مي خالد- عكاظ السعودية-
مجتمع الكراهية نحن. مجتمع شديد البساطة والتعقيد في آن.
بسيط لأننا لا نكره «الأفكار والمعتقدات» بناء على أسس منهجية ثقافية بل نكرهها كما نحب بانحراف عاطفي ونميل كل الميل حتى ننحرف.
فما نكرهه نشوهه وننسب له كل ضرر وشر، وما نحبه ننجرف معه حتى نرفض أن نسمع كلمة نقد عقلانية بخصوصه.
وسرعان ما ننجر إلى أسفل قاع من الانحطاط الأخلاقي حين نكره ونكيل التهم ونفتش الأرشيف لكي يسهل علينا وصم من نشاء بأية تهمة.
ولدينا قائمة جاهزة يستعملها كل طرف لتصفية الطرف الآخر وقتله معنوياً. نتهمه بالعمالة إما للغرب في حالة كان ليبراليّاً أو العمالة لبعض الحركات الإسلامية المتطرفة كالإخوان إن كان صحويّاً.
ويحدث هذا لأنه تم تجريف فكرنا وثقافتنا المحلية وتجفيف منابعنا الروحية والوطنية منذ القرن الماضي وعشش في مكانهما فراغ فكري وروحي يمكن حشوه بأي هراء ودجل.
نعيش هذه الفترة موضة الإرهابي السابق. حيث اعتاد مثقفونا في ظهوراتهم الإعلامية والتلفازية استعمال كليشيه: (كنتُ صحويّاً. كنتُ إرهابيّاً. كنتُ أحد رجالات جهيمان). لعل آخرهم الروائي الكبير الذي كاد أن يكون أحد من قاموا باقتحام الحرم لولا أن أخته الكبيرة أغلقت عليه الباب!.
كأن المثقفين السعوديين متفقون على التباكي على حقوقهم وحرياتهم التي سلبتها منهم حركات متطرفة دجّنتهم في زمن سابق. وحرمتهم من حياتهم الطبيعية. بل في الفترة الأخيرة تابعنا إعلانات لبعض المهاجرين السعوديين في دبي والخارج يقولون إنهم الآن يستطيعون العودة للوطن.
مثقفونا مؤدلجون للأسف وغير صالحين لقيادة المرحلة المهمة التي نعيشها هذه الأيام في السعودية.
أغلب أطروحاتهم شماتة. وأغلب مقالاتهم تشفٍّ. وكل انتصاراتهم وهمية ليسو سبباً فيها بل هي نتيجة قرار حكومي!
يفترض الآن أن يقوم الإعلامي والمثقف بدورهما التاريخي عبر البناء والتصحيح.
لهذا يجب أن نصنع المثقف البديل الذي يقود المرحلة.
مثقف طازج ومستقل غير محمل بحمولات فكرية سابقة يقتات على الحروب الكلامية الخاسرة أو على أحقاد التيارات السابقة، مثقف غير مدجّن ولا يسهل خداعه عبر الانضمام إلى أي تنظيم إرهابي ثم يعود علينا محاضرا. يحاضر في التنوير والوطنية والوسطية.