حسن القحطاني- الوطن السعودية-
على من ينوي الحج دون تصريح هذا العام مراجعة حساباته جيدا، فموسم حج 1438 سيكون مختلفا، وما شهدناه في الحفل السنوي لاستعراض قوات أمن الحج والأجهزة المعنية بشؤونه، والذي حظي برعاية ولي العهد «حفظه الله»، يدل على أن كل الأجهزة الأمنية وبكامل إمكاناتها وتجهيزاتها، ستعمل لخدمة هذا الركن العظيم، وخدمة ضيوف الرحمن، ولن يُسمح بتعكير أجوائه أو مخالفة تنظيماته. وما سبقه من بيان لقائد قوات الحج، وما تلاه تضمن 3 محاور رئيسة مهمة لتنفيذ الخطة العامة لموسم حج هذا العام، تُحد من عبث المخالفين:
الأول: تأكيد التعامل بكل حزم وصرامة مع المخالفين، أو القادمين دون تصاريح حج، أو الناقلين للحجاج المخالفين، بل وإحالتهم للجهات المختصة لتطبيق العقوبات بحقهم.
الثاني: عدم التهاون في إعادة من قدموا إلى مكة المكرمة من مختلف مناطق المملكة غير حاملين تصاريح رسمية، «وفقا للأنظمة المؤقتة لدخول الحجاج القادمين عبر المنافذ البرية في هذه الفترة». الثالث: استحداث طرق مطورة لتعقب المخالفين داخل المشاعر، خلال جولات التبصيم العشوائية، أو خارجها بالمراقبة المكثفة لمداخل مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والطرق الترابية المؤدية للمشاعر «برّا» بالدوريات الأمنية، و«جوّا» بالطائرات، أو خلال كاميرات المراقبة المنتشرة في مداخل المشاعر المقدسة.
الحج كركن من أركان الإسلام، وكشعيرة دينية لا تتكرر إلا كل عام، تجعل الحاجة ماسة لمعالجة ظاهرة «الحج دون تصريح»، بإجماع فقهي واضح يغلق الباب على من يتحايل على الأوامر الصادرة في هذا الخصوص بحجة الضرورة، أو التبرير للـ«مكيفين» بحسب النية والمقاصد، وكلها تؤدي إلى تحقيق مصلحة شخصية، يدفع ثمنها المسؤول قبل الحاج لبيت الله، كشاب في العقد الثالث من عمره، التقينا في أحد صالات الانتظار، يتفاخر بقدرته على الحج بصورة غير نظامية لعدة مرات، وأنه يقوم بإيجار شقة في مكة أيام الحج فقط بمبلغ مالي مرتفع، ويصطحب معه من 5 - 7 مخالفين، يدخلون بالثياب في يوم عرفة فيقفون فيها، ويبيتون في «مزدلفة»، وأيامهم الثلاثة الباقية بين النوم في مكة والرجم في منى، ومن وجهة نظره أن حجه مبرور، متناسيا أن الهدف من إعطاء التصريح ليس تقييد الناس عن أداء الحج، أو تعطيل لهذا الركن -لا سمح الله- بل الحرص على مصالح المسلمين الشرعية التي ربما لا تعنيه، وغير آبه بأن المشاعر المقدسة لها حد استيعابي لا تتحمل أكثر منه، وكل عام يتزايد عدد الحجاج ويزداد هاجس سلامتهم، فالازدحام الشديد، والتدافع عند أداء المناسك تنتج عنها إصابات أو وفيات، وكلنا نستحضر مشاعر الأسى التي صاحبت حوادث الحج السابقة، وإن كانت -ولله الحمد- قليلة، ومتوسط عدد المصابين يظل غير مقلق، قياسا بالعدد الإجمالي للحجاج البالغ عددهم في موسم العام الماضي «1437» 1.862.909 حجاج، الذكور منهم 1.082.228 حاجا، وإجمالي الإناث 780.681 حاجة، وإذا عرفنا أن هذا العدد الهائل يجتمع في «منى» التي لا تتجاوز مساحتها «8 كلم2» فقط، أو في «مزدلفة» ذات الـ«12 كلم2»، أو «عرفات» مساحتها «13 كلم2»، وبوقفة بسيطة عند هذه الأرقام سيظهر جليا الدور الهائل والرائع الذي تقوم به جميع الجهات المشاركة في مواسم الحج بلا استثناء. موسم الحج هو موسم التجارة مع الله، فلا تكن سببا في إهدار كل هذه الجهود العظيمة لإنجاح موسم الحج بجريمة الحج دون تصريح.
أعان الله كل الرجال المخلصين القائمين على خدمة الوطن والدين، وحفظ الله حجاج بيته الحرام. آمين.