من كتاب البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية-
لم تكتف السعودية باستغلال شعائر الحج والعمرة للابتزاز السياسي وفرض النفوذ وكسب المواقف وملاحقة المعارضين وشراء الولاءات فحسب، لكن أغرب موقف استغلت فيه السعودية تأشيرات الحج والعمرة تبرزه وثيقة من البرقيات المسربة للخارجية السعودية.
البرقية تنقل عن رئيس الاستخبارات السعودية في تقرير بعض الأخبار التي نشرتها الصحف والتي تذكر بأن باكستان قد تزود السعودية برؤوس نووية، ورغم ان القنابل النووية ليست من الامور التي يمكن أن تهبها الدول لبعضها بعضا إلا أن السعودية دعمت البرنامج النووي الباكستاني من أجل المساومة مع الملف النووي الإيراني، على أمل أن تدعمها باكستان نوويا.
وحرصت السعودية على ضمان ولاء باكستان بوجود نواز شريف في السلطة واعتبرت السعودية باكستان الحامية لهم والمدافعة عن نظامهم في حال تعرضوا لخطر خاصة وان باكستان دولة نووية. لكن حرب اليمن اثبتت عدم صحة ذلك حيث نأت باكستان بنفسها عن مغامرات محمد بن سلمان العسكرية في اليمن، وفي حصار قطر حيث تناست السعودية ان لعبة توازن القوى في باكستان تغيرت ولم تعد على مقاس المملكة.
في إحدى البرقيات ترحب السعودية بتحقيق رغبة رئيس باكستان آصف زرداري بالقيام بزيارة للسعودية للمشاركة في غسل الكعبة المشرفة والسماح له بالصلاة فيها وتأدية العمرة، حيث تشكل لجنة لتنظيم غسل الكعبة المشرفة تختار القادة والزعماء والسياسيين والشخصيات السياسية التي ترى السعودية أهمية دعوتهم للمشاركة في هذا الشرف العظيم .
وتعكس البرقيات حرص السعودية على إبقاء العلاقة مع باكستان في أفضل حالاتها للاستعانة بها في مواجهة الملف النووي الإيراني .
وتقول إحدى البرقيات إن التقارير الواردة من المنظمة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى توجه إيران في الرفع من نسبة تخصيب اليورانيوم وتصريحات المسؤولين الإيرانيين في الاستمرار في المشروع النووي يزيد من الشكوك لدى الدول التي تسعى لامتلاك إيران السلاح النووي وفي مقدمتها امريكا واسرائيل والدول الغربية وكذلك دول الجوار لإيران التي تعتبر أن امتلاك ايران للسلاح النووي خطر كبير يهدد أمنها الوطني، حيث يرى عدد من المراقبين أن المملكة من الدول الخليجية التي تستطيع ان تحصل على السلاح النووي من باكستان، وذلك لما تردد من معلومات خارج وداخل باكستان تفيد بأن المملكة شاركت في بناء المفاعل النووي الباكستاني وان هناك اتفاقية سعودية - باكستانية غير معلنة بتزويد المملكة بالسلاح النووي والصواريخ بعيدة المدى التي تستطيع ان تصل الى عمق الأراضي الايرانية .
على خطى من تسير المملكة؟
واهتمت السعودية برصد المعارضة المتزايدة في باكستان للرياض حيث جرى تنظيم ندوة تعرضت للسعودية وتنتقد تصرفات الشرطة السعودية التي تحرك الناس يمنة ويسرة اكثر من المطلوب واتهمت التدخل السعودي في كل تفاصيل الحياة بباكستان وأن أي انتقاد للسعودية ينقله السفير السعودي في باكستان ويتبعه استدعاء القيادات الباكستانية الى الرياض.
ووجهت انتقادات لرأس النظام في الرياض الذي أثار وصفه في الندوة السفارة السعودية ونعتته بـ" أبو لهب أو أبو الهول والديكتاتور ما أثار غضب الرياض ضد مدير الجامعة الإسلامية باسلام آباد وتطلب تغييره وطالبت الندوة بثورة ضد التسلط السعودي على باكستان.
الحج .. القوة الناعمة للسعودية
تعكس هذه التصرفات من جانب السعودية كيف اصبح الحج جزءاً من ادوات صنع السياسة الخارجية للسعودية، فعلى مدى ما يقرب من مئة عام، كانت ولا تزال الرياض ، تقرّر من يدخل إلى مكة المكرمة ويخرج منها، وترتّب حصص الحجاج (كوتا) المسموح بقدومها من مختلف البلدان، وتتولّى تسهيل التأشيرات من خلال السفارات السعودية في الخارج، فضلاً عن توفير أماكن الإقامة لمئات الآلاف من الناس في مكة المكرمة وحولها. ومن يحظى بشرف حضور غسل الكعبة وماذا يقدمه للمملكة وماذا ينتظر منه .
وأصبح الحج اكثر تداخلا في السياسة بعد حصار قطر ورفض تسيير رحلات مباشرة بين الدوحة وجدة ورفض اشراف وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في قطر على الحجاج حيث أخضعت السعودية الامر برمته للمواقف السياسية .
واعتبر مدير مركز الدراسات الاجتماعية والتربوية في بيروت الدكتور طلال عتريسي أن الإجراءات المعادية التي تقوم بها السعودية ضد بعض الدول في موسم الحج هو استغلال لهذه الفريضة في ممارسة ضغوطها السياسية.
وقال إن السياسة السعودية واضحة فهي تحاول ممارسة أقصى الضغوط على معارضيها اقتصادياً وسياسياً ودينيا فتسمح لمن تشاء وتمنع من تشاء من زيارة الاماكن المقدسة وفق حسابات الولاء والتأييد .
للاطلاع على كتاب "البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية".. اضغط هنا