الجهادي في ظل تواطؤ كامل من الدولة البحرينية. تعيش الدولة صمتا عن داعش، وتريد الآخرين أن يصمتوا، تماما كـ«صمت الحملان»**، رغم أن هذه التهديدات تصدر عن تنظيم يشغل بال العالم أجمع، وله تواجد حقيقي في البحرين، كُشف منه ما سمّى بـ«خلية داعش»، التي تحوّلت محاكمتها إلى سرّية هي الأخرى.
كل مراقب صحافي لا يسعه أمام هذه الحقائق، إلا أن يملأه الارتياب، متسائلا: لماذا نصمت؟
مرآة البحرين-