مشايخ الكمبودي الفاخر في زمن الخريف العربي رأيناهم في المنابر والقنوات وحساباتهم المليونية في تويتر يصرخون بأعلى أصواتهم للخروج في الثورات، ويبشرون بالنصر لدولة الخلافة -جماعة الإخوان-.
يقول أحد مشايخ الكمبودي الفاخر وهو يصيح بأعلى صوته ويتصبب عرقا من شدة الحماسة في منبر أحد الجوامع المصرية: «الأمة الإسلامية الآن تعيش تحت الملك الجبري، بالجبر، ولكن سيرفع الله هذا الملك ثم تكون الخلافة، فنحن الْيَوْمَ ننتظرها، أقسم بآيات الله إنها قادمة، ولكأني أنظر إليها بعيني الآن».
كان هذا الخطاب بالتزامن مع تقلد أحد أعضاء جماعة الإخوان للحكم في أعظم دولة عربية جمهورية مصر، فكانت حينها حساباتهم في تويتر لا تهدأ بالتغريدات عن التبشير بمستقبل باهر للأمة الإسلامية في عصر الخلافة القادم لا محالة.
يغرد وهو يعيش مجد الحلم الذي يمني نفسه أن يراه قريبا، بل إن أحد مشايخ العود الكمبودي الفاخر قال في برنامج مباشر على قناة مهمة في عصر الثورات التي دمرت بلادنا العربية، إن ما يحدث في القاهرة من ثورة على الحكومة ليس ببعيد عن دول الخليج العربي، محاولا تأجيج الفتنة والثورة في الخليج، ولكنه صدم بردة فعل الشارع السعودي والخليجي بأكمله الذي عارض الفتنة التي حاول أن يؤججها حتى تم إيقاف برنامجه، فأعلن الشارع الخليجي ولاءه وثقته بقيادته في تلاحم ألجمهم فذهبوا يحاولون إشعال الفتنة في سورية واليمن وليبيا حتى دمروها، وكانت ستكون كذلك مصر لولا تلاحم الشعب المصري وثقافته ووعيه التي طردت من يحاول أن يسرق منهم وطنهم.
العجيب في هؤلاء المشايخ أنك تراهم يحاولون التأثير في جمهورهم المتعاطف معهم تحت مسمى العاطفة الدينية، في كل مناسبة يَرَوْن أنها ترفع من قدر حزبهم، ولكن عندما يتعلق الأمر بالوطن فإنهم يشغلون أنفسهم بالترويج لمسابقات رمضانية، وإعلانات عن أفخر عطور الكمبودي، وكأن الأمر لا يعنيهم.
عندما تمت محاولة الانقلاب على الحكومة في تركيا، وجدنا مشايخ العود الكمبودي الفاخر يناهضون هذا الانقلاب، رغم أنهم باركوه في كل الدول التي قامت فيها الثورات، يقول أشهر عشاق الكمبودي الفاخر أثناء محاولة الانقلاب التركي: «اللهم من أراد تركيا بسوء أو اضطراب فأبطل كيده، وافضح أمره، واجعل دائرة السوء عليه». ويقول الآخر: «دعواتكم بحفظ تركيا من المكر العالمي والصهيوني، ومن المتآمرين داخلها، لقد أصبح وجود تركيا القوية الآمنة النامية المحافظة على هويتها مقلقا للأعداء».
أنا لا ألومهم على دعم حكومة تركيا فلهم حرية الخيار، ولكن سؤالي لهم إذا سمحوا لي فضيلتهم لماذا لم نر مثل هذه التغريدات والمواقف المؤيدة لوطنكم عندما وقفت على صف واحد لفضح سياسة قطر الداعية لتقسيم دولتكم؟ لماذا لا نرى هذا التأثير على متابعيكم في تويتر وغيره؟ ولماذا لا يكون لكم موقف مثلما كان مع تركيا عندما أعلنت حكومتكم أن هناك مؤامرة تديرها جماعة الإخوان بدعم وستار قطري بالسر والعلن للتأثير على سيادة وطنكم؟ لماذا تسمعون مقاطع موثقة لحكام قطر وهو يتآمرون على قادة بلادكم ووطنكم وتتجاهلون التعليق عليها؟
بهذه التساؤلات أنا لا أشكك في وطنيتكم، ولا أسيء الظن في نياتكم، ولكنه أمر يحيرني أن أراكم تدافعون عن قضايا حزب بكل قوة وحماس، ولكن لا أرى لكم أي دفاع أو تفاعل عندما يتعلق الأمر بالوطن.
أمر يحيرني للغاية أن أرى جميع قنوات التأثير في الدولة تقف بجوار وطنها في مواجهة وكشف التآمر على سيادتها وشعبها، حتى الملحقيات الثقافية السعودية في معظم دول العالم مثل الصين وأميركا حثت الطلاب المبتعثين على عدم الحجز على الخطوط القطرية، تطبيقا لتعليمات القيادة الرشيدة التي تدافع عن مستقبلنا واستقرارنا، وأنتم رغم تأثيركم في شريحة كبيرة من المجتمع لم نشاهد لكم أي وسيلة تأثير عبر منابر المساجد أو المحاضرات التي تنشطون بها والتجمعات الشبابية التي لا تغيب عن برامجكم الأسبوعية، كل ما سجله التاريخ لكم في هذا الوقت هو التجاهل والانشغال بمسابقات رمضانية، والتسويق للكمبودي الفاخر برشة العطر، وكأن كل ما فعلته حكومة قطر ضد دولتكم لا يعني لكم شيئا.
فهد عريشي- الوطن السعودية-