دعوة » مواقف

هل باتت أيام «الشرطة الدينية» معدودة في المملكة؟

في 2017/08/19

واشنطن بوست- ترجمة شادي خليفة -

في السعودية الآن، يتم رصد مناقشات حول السياسة الخارجية والآراء المعارضة والمخالفة، ونعد المناقشات الدينية اليوم أكثر انفتاحا على نطاق واسع، لكن هل يتم نزع أسنان الشرطة الدينية أو إلغاؤها حتى؟ قد حدثت الأولى، ولم يعد هناك صلاحيات قوية للشرطة الدينية، لكن لا تبدو الثانية مرجحة، لكنها قيد المناقشة.

ومنذ العقود الأولى من الدولة السعودية، أسند لـ«هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» فرض الضوابط الإسلامية على السلوك العام، ويعرف أفرادها أحيانا باسم المتطوعين، وقد ركزت «الهيئة» بدرجات متفاوتة على مر السنين على التجمعات المختلطة بين الجنسين، وإغلاق أماكن العمل خلال أوقات الصلاة، وضمان الأمانة في الأسواق العامة.

وتشتهر الهيئة على الصعيد الدولي بفرض قوانين صارمة على لباس النساء، بالقوة أحيانا، وقد اتخذت أيضا الجزء الأول من مهمتها، تعزيز الفضيلة، بجدية، من خلال توزيع المواد الدينية، وفي الآونة الأخيرة، أضحت الهيئة مادة رئيسية في العناوين الصحفية العالمية، بعد تعقب امرأة ظهرت في شريط فيديو ترتدي تنورة قصيرة في مكان عام، ويبدو أنها قد سلمت إلى الشرطة العادية والنيابة العامة التي رفضت النظر في القضية.

ولكن على الرغم من مسماها «الهيئة» وتسمية أفرادها بـ «المتطوعين»، فهي تعد هيئة إدارية مستقلة ذات سلطة بيروقراطية عالية تتصل مباشرةً بمجلس الوزراء، وتقدم الهيئة نفسها كنائب عن الحاكم للاضطلاع بواجباته لإنفاذ الشريعة الإسلامية، وتستند في ذلك لسلسلة من اللوائح الرسمية بطبيعة سلطتها وهيكلها، لكن المشكلة في أن أعضاء الهيئة يتصرفون وفقا لفهمهم للشريعة الإسلامية، بل إنهم أحيانا يتعرضون لانتقادات من قبل المؤيدين المتدينين.

وقبل عام، قصقصت السلطات السعودية ريش الهيئة، ولم تعد تتمتع بكل تلك السلطات بعد، ولم تعد السلطات الممنوحة لها واضحة، وفي الأشهر القليلة الماضية، انتشرت الشائعات بأن أيام الهيئة أصبحت معدودة، وفي يوليو/تموز، ناقش مجلس الشورى السعودي، وهو هيئة لا تتمتع بسلطة تشريعية كاملة ولكنه يقوم باستعراض ومناقشة السياسات والإدارة العامة، توصية بأن يتم دمج «الهيئة» في وزارة الشؤون الإسلامية. كما ذكرت وزارة الداخلية كمستضيف محتمل للكيان، وستكون هذه الخطوات خفضا بيروقراطيا خطيرا للهيئة التي تتمتع بقدر كبير من السلطة الذاتية كهيئة مستقلة.

ولم تحدد المناقشة مصير الهيئة، لكنها علامة على ما أصبح الأمر عليه من العلنية في الاستقطاب الحاد حول الهيئة ودور الدين في المجتمع السعودي وفي الحياة العامة بشكل عام.

وبالنسبة للبعض، فإن الهيئة ضرورية للحفاظ على النظام والأخلاق العامة، وبالنسبة للآخرين، هي هيئة رجعية لديها تاريخ من الثيوقراطية الفجة في إنفاذ القواعد، وعادةً ما كانت هناك وجهات نظر مختلفة حول الهيئة، لكن نادرا ما كان وجودها مطروحا للنقاش.

ويبدو أن الدولة السعودية تعمل على تعزيز نظامها الحكومي، ويقوم حكام البلاد بإعادة ترتيب القطاعات لتلائم الاحتياجات الحالية، وتتم مناقشة إلغاء بعض اللجان والهيئات بشكل متزايد، وستكون هذه الخطوة الجذرية بالنسبة للهيئة أمرا مدهشا، لكن لا يزال لدى الهيئة مؤيدوها، ويستمد أفرادها القوة من أجزاء واهية من المجتمع السعودي تضاءل نفوذها على سياسة الدولة، لكن لا يزال ينظر للتكلفة العالية للأمر إذا ما تم حرمانهم تماما من وظائفهم.

ولكن إذا كانت الهيئة تتشبث بالبقاء، فمن المرجح أن يخضع دور الشريعة في السعودية لتغييرات كبيرة، وقد اقترح بعض العلماء السعوديين البارزين أن تتولى الهيئة فقط إنفاذ أحكام وتفسيرات الشريعة الإسلامية التي يجمع عليها العلماء ويؤيدها الحكام.

ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، باقتراح ربط الهيئة بمنظومة القضاء، ويقول أحد أعضاء الهيئة إنّه في أي مسألة يختلف فيها العلماء، يقرر الحاكم أي الرأيين سيختار، والحاكم هنا قد يكون الملك أو الشرطة أو القضاء.

وبطبيعة الحال، يتسع نطاق القضايا التي يختلف عليها العلماء، وبهذا، أصبحت جميع القوانين المعمول بها تقريبا قرارات من الملك، وإذا تم تعميم هذه الآراء على نطاق أوسع، فلن تختفي الشريعة من الحياة العامة، لكن النظام الذي يمنح القضاة السعوديين وغيرهم من المسؤولين مساحة من العمل والقرارات وفقا لتفسيراتهم الخاصة يتآكل بوضوح.