دعوة » مواقف

منزلي ومسجد السحيمي!

في 2018/02/21

عبدالله المزهر- مكة السعودية-

الأستاذ محمد السحيمي كان جاري في هذه الصفحة، ولكنه لم يعد موجودا الآن، ولا أعلم حقيقة سبب ابتعاده، مع أني لم أكن أؤذن ولا أغني، ولو حدث هذا فلن أستغرب لأنه ليس أول جار يتأذى من صوتي.

وجاري العزيز بدا مستاء في لقاء تلفزيوني من تداخل أصوات المساجد، ثم أخذه الحماس قليلا وقال بأن أصوات الأذان «ترعب» الأطفال، ثم زاد الحماس قليلا وقال ما معناه إن كل الذين يصرون على استخدام المايكروفونات صحويون يبايعون مرشدهم في السر. ويعارضون الدولة في العلن، أو شيء من هذا القبيل.

والحقيقة أني مع امتعاضي الشديد مما قاله إلا أني أفترض حسن النية، وأن الأمر لم يكن أكثر من حماس غير مبرر لفكرة كان يمكن شرحها بقليل من الهدوء.

أنا أحب أصوات الأذان وتداخلها، وأجدها شيئا جميلا وأخاذا، ثم إني أتطرف قليلا وأقول إن من أكثر الأشياء التي أفتقدها حين أسافر خارج المملكة ـ وقليلا ما أفعل ـ هو صوت أبواب المحلات وهي تغلق في وقت الصلاة. ولكن هذا لا يعني أن هذا من ضرورات الإسلام، وأن الدين لا يستقيم إلا بهما، هي أشياء أحبها لا أكثر ولا أقل.

والرأي الذي يقول بأن استخدام مكبرات الصوت في أوقات الصلاة أمر مزعج و»يشوش» على المصلين في المساجد الأخرى رأي له وجاهته، وقال به حتى بعض «الصحويين» الذين قال عنهم أستاذنا السحيمي إنهم يبايعون مرشدهم في السر.

وأغلب الخلاف مع السحيمي ليس في كثرة المساجد غير المبرر، ولا في أصوات مكبرات الصوت في وقت الصلاة، ولكنه في مبالغته والحديث عن رعب «الأذان». وهذا رأي متطرف يتحرج حتى غير المسلمين من قوله.

وكذلك في فكرة استخدام «الصحوة» لمهاجمة أي رأي آخر، وهذا أمر أصبح مملا بعض الشيء يمكن أن يضاف إلى «الأخونة» وهي اتهامات تفقد قيمتها تدريجيا لأن كثيرين يستخدمونها بمناسبة وبدون مناسبة لمهاجمة كل رأي يبدو مختلفا. وربما نشاهد هذه الاتهامات قريبا في مدرجات كرة القدم يستخدمها المشجعون لاتهام حكم المباراة ـ الأجنبي في الغالب ـ أو اللاعب الذي يضيع الفرص بأنه أخونجي صحوي لديه أجندات خفية، وقد شوهد وهو يبايع المرشد بين الشوطين في غرفة الملابس.

الذين هاجموا السحيمي أيضا ليسوا أبرياء جميعا، ففيهم من وجد في الأمر فرصة لمآرب أخرى، وكذلك ليعيد توزيع المقاعد في الجنة والنار ويخرج هذا من الملة ويدخل ذاك في الدين.

وعلى أي حال..

من ضمن المبالغات في هذه القضية تبني فكرة بناء مسجد بجوار منزل السحيمي، وهي فكرة تفترض ـ لأسباب لا أعرفها ـ أنه لا يوجد مسجد بجوار منزله. ولعلي أنصح هؤلاء إن كانوا يبحثون عن الأجر فعلا أن يتبنوا حملة مماثلة لبناء منزل لي بجوار مسجد حارتنا. ففي ذلك أجر عظيم أيضا وتفريج لكربة أخيهم المسلم وهي أجدى وأنفع من «إغاظة» أخيهم المسلم الآخر.