دعوة » مواقف

دعاة وراء القضبان.. السعودية تسعى لتحديد دور علماء الدين في الحياة العامة

في 2017/03/06

لم يكن اعتقال الداعية السعودية «سعد البريك»، أمس، الأول بين أقرانه من الدعاة في المملكة، بل سبقه عشرات من الدعاة خلال السنوات الأخيرة.

كما سبقه بأيام فقط، اعتقال الداعية «عصام العويد»، وسط أنباء وتكهنات عن مصادر صحفية، أن اعتقال الدعاة يهدف إلى مواجهة أي رفض لسياسة المملكة، التي تتجه حاليا إلى ما يعتبره مراقبون تعزيز نفوذ الليبراليين في بعض المجالات، ضمن متطلبات الإصلاح الذي تتبناه الحكومة السعودية.

وعلى الرغم من أن «محمد الحضيف»، كان أبرز من تم اعتقالهم لأسباب سياسية، خلال الأشهر الماضية، بيد أن باقي المعتقلين جاء إلقاء القبض عليهم لأسباب تتعلق برفضهم أنشطة وممارسات داخل المجتمع السعودي وليس لها علاقة بالسياسة.

اعتقال الدعاة في السعودية، بدأ قبل سنوات طويلة، حيث يمكث الداعية «سعود العبيد القحطاني» في سجن الطرفية بمحافظة بريدة، منذ عام 1991 بعد اعتقاله في المدينة المنورة على خلفية توزيع منشورات ضد الحكومة السعودية.

كما يعتبر «وليد السناني» أبرز الدعاة القدامى المعتقلين في السعودية، وهو المحبوس في سجن الحاير السياسي بالرياض منذ عام 1994.

ويعد «سعود الهاشمي» من أقدم الداعاة المحبوسين، خاصة أنه ألقي القبض عليه في 2 فبراير/ شباط 2007، حيث كان اجتماعهم من أجل صياغة بيان إصلاحي يوجه للملك يطالبون فيه ببعض الحقوق للشعب السعودي.

كما لا يزال الداعية «فراج الراشد» المعتقل منذ 2003، داخل محبسه دون مبرر، بعد أن صدر صك بإخلاء سبيله، إلا أن هذا القرار لم ينفذ حتى الآن.

«خالد الراشد»، هو الآخر أحد أبرز الدعاة المحبوسين منذ 2005، وذلك على خلفية دعوته للتظاهر ضدّ الدنمارك على بسبب الرسوم المسيئة للرسول، ويواجه حكما بالسجن 15 عاما.

كما أن «سليمان العلوان»، يواجه حكما بالسجن 15 عاما، بعد أن تم اعتقاله من جديد في أكتوبر/ تشرين الأول 2013، رغم انه خرج من محبسه في 2012.

يواجه أيضا الداعية «وجدي الغزاوي» مالك قناة «الفجر» الفضائية، المتقل في 2014، حكما بالسجن 12 عاماً ومنعه من الظهور في كل وسائل الإعلام، بعدما إدانته بالتواصل مع جهات معادية للدولة.

يذكر أنّ عشرات آخرين، تعتقلهم السلطات السعوديّة منذ سنوات، بتهم شتّى، أبرزها الخروج عن ولي الأمر والإفتئات عليه، والتكفير وغيرها من التهم، دون محاكمتهم والفصل في قضاياهم.

كما يتعرّض أقارب هؤلاء الدعاة والمشايخ بالإضافة إلى عائلاتهم إلى تتبعات أمنيّة ومضايقات خلال زياراتهم لهم في السجون، وذلك وفق ما كشفه ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي.

أما في عهد الملك «سلمان»، الذي تولى حكم البلاد في يناير/ كانون الثاني 2015، فقد كانت أبرز الاعتقالات على النحو التالي:

محمد الحضيف

وفي 19 مارس/ أذار 2016، قالت مصادر أمنية سعودية إنه تم القبض على الكاتب السعودي «محمد الحضيف» بمطار الملك خالد الدولي في الرياض، لدى عودته للمملكة قادما من تركيا.

وقالت المصادر الأمنية حينها، إن عملية توقيف «الحضيف» جاءت بعد  شنه حملات إعلامية ممنهجة ومنظمة على دولة الإمارات وسياساتها وحكامها.

لم يشفع دعم الأكاديمي السعودي البارز والخبير الإعلامي، لسياسات الملك «سلمان بن عبد العزيز»، ودفاعه عن توجهات المملكة داخليا وخارجيا، من التوقيف والاعتقال، بعد أن وجه سهام النقد إلى سياسات الإمارات وولي عهد أبو ظبي الشيخ «محمد بن زايد». (طالع المزيد)

سليمان الدويش

وفي 23 أبريل/ نيسان 2016، اعتقلت السلطات السعودية، الداعية «سليمان الدويش»، مشيرين إلى أن هجومه على برنامج «زد رصيدك»، هو السبب الرئيسي.

وكانت «الدويش» كتب عبر حسابه على «تويتر»، قبل اعتقاله بأيام: «سؤال صريح ومباشر: متى سيتوقف هذا السخف في زد رصيدك، ويتحول إلى ما فيه زيادة رصيد نافع للأمة، مانع من أبواب الفتنة المغلقة كذباً».

وأضاف: «يضن بعض الإخوة والأخوات، أن نقدنا هو لكل ما يخرج في قناة بداية، وهذا خطأ، فنحن نقف مع ما ينشر فيها من الخير والفائدة، ولكننا ضد المهازل والانفلات».

قبل أن يكتب المغرد السعودي «مجتهد»، في يونيو/ حزيران، قائلا: «الحقيقة أنه معتقل بأمر بن سلمان، ولو لم يكن كذلك لبادرت الجهات الأمنية بالبحث عنه، لأن بن نايف، حريص عليه وعلى سلامته لما يقدم للداخلية».

عبد العزيز الطريفي

كما اعتقلت السلطات السعودية في 24 أبريل/ نيسان 2016، الشيخ «عبد العزيز الطريفي» من داخل منزله في الرياض.

لكن الداعية السعودي د.«سلمان العودة» أعلن عن تلقيه رسالة من الشيخ «الطريفي» يخبره فيها بأنه بخير، ونشر نص الرسالة على صفحته الرسمية بموقع «تويتر» والتي كان في أولها إرسال التحية لـ«العودة» والدعوة له بدوام الصحة والعافية.

وأكد «الطريفي» أنه لا يواجه إيقافا ولا اعتقالا إنما هو في مكان لائق، قائلا: «نحن بخير والأمر إلى خير بكل حال، والله لطيف بعباده.. نسأل الله التيسير.. وليس إيقافا أو اعتقالا بل بمكان لائق لنقاش بعض الأمور».

وتباينت الأنباء حول سبب اعتقال «الطريفي»؛ ففي حين أرجع البعض الاعتقال إلى تعليق الأخير حول تنظيم «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» الجديد، والذي وصفه بـ«المعطل» لدورها، إلا أن آخرين اعتبروا أن تغريدات الشيخ الأخيرة حول الحكام هي السبب الأساسي للاعتقال.

وقال «الطريفي»، قبل اعتقاله بيومين عبر «تويتر»: «يظن بعض الحكام أن تنازله عن بعض دينه إرضاء للكفار سيوقف ضغوطهم، وكلما نزل درجة دفعوه أُخرى، الثبات واحد والضغط واحد فغايتهم (حتى تتبع ملتهم)».

إبراهيم السكران

وفي يونيو/ حزيران 2016، اعتقلت السلطات السعودية الباحث الشرعي «إبراهيم السكران»، وزج به في سجن البحث الجنائي بالرياض.

وأرجع ناشطون سعوديون سبب اعتقال «السكران» إلى «انتقاده المبطن» لمسار السياسات السعودية مؤخرا، خاصة فيما يتعلق بالاعتقالات، وملاحقة بعض الشباب.

فيما أرجع آخرون السبب في اعتقاله إلى انتقاده للإعلام السعودي، وهو نفس السبب الذي اعتقل من أجله الأكاديمي البارز «أحمد بن سعيد»، قبل أن يتم الإفراج عنه.

وأشاد عدد من الناشطين بدور «السكران»، في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»، واعتبروا أن تغريداته السابقة عن التنظيم أصابت الأخير بمقتل.

يشار إلى أن «السكران» وجه رسالة قبل سنوات إلى العاهل السعودي السابق الملك «عبد الله بن عبد العزيز»، طالبه فيها بالتدخل من أجل حل قضية المعتقلين واعتقال النساء.

عصام العويد

وفي 25 فبراير/ شباط 2017، أعلنت السلطات السعودية، القبض على الداعية السعودي «عصام العويد» بتهمة تمويل المنظمات الإرهابية.

وقالت مصادر أمنية إن «قرار ضبطه، جاء بعد عدة تغريدات تحريضية مسيئة للوطن وولاة الأمر، ودفاعه عن الإرهابيين»، وأوضح أنه «تم التحقيق معه في هيئة التحقيق والادعاء العام، وقررت إحالته للمحاكمة، حيث أنه اتجه إلى نشر تغريدات عدة، ينتقد فيها بعض الموضوعات المثيرة للجدل مطلقا تهديدات لأصحاب القرار، وهادفا من وراء ذلك إلى إيهام العامة في حالة القبض عليه بأن إيقافه بسبب ذلك».

وأشار المصدر أن «العويد»، «اتجه إلى إقفال هاتفه الجوال، وهرب إلى منطقة صحراوية محاولا الهروب إلى العراق أو سوريا، بالتنسيق مع عناصر الدولة الإسلامية في سوريا، قبل أن تنجح الجهات الأمنية في القبض عليه».

وفي بيان منسوب لأسرة «العويد»، نفت الأخيرة أي علاقة لابنها بتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية، مؤكدة أنه «اعتُقل بالفعل قبيل صلاة الجمعة من منزله في العاصمة السعودية الرياض، وأنه ما زال قيد التحفظ لدى الجهات الأمنية». (طالع المزيد)

سعد البريك

وفي 5 مارس/ آذار 2017، اعتقلت السلطات السعودية الشيخ «سعد البريك».

وبحسب مصادر، فإن «البريك» كان في طريقه إلى جدة قبل أن يتلقى اتصالا من المباحث يستدعيه للتحقيق، فطلب منهم تأجيله لحين العودة من السفر لكنهم أصروا على إلغاء سفره والحضور للتحقيق.

المصادر أضافت أن «البريك» امتثل لطلب المباحث باحتجازه بعد نصيحتهم أن «اعتقال الداخلية له سيكون أفضل من قيام الديوان الملكي بذلك».

ويرجح أن اعتقال «البريك» جاء في سياق صراع رجال الدين مع توسع نفوذ الليبراليين وتقييد دور العلماء ضمن خطة الإصلاح.

الخليج الجديد-