دعوة » مواقف

أوروبا و (الوهابية)

في 2017/10/16

كوثر الأربش- الجزيرة السعودية-

في بروكسل، تلك المدينة التي تفوح برائحة التاريخ والشوكولاته. لخمسة أيام متتالية، في لقاءاتنا كوفد من مجلس الشورى السعودي مع أعضاء من البرلمان الأروبي، والبلجيكي. حينما كنت أستمع لما يعرفه بعض الأوروبيين عنا، كمسلمين، أو كعرب، أو سعوديين على وجه التحديد. عادت ذاكرتي لعام 2013، عندما غردتُ في حسابي على تويتر أن «الوهابية» مجرد بروباغندا. وأنك لن تجد شخصًا ولا كيانًا يمثلها على الأرض. أذكر جيدًا أنه حتى بعض المغردين الشهيرين من الطائفة السنية اتهموني وقتها بالوهابية! «كلما دعوناهم للعقلانية اتهمونا بالوهابية.

فإذا كان رفض اختطاف العقل وهابية، فألف مرحبا» هذا ما غردت فيه قبل قرابة 4 أعوام. لم يكن مستغربًا لديّ وقتها هذا اللبس الغريب بين حركة إصلاحية سعت لأن تعيد للإسلام نقاوته وبين الإرهاب وقتل الحريات الاجتماعية. لأن غالبية العرب لا تقرأ. لكن الدهشة الحقيقية أن يصدق العقل الأوروبي المثقف هذه الدعاية المختلقة دون أن يكلف نفسه عناء البحث عن حقيقتها، حقيقة الأجندات السياسية الخبيثة التي تكمن وراءها. بحسب «تقرير التنمية البشرية» للعام 2003 الصادر عن اليونسكو، يقرأ المواطن العربي أقل من كتاب بكثير، فكل 80 شخصاً يقرأون كتاباً واحداً في السنة. في المقابل، يقرأ المواطن الأوروبي نحو 35 كتاباً في السنة. كما جاء أيضًا في «تقرير التنمية الثقافية» للعام 2011 الصادر عن «مؤسسة الفكر العربي» أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنوياً بينما يقرأ الأوروبي بمعدّل 200 ساعة سنوياً. هذه الأرقام المخيفة عن مستوى اطلاع الأروبيين مقارنة بالعرب، ما جعلني أتعجب كيف انطلت خدعة المصطحلحات على العقل الأوروبي.

هنا، في مساحة هذا المقال الضيقة، لا يسعني إلا وضع ومضات إلهام لكل باحث حقيقي عن المعرفة:

ـ إن الهدف النهائي لكل هذه التشويهات الفكرية والإاطلاحية هو وضع السعودية تحت أصابع الاتهام وراء كل عمل إرهابي. (من المستفيد؟)

ـ إن الخمينية وراء تكريس مصطلح «الوهابية» لتؤجج العالم ضد الإسلام السني. في حين تبقى الخمينية تحت غطاء التشيع (وهو منها براء) لتنمو وتتمدد في الظل دون أن يوقفها أحد. (ما الحل؟)

ـ كل التنظيمات الإرهابية المنتسبة زورًا للإسلام (شيعية أو سنية) تنطلق من ذات المرتكزات الدخيلة والمدسوسة على الإسلام. الميليشيات العراقية واللبنانية المنتسبة للشيعة التي تحركت لقتل الأطفال في سوريا كان مبررها حماية «ضريح السيدة زينب» وهذا هو نفس مرتكز التنظيمات المنتسبة للسنة حين تنطلق من دافع حماية مكتسبات الإسلام وآثاره. (فكر مليًا، لا وجود لتطرف وردي، وتطرف أسود. لا يوجد إرهاب خطير وإرهاب مسالم. فكر في أن الإرهاب كله شر محض ويستحق أن يجفف منابعه وإن تنوعت مصادرها).

ختامًا، المشكلة في الراديكالية الدينية، في السلاح الذي يقتل الأبرياء، سواء كان غايته إقامة خلافة إسلامية، أو دولة للمهدي. كل هؤلاء مجرمون ولا تشفع لهم مرجعياتهم، سنية كانت أو شيعية. الفرق: أن تسليط الضوء على وهم الوهابية سيتيح للخمينية النمو دون أن يزعجها أحد. وهذا ما يحدث على أرض الواقع.