سعيد السريحي- عكاظ السعودية-
لم يكن لثلة من المثقفين السعوديين من أن تعبر عن عزائها في وفاة الفنان الكويتي عبد الحسين عبد الرضا واستنكارها لتلك الأصوات التي أنكرت جواز الترحم عليه وراحت تنعته بأبشع الصفات التي تنبع من تشدد مقيت وطائفية أكثر مقتا، ولم تكن تلك الثلة من المثقفين والذين لم يكونوا يتجاوزون الخمسة يعبرون عن أنفسهم بقدر ما كانوا يعبرون عن الضمير الثقافي للسعوديين جميعا، ولذلك لم تكد تمر بضع ساعات على وضع تلك الثلة عزاءها واستنكارها على الإنترنت حتى تجاوزت قائمة المنضمين لهم في العزاء والاستنكار ثلاثة آلاف مثقف ومثقفة رأوا في ما تقدمت به تلك الثلة من المثقفين ما يعبر عن موقفهم الجماعي من استنكار لكل ما يمكن أن يشكل تشويها للرموز الثقافية، ويشكل في الوقت نفسه تهديدا للحمة الوطنية وتماسك المجتمع الذي أساءت تلك التغريدات الطائفية والمتشددة لمكون من مكوناته.
لم تكن تلك الثلة تعبر عن نفسها بعزائها لأسرة الفنان الكويتي الراحل واستنكارها لما جاء في تغريدات متشددة طائفية، وإنما كانوا يواجهون أصواتا طارت فرحا بتلك التغريدات الهجينة، معتبرين إياها معبرة عن السعوديين جميعا واتخذوها جسرا للنيل من الوطن والمواطنين ووصمهم بالتشدد والطائفية، وهي أصوات تحمل ضغينة ضدنا جميعا، بل وضد الخليج ووحدته كذلك تبحث عن أي مناسبة أو كلمة كي تعبر عن تلك الضغينة.
تلك حقيقة تؤكد حجم الضرر الذي يلحقه بنا أولئك المتشددون والمتطرفون، وهو خطر لا يتوقف عند حدود إثارة الفتنة بين مكونات مجتمعنا، وإنما يساهم في تشويه صورتنا ويمنح خصومنا وأعداءنا الفرصة المواتية لوسمنا ووصفنا بما يشاءون من التهم والأباطيل.