ذي أتلانتيك- ترجمة فتحي التريكي -
قبل 3 أشهر قطعت 6 دول بقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة علاقاتها الدبلوماسية مع قطر محتجين بدعمها لجماعة «الإخوان المسلمون» وحركة «حماس»، وقربها من إيران، وامتدت المعركة بين الطرفين وصولا إلى واشنطن.
وفي حوار مطول مع صحيفة «ذي أتلانتيك» يشرح السفير الإماراتي لدى واشنطن «يوسف العتيبة» وجهة نظر بلاده حول حصار قطر التي يتهمها بأنها غير جادة للدخول في مفاوضات لإنهاء الأزمة.
وتعمد «العتيبة» خلال الحوار التهميش من تأثير الحصار على الحياة في قطر حيث قال: «المطارات مفتوحة والفنادق مفتوحة والناس يسافرون بشكل معتاد»، زاعما أن إجراءات دول الحصار جاءت بهدف «حماية أنفسها من قطر».
وزعم «العتيبة» أن الدوحة تستضيف ثاني أكبر عدد من الإرهابيين بعد إيران وهم يتحركون بحرية وصراحة لجمع الأموال للميليشيات، على حد وصفه.
وهون «العتيبة» مما سبق أن كشفت عنه «نيويورك تايمز» حول سعي أبوظبي لاستضافة مكتب حركة «طالبان» قبل الدوحة، قائلا إن بلاده وضعت شروطا مسبقة لهذا المكتب وهي أن تعترف «طالبان» بالدستور وتتخلى عن أسلحتها وتقطع علاقاتها مع تنظيم «القاعدة».
وقال «العتيبة» إنه يعتقد أن الأمير «تميم بن حمد» لا يدير الأمور في بلاده بشكل كامل وأن والده لا يزال يتمتع بقدر من النفوذ، مشيرا إلى أن هدف الحصار هو «تغيير سلوك قطر من حيث علاقاتها مع إيران والجماعات الإسلامية»، إلا أن ما حدث هو العكس وأن قطر اختارت إعطاء الأولوية لعلاقتها مع إيران وحركة «حماس» والميليشيات الإسلامية، على حد وصفه.
وفيما يتعلق بمطالب دول الحصار بإغلاق قناة «الجزيرة» يدعي «العتيبة» أن الأمر لا يتعلق بالصحافة بقدر ما يتعلق بالأمن. ويتهم السفير الإماراتي «الجزيرة» بنشر التطرف ومنح منبر للشيخ «يوسف القرضاوي» الذي يتغاضى عن قتل الجنود الأمريكيين، على حد قوله.
ليس دعما أيديولوجيا
ويرى «العتيبة» أن هناك سيناريوهان لتفسير الدعم الذي تقدمه قطر للتيارات الإسلامية أولهما أن يكون هذا الدعم بدافع من التوافق في الأيديولوجيا أو أنه نوع من الحساب والتحوط السياسي والرغبة في امتلاك موطئ قدم مع الجميع. ويؤكد «العتيبة» أنه -بشكل شخصي- لا يرى أن الأمر يتعلق بالأيديولوجيا لكنه يستطرد بالقول: «إذا كان في بلدك أشخاص مثل يوسف القرضاوي، وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ولديك عدد كبير من مسؤولي الإخوان المسلمين المصريين العاملين في وزارة التعليم، أين تعتقد أنك ستصبح في غضون 10 سنوات من الآن؟ هل تعتقد أنك ستكون أكثر راديكالية أو أقل راديكالية؟».
فصل الدين عن الحكم
وقال «العتيبة» إن الإمارات تتبنى النهج الغربي في فصل الدين عن الحكم وإن السبب فيما عليه اليوم -يقصد تطورها- أنها لا تنظر للإسلام حين تضع سياساتها الاقتصادية أو أي سياسة أخرى، مؤكدا: «لقد تعلمنا ذلك منكم -الغرب- يا رفاق».
وحول الديمقراطية يرى «العتيبة» أن الإمارات تركز بشكل أكبر على توفير الأمن والبنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم وأن لديها «نمطا بدويا» من الديمقراطية يناسب هوية البلاد وثقافتها، على حد قوله.
ويرى «العتيبة» أن بلاده تواجه تهديدين رئيسيين أولهما هو سلوك إيران في المنطقة وثانيهما هو التطرف السني الذي يسعى «لاختطاف الدين ثم استخدامه لأسباب سياسية للوصول إلى السلطة مثل جماعة الإخوان في مصر وحماس في فلسطين»، على حد قوله.
وفسر «العتيبة» سر الأريحية التي تشعر بها دول الخليج تجاه إدارة «ترامب» بأن الرئيس الأمريكي يتخذ مواقف متشددة تجاه نفس التهديدات التي تراها دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكدا أن سر الحماس تجاه «ترامب» يرجع إلى أن الرئيس الأمريكي يرى أن إيران جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل.
وأكد «العتيبة» أن بلاده لا تغير مواقفها استنادا إلى الإدارة الأمريكية وأن رأيها في إيران ثابت منذ الأزل.
وفيما يخص الحرب في اليمن أوضح أن «التحالف العربي» لا يتعرض لأي ضغوط من الإدارة الأمريكية لإنهاء الحرب.
تأميم الخطاب الديني
وتطرق «العتيبة» إلى الحديث عن جهود بلاده للسيطرة على الخطاب الديني. ويقول «العتيبة» إنه لا يفرض على رجال الدين في البلاد ما يتحدثون عنه ولكن ما يفرض عليهم حقا هو ما لا يمكن الحديث عنه. ويؤكد «العتيبة»: «هناك 1.6مليارات مسلم يمارسون طقوسهم الدينية دون أن يخرجوا أو يدعوا إلى الجهاد. حن نعزز ديننا كما نعرفه. نشأت في منزل تم تشجيعي فيه على الصيام والصلاة عندما أكون مستعدا لكن لم يسبق أن فرض علي أحد أي شيء. هذا هو الإسلام كما نؤمن به».
ويرى «العتيبة» أن مصر والسعودية هما الدولتان الأكثر أهمية في المنطقة بسبب مكانة الأزهر والبقاع المقدسة بالنسبة إلى الإسلام. واستطرد قائلا: «تخيل أن الأزهر يخرج رجالا أمثال يوسف القرضاوي. حاول أن تفكر في تنظيم الدولة إذا كان يحوز ليس فقط 30 ألف مقاتل أجنبي ولكن 300 ألف أو 3 ملايين».
بالنسبة إلى علاقة بلاده مع «إسرائيل» يرى «العتيبة» أن العقبة الوحيدة أمام التطبيع المعلن مع الدولة العبرية هو عدم وجود دولة فلسطينية. وهو يرى أن تلك هي الثغرة التي ينفذ منها حركتا «حماس» و«حزب الله» وتكتسب نفوذها.
ويبدي «العتيبة» تفاؤله بجيل القادة الجدد في المنطقة أمثال «محمد بن زايد» و«محمد بن سلمان» والعاهل الأردني الملك «عبدالله الثاني» الذي يعملون على تمكين الشباب في مجتمعاتهم وزيادة الانفتاح على الغرب.
ويحذر «العتيبة» من مسار الربيع العربي مؤكدا أن لا يؤمن بالتغيير الثوري ولكن بالتغيير التطوري الذي تنتهجه حكومات المنطقة بحسب قوله، مؤكدا أن هذا هو الطريق الذي يحب أن يراه.