حدثني أحد الثقات الذين لا أعرفهم عن ثقة لا يعرفه عن ثقة ثالث عن رابع أن الحياة أبسط من أن تستهلك في الصراع من أجل إقناع الآخرين بأن يعيشوها بنفس طريقتك وأن يبددوا أيامها بذات الطريقة التي تفعلها.
وقال معقبا ـ أي الثقة الذي لا أعرفه ـ إن مما يجعل حياتك بائسة لا معنى لها حتى وإن كنت ترفل في السندس والإستبرق النيوي أن تلجأ إلى تأليف قصص لم تقع ـ أي تكذب ـ من أجل أن تثبت وجهة نظرك في أمر ما، أو لكي تشوه سمعة وصورة من يحمل وجهة نظر مخالفة.
وحدثني ثقة آخر لم أسمع به من قبل عن ثقة لم يره في حياته أنك تستطيع أن تعيش حياتك بالطريقة التي تريدها وتؤمن بما تراه من أفكار دون أن تكون مضطرا إلى فرضها على غيرك من الكائنات البشرية.
وأضاف معقبا ـ أي الثقة الذي لم أسمع به ـ أنه حتى أنبل ما عرفه الإنسان منذ أن وطئت قدماه الأرض وهو «الدين» لا يفرض على الناس ولا تؤلف من أجله القصص الكاذبة لإقناع الآخرين باعتناقه. وأن أشرف من وطئت أقدامهم هذه الأرض وهم «الرسل» ليس عليهم إلا البلاغ.
صحيح أن «أحاديث الثقات للثقات» ممتعة وتعطي مجالا رحبا لخيال الناقل لكي يضيف ويعدل ويغير السيناريوهات في كل مرة حسبما تقتضيه الحاجة، لكن الكذب يظل شيئا ممجوجا وإن كان ممتعا.
الطريقة السهلة التي تجعل الحياة أكثر متعة وأقل ألما ـ لم يخبرني أي ثقة بهذا ـ هي أن تنشغل بنفسك أكثر مما تنشغل بحياة الآخرين وكيف يعيشون حياتهم. أن تكف عن «اللقافة» وأن تصلح نفسك أو تعطبها، وتدع الآخرين وشأنهم.
وعلى أي حال..
النصح وإبداء الرأي ليس أمرا سيئا، وقد يكون مطلوبا، لكن فرض الرأي على الآخرين، و»محاولة» إجبارهم على الحياة بالطريقة التي يريدها الناصح أو الواعظ أمر في منتهى السوء، إنها الوصفة الأمثل لصناعة المنافقين الذين يعيشون حياتين، واحدة للناس وأخرى للاستخدام الشخصي!
عبدالله المزهر - مكة السعودية-