دعوة » مواقف

بعد تحجيم دورها.. ما هو مستقبل "هيئة الأمر بالمعروف" السعودية؟

في 2017/07/28

أحمد علي حسن - الخليج أونلاين

عند الحديث عن ضبط حياة المواطنين اليومية في المملكة العربية السعودية، تكون الهيئة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حاضرة على رأس العمل؛ لكن هذا القول يعبر عن واقع لنشاط الهيئة في فترةِ ما قبل "تنظيم 2016".

"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، هيئة رسمية سعودية مكلَّفة تطبيق نظام الحِسبة المستوحى من الشريعة الإسلامية، كما توصف من قِبل بعض وسائل الإعلام بـ"الشرطة الدينية"، أو "رجال الهيئة"، وأحياناً "الهيئة" فقط للاختصار.

"الهيئة" التي يبلغ عدد أفرادها نحو 4000 رجل، وتأسست عام 1940، تعرضت لانتقادات لاذعة على مدار سنوات من عملها، وأحدثت جدلاً واسعاً في محطات عدة، خاصة فيما يتعلق بدورها وطبيعة عملها، والمسؤولية الملقاة على عاتقها.

الجدل ظهر مجدداً على السطح بعد تغيرات وتعديلات طرأت على عمل "الهيئة"، أبرزها موافقة مجلس الوزراء السعودي في 11 أبريل 2016، على تنظيم جديد للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحدُّ من صلاحياتها التنفيذية.

التنظيم الجديد شمل منع رؤساء وأعضاء "الهيئة" من إجراءات الضبط الجنائي والإداري، والتحفظ، والمتابعة، والمطاردة، والتثبت من الهوية، والقبض، ليتحول دور "الهيئة" إلى الدعوة للمعروف والنهي عن المنكر بمبدأ اللين والرفق فقط.

كذلك، فإن التنظيم اكتفى بدور محدود لـ"الهيئة"، يقوم على تقديم مذكرات إبلاغ رسمية إلى الشرطة أو الإدارة العامة لمكافحة المخدرات فيما يظهر لها من مخالفات، الأمر الذي نظر إليه لفيف من السعوديين على أنه تدخُّل وإضعاف في عمل "الهيئة"، التي تشكل لبنة أساسية للحياة في الشارع السعودي.

- محط خلاف

وقبل هذه القرارات، كانت "الهيئة" تسيّر دوريات في المناطق العامة؛ لتطبيق حظر المشروبات الكحولية، وتشغيل الموسيقى الصاخبة في الأماكن العامة، والتأكد من إغلاق المحال وقت الصلاة، ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء من غير المحارم، وتفرض أيضاً ضوابط للحشمة في ملابس النساء.

آنذاك، أثار قرار تنظيم عمل "الهيئة" جدلاً واسعاً في الشارع السعودي، وانقسمت الآراء بين معارض يرى أن هذه التغييرات ستفتح المجال أمام كثير من التجاوزات التي اعتاد السعوديون ضبطها من قِبل "الهيئة"، ومؤيد ينظر إليها على أنها في محلها.

المرحبون بتحديد الصلاحيات كانوا مستاؤون مما سموه "انتهاكات عناصر الهيئة"، خاصة في قضايا؛ حريق مدرسة البنات الشهير في مكة سنة 2002، والانتهاكات الشهيرة ضد عائلة سعودية بعد مطاردتها في 2010.

لكن على الرغم من ذلك، فإن موجة الاستياء من تحديد عمل "الهيئة" تعالت في السنة الأخيرة؛ إذ ظهر جلياً تراجع عملها؛ الأمر الذي أظهر استياءً لدى بعض السعوديين، في ظل وجود تجاوزات كانت تضبطها "الهيئة" خلال عملها.

مؤخراً، تعالت وتيرة المطالبة بعودة عمل "الهيئة" تحت وسم (هاشتاغ) #انحلال_فالاسواق_اعيدوا_هييتنا، من منطلقٍ استند إلى تجاوزات كثيرة من المواطنين، ومظاهر وصفوها بـ"الفساد" لم تكن موجودة وقت وجود "الهيئة" بصلاحياتها السابقة.

وتساءل أحد السعوديين على صفحته بـ"تويتر": "إلى أين نحن ذاهبون؟ تُلْغى #هيئة_الأمر_بالمعروف! تُفْرض الرياضة على بناتنا! يذاع في البلاد الطرب والصخب!! أليس مجتمعنا محافظاً؟!".

في حين اعتبر معارضون لعودة صلاحيات "الهيئة" أن ضبط الشارع ومظاهر الفساد التي يخلّفها غياب الوازع الديني والأخلاقي لدى الشباب، يحتاج إلى دور تربوي وتثقيفي تقوم عليه الأسرة والمدرسة، بعيداً عن "الهيئة" وفرض القوة، على حد قولهم.

- فتاة التنورة واغتيال الخضير

حادثة "فتاة التنورة" زادت الطين بلة، حيث أثارت نجمة مواقع التواصل الاجتماعي المعروفة بـ"خلود مودل" جدلاً في السعودية، بعد انتشار مقطع مصور لها وهي تتجول بتنورة وقميص قصير في إحدى قرى المملكة؛ ما استدعى تدخُّل جهات سعودية لإيقافها.

التدخل الحكومي بتوقيف الفتاة لم يخفف من الجدل؛ فقد شهد وسم #مطلوب_محاكمه_مودل_خلود نسبة تفاعل واسعة، وظهر في أكثر من 100 ألف تغريدة، وانقسم المتفاعلون مع الوسم إلى فريقين؛ الأول يطالب بمحاكمتها لمخالفتها تقاليد وقوانين المملكة التي تفرض زياً محدداً على نسائها، في حين دعا الفريق الثاني إلى احترام حرية اللباس.

لكن الرأي الأبرز للمتفاعلين على "تويتر" حول قصة "خلود"، وظهور مشاهد لم يعتدها الشارع السعودي منذ تأسيس المملكة، أرجعوا السبب فيه إلى تراجع دور هيئة الأمر بالمعروف وغيابها عن الساحة السعودية، خاصة بعد تعليقها على القضية، وأطلقوا وسم #بغياب_الهيية_فتاة_تتعرى

الداعية السعودي أحمد الغامدي، الذي شغل سابقاً منصب رئيس فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة، كتب في حسابه الرسمي على "تويتر": "هذه الصورة ستكون مستفزة جداً أكثر من فساد الصحة وضعف التعليم، وعرقلة المشاريع وأزمة الإسكان والحقوق المسلوبة، تنورة واحدة ستزلزل مجتمعاً كاملاً".

تعليق "الهيئة" على قضية الشابة التي عُرفت بـ"خلود مودل"، جاء ضمن بيان مقتضب، قالت فيه: إنها "رصدت مقطع فيديو للفتاة وأبلغت الجهات المختصة. إشارةً إلى المقطع المتداول، فإن الرئاسة رصدت وأجرت ما يلزم حيال المخالفة".

وفي حدث مثير جديد، أعلنت وسائل إعلام سعودية اغتيال رئيس فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمركز "الخبرا" في منطقة القصيم (وسط المملكة)، إثر تعرّضه لرصاصتين في الصدر، وقالت السلطات الأمنية إنها تحقق في مقتل الشيخ فهد الخضير.

وتفاعل مغرّدون سعوديون مع خبر مقتل الشيخ فهد الخضير، ودشنوا وسم "#مقتل_رئيس_هيئة_الخبراء، كما وضعت الحادثة علامات استفهام كثيرة لدى السعوديين حول اغتياله، مشيرين في التعبير عن سخطهم إلى تراجع دور الهيئة، في حين لم تُكشف إلى الآن نتائج التحقيقات بشأن الحادث.