قبل سنوات، انتشرت صورة لعلبة سمك تونة كُتبت عليها عبارة «حلال»، كانت هذه الصورة محل تندر الجميع، فالسمك لا يُذبح وكله حلال، بناء على ما تعلمناه وفهمناه منذ كنا أطفالا.
لكن يبدو أن واقعنا لا يختلف كثيرا عن علبة التونة التي احتاجت إلى كلمة «حلال» لتضمن وجودها على موائدنا.
عندما نسمع أشهر وأجمل الأغاني يتم تحويلها إلى شيلات. عندما نرى أسماء القروض البنكية تحولت إلى مرابحة، تورّق، قرض حسن. عندما نرى أشهر الدعاة يطلون علينا في الفضائيات التي كانوا يحرمونها.
الأمثلة كثيرة على ممارساتنا التي احتاجت إلى ختم «حلال» ليتقبلها الناس، ولذلك نحن دائما نقدم الحرام على الحلال، وعندما يفرض الواقع نفسه نضطر إلى إيجاد مبررات لنحلل ما حرمناه سابقا!
الأمر لا يتوقف على الماضي فقط، وسنستمر نعاني من التشدد في حاضرنا، وربما في مستقبلنا. ويبدو أننا سنحتاج لختم «حلال» كثيرا لنواكب باقي الأمم، خصوصا بعد أن تبين لنا من تجربة طويلة أن التحريم لمجرد التحريم لا يصمد طويلا أمام المتغيرات التي نعيشها، وأمام التنوع الثقافي والانفتاح الكبير الذي نشهده.
كثيرة هي الأشياء التي كنا نعتقد بحرمتها، ثم عرفنا متأخرا أن التحريم فيها كان مجرد رأي متشدد لا أكثر. هذا التأخير له ثمن، وهو إعاقة التنمية والوعي، وهو بالضبط ما حدث للأتراك عندما حرّم علماء الدولة العثمانية «الطباعة» تحت حجج واهية، كانت نتيجتها تأخرهم أكثر من 200 سنة عن مسايرة بقية العالم
عبدالله العقيل- الوطن السعودية-