عبدالله العقيل- الوطن السعودية-
كانت الطائفية تنهش في مجتمعنا، ولا يكاد يمر يوم واحد دون أن يصلنا محتوى طائفي، سواء مكتوبا أو مسموعا أو مشاهدا.
في السنوات الأخيرة، نلاحظ أن الهوس الطائفي بدأ يتلاشى ويخف كثيرا.
ابتعدنا عن الطائفية ونسيناها، رغم أن وفاة الفنان العظيم عبدالحسين عبدالرضا أعادت إلينا بعضا منها، ولكن الناس قضوا على الفتنة في مهدها، ولذلك لم تستمر هذه الزوبعة كثيرا.
ما الذي حصل، وكيف تحول مجتمعنا من مجتمع تسكنه الطائفية إلى مجتمع بعيد عنها في فترة وجيزة؟!
هناك سببان رئيسيان لزوال هذه الظاهرة: الأول -وهو المهم- تبني «داعش» الخطاب الطائفي، رغم أنه كان يحظى بقبول بعض المتشددين، لكن الأمر تغير بعد استهداف «داعش» أماكن عبادة شيعية داخل المملكة.
كان الناس لا يشعرون بالخطر في الأحداث التي تقع خارج المملكة، ولكن عندما اقترب الخطر لهم وأصبح في وطنهم، اختلفت نظرتهم إلى الطائفية، حتى المتشدد الذي يعشق الطائفية صار يخاف أن يتبنى الخطاب الداعشي نفسه، ويخشى أن يوضع هو و«داعش» في الخندق نفسه. طبعا إذا صمت رأس الفتنة فإن الفتنة تموت. السبب الثاني في اختفاء النغمة الطائفية: هو الأزمة الاقتصادية التي مرت بها المملكة. انشغل الناس بأولوياتهم وأكل عيشهم، لم يعد أكبر همهم ماذا يقول أصحاب المذهب الفلاني، وبماذا تؤمن الطائفة الفلانية. أصبح الفرد مشغولا بحياته، وقلقا على مستقبل أبنائه. لا يهتم بإيمان الآخرين ومعتقداتهم، فهناك رب يحاسبهم، وهو أولى بهم.
الغريب أن الطائفية تفشت في مجتمعنا، بسبب أزمات سياسية، وانتهت أيضا بسبب أزمات سياسية. رغم أن مجتمعنا مهووس بالسياسة وبمتابعتها -حاله كحال باقي المجتمعات العربية- لكنه حتى الآن لم يَعِها جيدا.