كان سماحة مفتي المملكة (عبدالعزيز آل الشيخ) وما زال وسيظل من أشد الفقهاء على التطرّف والتشدد؛ لأنه يقول رأيه بلا مواربة، وإن أغضب دعاة (بني صَحْيُون)، وإن أطلقوا عليه سفهاءهم من جماهير أججوا عواطفها باسم الدين!
ويسجل التاريخ ـ الذي لا يظلم ولا يرحم ـ أنه أفتى ـ مطلع الألفية ـ بأن ما يسمى بـ(العمليات الاستشهادية) هو من قتل النفس المحرَّم، وأن المفجِّر قاتلٌ لنفسه، ومصيره للنار ـ كما ينص الحديث ـ بغض النظر عمَّن يكون العدو!
ورغم أن فتواه كانت أبعد ما تكون عن (السياسة) مضمونًا وتوقيتًا؛ إلا أنه واجه هجومًا فاجرًا، لم يتورع عن الخوض في عرضه وذمته!!
ومثله واجه أعضاء (هيئة كبار العلماء) ما دعا المقام السامي لإصدار المرسوم الشهير (2011) بقصر الفتوى على أعضاء الهيئة، ومحاسبة من يتصدر لها من خارجها؛ مستغلًا بعض (الفضوات القنائية) ومواقع التفاصل، والتسافه؛ لتحريض الدهماء، ودق إسفين الفرقة بين الشعوب وعلمائها!
ومنذ ذلك المرسوم أخذ أعضاء الهيئة زمام المبادرة؛ فصاروا يدينون التفجيرات الإرهابية فورًا، ويتصدون لدعاوى الحقد ويمزقون كبد الحاقد في حينها!
والتاريخ أيضًا يسجل لفقهائنا الكبار ـ منذ عهد المؤسس العظيم ـ أنهم يصدرون فتاواهم بشفافية؛ منوهين إلى عدم الإجماع ـ كما في مسألة (التأمين) والمساهمة في البنوك ـ وحتى إن خالفت الحكومة؛ فهم يعون (بالإجماع): أن لولي الأمر الشرعي أن يأخذ بما يراه؛ مراعاةً للمصلحة العامة في المسائل المختلف فيها، كما في مسألة مضاعفة المخالفات المرورية؛ إذ أفتى سماحة المفتي بعدم جوازها، فيما أخذت الحكومة برأي من يعدها عقوبة إضافية جديدة للتأخير، وليست مضاعفة للعقوبة الأولى!!
وها هو سماحته يبرئ ذمته، ويعلن رأيه في السينما من باب (درء المفاسد)، وهو رأي يمثل كل من يغار على بلده ومجتمعه المسلم، ولكنه في الواقع تأييد للسينما؛ إذا ـ وإذا فقط ـ ضمنت (هيئة الترفيه) خلوَّها من جميع الشبهات!
ولا تجد في عرض سماحته أي تشنج أو مكابرة؛ كما في سفسطة بعض المهووسين بالتحريم، حين تسأله عن الفرق بين السينما والتلفزيون؟ فيزعم أن شر التلفزيون خاص، وشر السينما عام!
ولن نستغرب من يأتينا غدًا بدراسة علمية؛ تثبت تأثير مشاهدة السينما على مبايض السعوديات فقط من بين نساء العالمين جميعًا!!!.
محمد السحيمي - مكة السعودية-