دعوة » مواقف

سحب كتب المتطرفين ودعاة الضلال.. مؤتمنون على عقول أبنائنا

في 2017/06/21

لم تكن المرة الأولى التي قامت بها وزارة التعليم للتعميم على مدارسها وجامعاتها لمنع كتب الجماعات الحزبية وأصحاب الفكر الضال، ودعاة الإرهاب، فقد سبق أن عممت قبل سنتين من الآن بالتأكيد على مديري المدارس الحكومية والأهلية والجامعات، بمنع دخول أي كتب أو مطبوعات للمكتبات المدرسية، أو مراكز مصادر التعلم، أو ما يصل إلى مكتباتها عن طريق الإهداءات أو التبرع إلا بعد عرضها على وكالة الشؤون المدرسية، مشددة على أهمية الاكتفاء بما يتم اعتماده من الوزارة، وأهمية اختيار المسؤولين لإدارة مصادر التعلم من المختصين الموثوق بهم والمشهود لهم بالفكر المعتدل، كما سبق وتم التوجيه بتكوين لجنة في كل مؤسسة تعليمية للقيام بجولات للتأكد من خلوها من الكتب المخالفة للأنظمة والتعليمات.

ولايكفي أن تقوم وزارة التعليم بمنع الكتب داخل أروقة مؤسساتها فالأهم بناء الحصانة الذاتية لبناء جيل صالح، فالوقاية أفضل استراتيجية لمواجهة الانحرافات الفكرية، وعدم الخضوع لقوى الضلال.

وبسبب توجهات بعض دعاة الإرهاب وما تمثله أفكارهم الهدامة من خطر على فكر الطلاب والطالبات لأهمية هذا الموضوع وحساسيته، فقد عممت وزارة التعليم وللمرة الثانية على كافة مؤسستها التعليمية بسحب كتب ومؤلفات المدعو يوسف عبدالله القرضاوي "مصري الجنسية" وبشكل عاجل والتأكد من عدم وجودها في مكتبات المؤسسات التعليمية بكافة أنواعها التعليم العام والجامعي، والتأكد من خلو مكتبات الجامعات والكليات والمدارس وإدارات التعليم، وسحبها إن وجدت وعدم نشرها مستقبلاً وذلك لما قد تشكله مؤلفات المذكور من خطر على فكر الطلاب والطالبات، حيث تم تصنيفه ضمن قائمة الإرهاب.

وجاء ذلك في تعميم إلى جميع إدارات التعليم والجامعات والمؤسسة العامة للتدريب الفني وقطاعات الوزارة في المناطق والمحافظات، بناءً على البيان الصادر في مدينة جدة بتاريخ 13 رمضان 1438 هـ الموافق 08 يونيو 2017 م الذي أعلنت فيه كل من المملكة، ومصر، والإمارات، والبحرين.

ويأتي المنع على ضوء التزام المملكة بمحاربة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، ومكافحة الفكر المتطرف وأدوات نشره وترويجه، والعمل المشترك للقضاء عليه وتحصين المجتمعات منه، وما تضمنه البيان من الاتفاق على تصنيف ( 59 ) فرداً و ( 12 ) كياناً في قوائم الإرهاب المحظورة لديها.

وأبان تعميم الوزارة أن يوسف القرضاوي قد ورد اسمه من ضمن الأسماء المدرجة في قوائم الإرهاب والمعلن عنها في البيان الصادر والمشار له آنفاً.

بناء الهوية

من جهته قال د.سليمان العقيل- استاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود-: ان وزارة التعليم، والتعليم العالي، مؤتمنة على عقول أبناء الأمة وبناء الثقافة والانتماء، من هنا كانت مهمتها ليست العملية التعليمية بذاتها ولكن بالمحتوى التعليمي والثقافي البناء.

ومن المعلوم أن التعليم العام عَصّب المجتمع والعالم العالي عقله المفكر والمبدع والمحرك نحو بناء المستقبل وتحديد مساراته واتجاهاته في البناء وإعادة البناء للهوية والمستقبل والكيان والانتظام في المجتمع الدولي وأخذ المكان اللائق، من اجل ذلك كان التعلم العالي حيوياً ويعرف من خلال محتواه توجهات المجتمع ورؤاه وخياراته المستقبلية سواء كانت دافعة نحو الامام او متراجعة نحو الخلف، من هذه المقدمة يمكن أن نحدد بعد تلمّس واقع التعليم العالي لدينا وتقدير الآثار لهذا الواقع على عقول الشباب والمجتمع سلباً وإيجاباً.

وأضاف: إن الانفتاح الاجتماعي والاعلامي والفضائي على المجتمع ساهم كثير في التسطيح للمجتمع بعامة ومنها التعليم العالي، نذكر من هذا التسطيح، دخول مقررات ومخرجات كليات التربية التي تُعنى بالتعليم الابتدائي، للتعليم العالي، فبدأ الاستاذ يهتم بوسائل توصيل المعلومة (للأذكياء!!) على حساب الفكرة من المادة العلمية وعمق البحث فيها وإيجاد الحلول الفكرية لها.

والاعتماد على الوسائل بدلاً من الحث على العمق، وخلط المعلومات وإدخال الذاتي للمعلم فيما يعرض من حقائق وافكار علمية قد تحرف الحقيقة الى تفسيرها الذاتي، وهذا يكون من خلال أدلجة المعلم او من خلال القصور العلمي له، ويضاف إلى ذلك في العملية التعليمية أن الكتب المدرسية بالتعليم العالي يتم اختيارها من قبل الأساتذة والكتاب دائماً يعكس كاتبه أو من يوصي به، لذلك نجد ان هناك (مذكرات، كتب، إحالات، مقالات....الخ) قد تخالف او تعاكس او تشوه محتوى المجتمع الديني والاجتماعي والسياسي، ويرجع السبب في ذلك لمجموعة من الأسباب، أهمها: الاستاذ بتوجهاته ومحتواه الفكري مهما كان، ضعف الاستاذ الفكري والعلمي مما يمكنه عدم ادراك مايوصي به، ضعف الولاء والانتماء الحقيقي للمجتمع ومحتواه، الانتماء الفكري والثقافي للأستاذ المختلف عن محتوى المجتمع، وقد يكون الاستاذ من ذوي الاجندات والتحزبات الفكرية والمذهبية او يحمل معاداة مبطنة للمجتمع ومحتواه.

ثقافات وافدة

وطالب التعليم بأهمية وجود لجان او جهات محددة تُراجع كل مايتم تداوله بين أروقة التعليم وخصوصا التعليم الجامعي وأهمها المحاضرات لمنع ما يخالف الشرع ومحتوى المجتمع وثقافته، وهنا ليس المقصود الوصاية على التعليم والثقافة بقدر ماهو محاولة مساعدة الأستاذ وتصويب مساره لصالح المجتمع، وعدم وجود سنوية لمحتوى التعليم وما يطرحه الاستاذ في محاضراته من قبل الأقسام، وهذه الفكرة يجب ان تتحقق ففي الإجازة الصيفية يجب على الأقسام مراجعة ما عرضه كل استاذ خلال الفصلين المنصرمين، لا سيما أن النظام التعليم يوجب إبلاغ الاستاذ للقسم بكل ما قام اثناء العملية التعليمية، وهذه الإجراءات ضرورية لضبط الجودة وتوائمها مع المحتوى المجتمعي للاستمرار والاستقرار وبناء عقول ناضجة ومستنيرة بعيدة عن الأفكار والطروحات التي يعج بها المجتمع الخارجي لا يعني ذلك الانعزال والانطواء الثقافي، ولكن الطرح بما يفيد وما يجعل الطالب مستوعباً للطروحات الثقافية الأصلية والثقافات الوافدة بوعي تام وعدم الانجراف او تبني أفكار مضادة في ظاهره الصحة وباطنها الدمار.

التهييج والتحزب

واعتبر د.عبد السلام السحيمي- عضو لجنة المناصحة وعضو مركز التميز البحثي لقضاء الفقه المعاصرين الأستاذ المشارك بقسم الفقه بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة-، تعميم وزارة التعليم والمتضمن سحب كتب من لديهم توجه فكري منحرف قرار سليم وحكيم وفيه مساهمة في معالجة فكر الإرهاب لان هذه الكتب فيها دعوة للتحزب وتهييج المجتمع ضد علمائه وولاة أمره وهي منبع من منابع الإرهاب والتطرف ولها اثر سيئ على الطلاب، حيث يعمد بعض المعلمين بحث الطلاب وترغيبهم باقتناء هذه الكتب ومطالعتها والعمل بها ومعظم الطلبة لا يستطيعون التمييز بين الحق والباطل الموجود بهذه الكتب فيتأثرون سلبا بما فيها.

وأكد د. السحيمي على أن علماءنا الكبار مثل ابن باز وابن عثيمين - رحمهما الله - يقفون بشدة ضد الكتب المنحرفة ويحذرون منها ومن المناهج المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة التي قامت عليها بلادنا وسار عليها علماؤنا.

جولات رقابية

ويرى الدكتور عبد الرحمن الصبيحي - أخصائي نفسي وتربوي- أن سحب وزارة التعليم لبعض الكتب لمؤلفين يدعون للإرهاب والانحراف الفكري خطوة مهمة وصريحة للتخلص من هؤلاء المؤلفين الذي شوهوا صورة الإسلام بمؤلفاتهم، ولابد من محاربة مؤلفاتهم التي تدعو للفكر المتطرف، والمفاهيم المغلوطة، والتي تؤثر على النشء نفسياً لأنه سيتأثر بما يطرح أمامه من أفكار منحرفة وكتب تقوده للتطرف والإرهاب.

لذا فمن الضروري التخلص من هذه المؤلفات، واستبدالها بمؤلفات تدعو للوقاية الفكرية وحمايتهم من التطرف ودعاته، وربط النشء بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وغرس الانتماء لله ورسوله ثم لولاة الأمر والعلماء، وبث روح الوسطية فيهم والتي تميز بها دين الإسلام، فهو دين وسط في كل شيء.

وأضاف ا.د. الصبيحي: أن الكتب أو المؤلفات المتوفرة في مكتبات التعليم التي تتجاوز مئات الآلاف لا يعني أن هذه الكميات الكبيرة من الكتب يصعب التعامل معها أو عدم القدرة على فرز ماهو مضر وماهو مفيد، والحل يكمن في الآتي: لدينا أسماء مؤلفين معروفين فعندما نحصر هذه الأسماء سنستطيع أن نستخرج الكتب التي ألفوها ومتوفرة بمكتبات التعليم بمؤسساته المختلفة، فنفرز من تلك المؤلفات مانريد ونبقي مانريد، وبالتالي نكون قد تخلصنا من نسبة كبيرة لاتقل عن 50% من حل المشكلة، والبقية وهي 50% الأخرى تتطلب أن يكون هناك متطوعين أو لجان من المعلمين في المدراس والأساتذة في الجامعات، وطلبة علم موثوقين يقومون بجولات على تلك المكتبات وتكون الجولا والزيارات بعد التخلص من الكتب المراد التخلص منها والمشبوهة والممنوعة من التداول لأي سبب كان.

وعن الكتب الأكاديمية التي لايمكن التخلص منها يتم تحديد لجنة تنظر في أمر هذه الكتب وتحديد الأجزاء غير المناسبة وحذفها أو طمسها. والتخلص من كل مايشوب مكتباتنا مما يؤثر على طلبتنا.

الحصانة الذاتية

وعن أسلوب المنع قال د. الصبيحي: لا يكفي أن تقوم وزارة التعليم بمنع الكتب داخل أروقة مؤسساتها فالكتب لم تعد ذات أهمية بعد انفتاح الفضاء وتطور التقنيات، حيث يستطيع الطلبة وعيرهم الوصول لما يريدونه عبر الاتصال بالشبكة العنكبوية، التي تلبي كافة الرغبات وتنشر الغث والسمين، ولكن يأتي دور بناء الحصانة الذاتية التي هي الأهم لبناء جيل صالح، فالوقاية وبناء الحصانة الذاتية والمجتمعية هي أفضل استراتيجية لمواجهة الانحرافات الفكرية، وعدم الخضوع لقوى الضلال، وهذا اسلوب أو منحنى اصلاحي تعزيزي إن جاز التعبير مع الشباب، ويقوم على بناء وتعزيز قدرات الشباب الفكرية والاجتماعية والسلوكية وتنمية ثقافتهم.

مضيفا: لعل وزارة التعليم تستثمر في تحصين أبناء المجتمع من أوبئة «الانحرافات الفكرية»، من خلال برامجها الوقائية لحماية المجتمع من المهددات وأهمها المهددات العقائدية المنحرفة، وإبعادهم عن أخطار الانحرافات السلوكية والفكرية داخل المنشآت التعليمية، ويتم ذلك من خلال بناء برامج تدريبية متخصصة في تنمية المهارات السلوكية والفكرية الإيجابية.

جيل واعٍ

وقال د. ناصر العريني -مدير عام البرنامج الوقائي الوطني فطن بوزارة التعليم- أن البرنامج الوقائي الوطني فطن يقوم بدور كبير في تحصين الطلاب والطالبات من الانحرافات الفكرية والنفسية المختلفة من تنمية مهاراتهم الشخصية والاجتماعية، عبر خطته الاستراتيجية، والتدريبية، والإعلامية، في مسعى أن يكون البرنامج مرجعية وقائية عبر ما يقدمه من منتجات تستهدف الطلاب والطالبات.

وأكد أن البرنامج يهدف في النهاية إلى صناعة جيل واعٍ من مرحلة رياض الأطفال مرورا بكافة مراحل التعليم العام حتى نهاية المرحلة الجامعية مقدما شكره للإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض على جهودها في نجاح البرنامج متطلعا للمزيد من الإسهامات التي تحقق أهداف البرنامج، موضحا أن البرنامج يحظى بدعم كبير من ولي العهد ورئيس مجلس أمناء البرنامج الوقائي الوطني للطلاب والطالبات "فطن" سمو ولي العهد وذلك لما يمثله البرنامج من قيم وأهداف تحقق التحصين النفسي للطلاب والطالبات وتعزز لديهم القيم الدينية، والاجتماعية، والأخلاقية.

تحصين الشباب من فكر التطرف والإرهاب مسؤولية الجميع

القرضاوي يستغل مؤلفاته ومنابر الإعلام والمساجد لتهييج الشباب وتحريضهم ضد أوطانهم

وقاية النشء من الفكر المتطرف مسؤولية عظيمة.

الرياض السعودية-