أكَّد الدكتور يوسف بن عبدالله الوابل نائب رئيس هيئة المستشارين بالرئاسة العامَّة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أن التطرف هو اختيار العيش على هامش المجتمع والتربّص به للانقضاض عليه في أية لحظة، بتبرير أنَّه مجتمع غريب عن نفسيَّة المتطرفين وهو سبب مآسيهم، وأن الوقوف على النقيض من سياساته وتوجهاته.. هو السبيل الوحيد للفت انتباه المجتمع لمن يعتقدون أنهم يعيشون فيه غرباء، فاعتقادهم أن فرض منطق التطرف على المجتمع كله أو الانتقال به من التطرف الفكري إلى الإرهاب المسلح يشبع في أعماقهم مشاعر مكبوتة ناجمة عن غرابة الانتماء أو انفصام الذات عن المجتمع أو تعدد الانتماءات.. بالسعي لإثبات الذات عن طريق صنع بطولات منتقمة من الآخر.
وقال الوابل: إن العلاقة بين التطرف والإرهاب هي علاقة إحساس نفسي بالغربة، ونزوع سلوكي بالقوة، فكل متطرف هو مشروع إرهابي مؤجل بانتظار الظروف ففي ظل التدافع المادي العنيف بين السلطة القائمة والعناصر المتطرفة والجماعات الإرهابية يصبح المجتمع كله مهددًا، وتصيب الفتنة الأقربين والأبعدين والمواطنين والرعايا لقوله عز وجل: «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً»، فإذا حصل هذا في أي مجتمع، أو في أية دولة ولم تهبّ القوى المجتمعيَّة مع النخب والجهات الرسميَّة، بتطويقه في المهد اتسعت رقعة الصراع، وتوالدت المخاطر التي يمكن أن نسوق منها بعض النماذج على سبيل التذكير، لا الحصر، لأن الإرهاب الفكري أو السياسي أو الأيديولوجي (القائم على عقيدة ما) إذا تحوَّل من مجرد قناعات إلى فعل مادي، فإنه يفرض واقعًا استثنائيًّا على حياة الناس.
وأشار الوابل في هذا الصدد إلى بعض هذه الآثار المتعدية للدلالة على المخاطر الجسيمة التي يشكلها التطرف والإرهاب على الحقوق والواجبات، بل على مقاصد الشريعة الإسلاميَّة نفسها، حيث يصبح الحديث عن حفظ النفس، والدِّين، والعرض، والعقل، والمال، وصيانة الحريات الفرديَّة والجماعيَّة حديثًا استثنائيًّا يسبقه الحديث عن حق واحد، هو الحق في الحياة (أي حفظ النفس من التهديدات الإرهابيَّة).
وقال الوابل: إن العنف والتطرف والإرهاب ليس صناعة إسلاميَّة، كما تريد بعض الأطراف إلصاقها بالإسلام، أو حصرها في جغرافيَّة العالم الإسلامي والخطاب الإسلامي، بل هو نتاج هجين للنظام العالمي المنحاز بتفوقه التكنولوجي وبامتلاكه لوسائل الردع النووي وبحيازته «حق النقض» لفرض سياسة الأمر الواقع على شعوب العالم الثالث كلها.
وكالات-