الفتاوى التي يجب أن تُمنع -إلا من الجهات المخولة بالفتوى فقط ولا تشمل حتى من تأذن لهم هي بالفتاوى- هي ما يتعلق بالأحكام التي تصدر في سياق القتل أو القتال، أو الجهاد والولاء والبراء، أو التكفير، أو التي ترد في سياق المذهبية والحزبية
بدأت الشذوذات الفقهية أو ما يعرف بالفتاوى الشاذة في غزو المجتعات والبلدان الإسلامية، بسبب كثرة الدخلاء على العلم الشرعي، وسهولة نشر شطحاتهم خلال الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، واستمرارها المحتمل إن لم يوضع لها حد، لأن المجاملة على حساب العلم هو ما يبعث على انتشار الفقه الضعيف، فالمعالجة على مستوى العلم هي الوسيلة الأنجع، لكن يمكن كحل فرعي أو مؤقت للمشكلة أن نقوم بوضع تنظيم للفتوى حفاظا على الإسلام نفسه، وحفاظا على سمعة الدولة والمجتمع، بل حفاظا على المسلمين في الغرب، حتى لا تسن أنظمة ضدهم هناك بسبب فتوى ساذجة في دولة عربية، فهم لا يفرقون بين بلد وبلد في اختلاف الفتوى، وإنما يعتبرونها دينا واحدا.
وفي المقابل، هناك من لا يرى حاجة لوضع نظام، ويعتبر أن هذا نوع من المحاربة للاجتهاد، وأنه لا يمكن حصر الفتوى في جهة معينة أو علماء محددين، ولو كانوا معتبرين أو كثيرين من حيث العدد، فمهما كثروا لن يبلغ التحديد 1% من العلماء والباحثين وطلبة العلم في أي دولة تعداد سكانها بالملايين، ولذا فالمناسب أن يكون المنع بنوع الفتوى وليس بنوع المفتي.
فالفتاوى التي يجب أن تُمنع -إلا من الجهات المخولة بالفتوى فقط ولا تشمل حتى من تأذن لهم هي بالفتاوى- هي ما يتعلق بالأحكام التي تصدر في سياق القتل أو القتال، أو الجهاد والولاء والبراء، أو التكفير ولو كان تكفيرا للعام أي غير المعين إلا لجماعات انقرضت، أو الفتاوى التي ترد في سياق المذهبية والحزبية، أو تؤدي إلى الإقصاء أو تحمل إساءات لأي فرد أو مجموعة، وكذلك فتاوى التأديب الجسدي أو إيقاع العقوبة الجسدية أو المالية، فكل هذه الصور تُسند للجهات الرسمية.
وأيضا الفتاوى التي لا تندرج ضمن الاجتهاد أو الإضافة إلى العلم نفسه، بحيث لو انتشر مثيلها لقلنا إن هذا العصر عصر اجتهاد، ولا تحمل الطابع الفكري العلمي، وإنما مربوطة بتحريض أو تقييم أشخاص أو جماعات أو توصيف لهم، أو حث على إلغاء نظام أو المطالبة به، أو تحوي استنفارا وجلبة للقيام بعمل معين، أو ذات طابع نكوصي تتسبب في الإساءة إلى الإسلام أو الدولة، وغالب هذا النوع يحمل أمثلة أو مفردات سطحية أو توصيفات ساذجة، فهذه يجب منعها.
وكذلك منع فتاوى المطالبة بإقامة حد الردة على فرد بعينه سواء خلال القضاء الرسمي أم غيره، من خلال المنابر أو سائل التواصل الاجتماعي، فالقضاء لا يحتاج إلى التنبيه الإعلامي على كفر شخص أو زندقته، وإنما خلال إقامة الدعوى كأي قضية جنائية.
عبدالله العلويط- الوطن السعودية-