أكد مجموعة من الدعاة أن الأسرة هي المؤسسة التربوية الكبرى التي يقع على كاهلها الدور الكبير في تربية النشء وتعليمهم بكل ما هو مفيد، وتحصينهم من كل ما هو مضر من أفكار منحرفة أو آراء ضالة تسعى جهات أخرى لإغواء هؤلاء الأبناء، مشيرين إلى أن هناك تراخيا من بعض الأسر في متابعة الأبناء مما جعلهم صيدا سهلا لبعض الجماعات المتطرفة.
السؤال القائم هل غابت الأسر عن دورها التربوي والتوعوي والتصدي للأفكار المنحرفة والآراء الضالة في ظل الثورة التقنية الحديثة؟!.
الخثلان: الأسرة هي خط الدفاع الأول التي بصلاحها يصلح المجتمع
في البداية أكد عضو هيئة كبار العلماء سابقا الأستاذ الدكتور سعد بن تركي الخثلان، أن الأسرة هي خط الدفاع الأول التي بصلاحها يصلح المجتمع، وعمادها هما الوالدان وعليهما مسؤولية عظيمة أمام الله ثم أمام المجتمع.
وأشار الخثلان إلى أن من أسباب الانحرافات الفكرية التي وقع فيها بعض الأبناء كانت بسبب ضعف العلاقة بين الوالدين والأبناء وأن غيرهم احتضنوهم، مشددا على ضرورة مناقشة الأبناء عندما يقع لديهم شبه.
ولفت الخثلان إلى أن من الوسائل المهمة لتحصين المجتمع التمسك بالعقيدة الصحيحة، ولزوم جماعة المسلمين، ولزوم العلماء الراسخين، والعناية بالأسرة، وقيام المؤسسات العلمية بدورها المطلوب لكل ما من شأن إصلاح الشباب والنشء، وتفعيل دور المساجد، وقيام الإعلام بدوره، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق منهج السلف الصالح.
المنصور: هي السد المنيع للتصدي لمحاولات الاختطاف من قبل أصحاب الأفكار الضالة
ومن جهته، أبان الداعية الإسلامي الشيخ أحمد بن عبدالله المنصور أن الأسرة هي السد المنيع للتصدي لمحاولات اختطاف أبنائها من قبل أصحاب الأفكار الضالة والآراء المنحرفة، بل تقوم بتوعيتهم ضد هذا الفكر المنحرف، وكشف أساليب الفئة الضالة وفضح أفكارهم وآرائهم وأعمالهم الإرهابية.
وزاد المنصور أن الأسرة هي الحاضن الأول للشباب من حيث التربية والمتابعة والإشراف ومعرفة الأصدقاء والأصحاب وتوعية والإرشاد؛ لأن الشاب إذا وجد فراغا في حياته وكانت أسرته بعيدة عنه وعن متابعته وتربيته وتوعيته ونصحه فإنه سيجد من يحتويه من المتطرفين الذين سيملؤون عقله بالأفكار المتطرفة، ومن ثم الانخراط في عالم تلك الجماعات المنحرفة عن الصواب التي أدعت أنها من أهل الإسلام، والإسلام منها بريء؛ لتتلاعب بعقول الشباب وتدفعهم إلى عالم المجهول والويلات.
وأضاف المنصور أن معظم من تأثر بالأفكار الضالة والآراء المنحرفة هم من الأحداث أصحاب التعليم والعلم القليل وبالكاد أجزم أنهم لم يحصلوا على رعاية أسرية جيدة مما جعلهم صيدا سهلا لأصحاب هذه الأفكار بل أن أسرهم لم تحرص على تعويد أبنائه على إبداء آرائهم واحتوائهم.
وأردف المنصور أنه على الأسرة زيادة وعيها لحماية أبنائها من الوقوع ضحية للأفكار المتطرفة، فالأسر التي يحظى أفرادها بثقافة كافية تستطيع مواجهة أي فكر ضال أو منحرف وتستطيع تحصين أبنائها ضد هذا الفكر، بل تساعدهم على تحسين أوضاعهم المهنية والعملية بدلا من الالتحاق بعالم الإرهاب والفكر المنحرف والجماعات الضالة.
السبيعي: التقنية الحديثة جعلت الأسرة تتخلى عن الأصول وتتمسك بالشكليات والقشور
ومن جانبه، أشار الباحث الاجتماعي الدكتور صالح بن سعد السبيعي أن مؤسسة الأسرة تعد المؤسسة التربوية في الصف الأول للتصدي لهذا الفكر الخبيث وتحصين أبنائها منه. وأضاف السبيعي مما يجب أن ندركه ونضعه في الحسبان أن التغير الذي صاحب الأسرة في المجتمع خلال السنوات الماضية، أبان ظهور التقنية الحديثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات أصبح يشكل حاجزا بينها وبين أفرادها في محيطها التربوي والقيام بواجباتها على أكمل وجه فتخلت عن الأصول وتمسكت بالشكليات والقشور في دخول هذا العالم الجديد دون فلترة أو تحصين وزرع القيم، التي تتيح للأبناء حسن التعامل مع هذه المواقع فلا عجب أن نرى المعرفات المستعارة تشكل نسبة عالية جدا في مواقع التواصل الاجتماعي وبالنظر إلى السبب الرئيس في هذا الشأن نجد أن الخلل لن يخرج من إطار التنشئة والتربية الأسرية، التي تفتقد للثبات في ظل تخليها عن الأصول والواجبات التي وكلت بها في تربية أبناء الوطن فلا عجب أن نرى الأب أو الأسرة تستنكر ابنها، الذي أصبح من أجندة مروجي ومثيري الفتن دون علمها بالدهاليز والغرف المظلمة، التي يتواصل عن طريقها مع مثيري الفتن من داخل المنزل.
وزاد السبيعي أن سهولة اختراق الأسرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وسحب أبناءها لمستنقع الإرهاب عبر مروجي الفكر الضال ومروجي الفتن واحتوائهم بعبارات مغلفة لا تثير الشك في أن بعض الأسر اليوم باتت السبب الرئيس في ظهور مثيري الفتن ودعمهم عبر دهاليز وغرف مظلمة في المنزل يتوحد الأبناء في جنباتها مع أجهزتهم المتطورة دون حسيب أو رقيب.
وأردف السبيعي أنه صاحب الاختراق نتائج مؤلمة أخطرها تفجير وقتل وتأليب على مصالح الدولة وزعزعة الأمن، فمن فضل الله على هذه البلاد أن أجهزة أمنه حاربت هذا الفكر واجتثت منابعه.
وقد صمت الأسرة واعتمدت على أجهزة الأمن في القضاء على هذا الفكر دون أن تعي حقيقة دورها في هذه المواجهة حتى مع ظهور قنوات التواصل الاجتماعي الحديثة استغلتها الأسرة أسوأ استغلال، ولم تع الدرس الحقيقي والدور الملزم لها القيام به، فالصراع اليوم بين أطياف المجتمع واتجاهاته وأسمائه المستعارة في مواقع التواصل الاجتماعي وبخاصة عبر موقع التواصل الاجتماعي لتوتير واليوتيوب والوتساب يثبت لنا هذه الحقيقة.
ونوه السبيعي بأن ضبط الأسرة المؤسسة التربوية لأبنائها يعني ضبط المؤسسات الأخرى في المجتمع وعلى رأسها المدرسة والجامعة ومؤسسات الدولة الأخرى وما يلحق بها في مصالح شؤون الوطن، لذا فإن دور الأسرة في حماية أبنائها وشباب الوطن من خطر هذه المواقع والقنوات ينطلق لينافس التطور السريع والتقني لهذه المواقع والقنوات فتعزيز وترسيخ العادات والتقاليد والمفاخر والتعصب القبلي والرياضي يقف حجر عثرة في طريق الأسرة.
ولفت السبيعي إلى أن الإعلام بشتى أشكاله الرسمية والتجارية ينخر في المجتمع وتشعل قنواته نار الصراع في عرض ما يخالف القيم أو إثارة العصبية والتعصب فتستمر ديمومة الصراع وتنتقل إلى المدرسة والجامعة ويستغل مروجي ومؤيدي ومثيري الفتن هذا الصراع في تنظيم وزيادة صفوفه ومن هنا تتشتت الجهود في القضاء علية وتُلقى التهم من كل جانب وتفتقد الأسرة لدورها الرئيس بالشكل المطلوب. فالواجب اليوم كبير في حماية شباب الوطن من هذا الخطر، ففي الوقت الذي تعاني بعض الأسر من تمرد بعض الأبناء والتحرر والانفتاح وترك الواجبات مازالت تعاني وتكابد ضعف الخدمات والأزمات التي تعاني منها كأزمة الإسكان والبطالة والفقر وغيرها، التي اشغلتها عن قيامها بالدور المطلوب منها ومازالت تقف حاجزا منيعا في تكامل دورها التربوي تجاه الأبناء والمجتمع فيُستغل ضعف هذا الجانب من قبل مثيري الفتن لتأليب الأبناء للتحرر و الإنكار والرفض والسعي وراء المخلص والوهم، الذي يقبع خلف الأقنعة عبر غرف مواقع التواصل الاجتماعي والاستراحات، فضلا عن السفر لمواطن الفتن فتشحن الهمم للثأر والانتقام ممن يدعون أنهم سلبوا حقوقهم، أن الأسرة بحاجة إلى ولاة الأمر والمسؤولين والعلماء في النظر في جميع شؤونها وتوفير احتياجاتها الأساسية، ليتكامل العطاء وتقوم بدورها بشكل كامل في سلام وأمان.
وألمح السبيعي إلى أن الدراسات الاجتماعية أثبتت أن من أخطر الأمور، التي تواجهها الأسرة اليوم هو التسارع الزمني للتقنية الذي شكل فجوة كبيرة بين بعض الأسر وأبنائها الذين يتتبعون كل جديد بمعزل عن الأسرة، فما زالت بعض الأسر تعيش بعيدا عن هذه التقنية وتفتقد لضبط الجانب التربوي في هذا المجال، لذلك كان واجبا على المحاضن التربوية والمؤسسات التعليمية الاقتران بالأسرة والنهوض بها لمسايرة هذا التسارع كل في مجال تخصصه واهتماماته لمواجهة خطر التقنية، الذي يستغله ضعاف النفوس في الترويج لأهدافهم والسير بها جنبا إلى جنب مع بقية مؤسسات المجتمع الأخرى.
المدينة السعودية-