الخليج اونلاين-
في وقتٍ تعصف فيه رياح التغيير بسماء منطقة الشرق الأوسط، يبرز نجم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تشهد المملكة في عهده تحولات جذرية على الصعد السياسية والدينية والاجتماعية، في بلد استمد نظام الحكم فيه شرعيته من التزامه بالدعوة السلفية التي نادى بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في القرن الثامن عشر، وعليها قامت الدولة السعودية الأولى عام 1744.
وقد مرّت السلفية بعد ابن عبد الوهاب بأطوار ومراحل، منها السلفية الإصلاحية التي نادى بها في مواجهة الاستعمار الغربي الشيخ جمال الدين الأفغاني ومن بعده روّاد المدرسة الإصلاحية، وصولاً إلى السلفية العنيفة التي جاءت في مجابهة التدخلات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وارتبطت على نحو ما بالسلفية الوهابية وغدت ظاهرة سعودية بامتياز.
ومن هذا الباب فقد أقيم في العاصمة البريطانية لندن، السبت 3 مارس 2018، مؤتمر هو الأول من نوعه لمناقشة الأوضاع التي تعيشها السعودية على المستويين الديني والسياسي، وقد استضاف المؤتمر شخصيات قدمت أوراقاً ودراسات حول قضايا مختلفة تعيشها السعودية بقيادة الملك سلمان وولي عهده المثير للجدل، الذي قاد بلاده إلى أزمات مع دول مجاورة على اختلافها.
وكان من أبرز ضيوف المؤتمر، الذي نظمه منتدى الشرق والغرب البريطاني، البروفيسور روبرت كرين، المستشار السابق للرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون، نائب مدير مجلس الأمن الأمريكي، وجولي وورد، عضو بريطاني (حزب العمال) في البرلمان الأوروبي، وديفيد وورد، عضو البرلمان البريطاني السابق وعضو بلدية مدينة برادفورد البريطانية، وآخرون.
- تغيير ظاهري
وحول التغييرات الجارية بالسعودية وخلط الدين بالسياسة، قال الناشط السعودي يحيى العسيري، لـ"الخليج أونلاين"، إن التغييرات الأخيرة في المملكة "مجرد محاولة للظهور بموضوعات شكلية؛ كموضوع قيادة النساء للسيارة وهو موضوع حساس للأسرة السعودية، والتحرك من أجله يشعرهم بالتغيير، مع أنه في الحقيقة أضحى بدهياً في كل دول العالم، ومثله دخول السينما".
وأضاف العسيري: "هذه أمور ليست بالقدر المسمّى بالإصلاحي، حيث إن السعودية غير قادرة على الإصلاح الحقيقي، لذلك هي لم تتخذ خطوات جادة نحو الإصلاح السياسي والإصلاح في مجال حقوق الإنسان أو الإصلاح من أجل حرية التعبير عن الرأي".
ويرى العسيري أن السلطة السياسية في المملكة "استخدمت الدين كمظلّة، وبعد ذلك أصبح المجتمع السعودي متشدداً في حالات كثيرة بسبب السيطرة الدينية المسيَّسة"، ومن ثم فإن "المنتج الموجود هو صنيعة السياسة التي تريدها السلطة الحاكمة التي استغلت المنابر والصحف والفضائيات لذلك".
وتابع: "لو كان هذا التوجه صائباً لسمح لآراء المعارضة بالظهور، ولبرزت آراء دينية مغايرة وأكثر مرونة مما أرادت السلطة، بدلاً من فرض الآراء على الناس، والتحوّلات في المواقف الدينية هي تحولات من أجل خدمة السلطة كما استخدم الدين والتشدد في السابق لخدمتها أيضاً".
- اختطاف السلفية
وعن منهج السلفية وتجديد الدين، قال المهندس فاضل سليمان، مدير مؤسسة جسور للتعريف بالإسلام، إنه حاول الفصل في كلمته بين السلفية كفهم للدين، عنها كمبدأ عقدي، مضيفاً: "نحن كنا نتبع هذه الفلسفة في كثير من الأمور، ومن ثم أردت أن أفصل بين ذلك وبين اختطاف السلفية كما اختطفت الصوفية، حيث إنهما لا يمتّان للصوفية الحقيقية والسلفية الحقيقية بصلة".
وتابع: "للأسف اختطفت السلفية وهي تبرر للطغاة والحكام الظلمة، وهنا تكمن المشكلة، حيث إن الإسلام لا يمكن أن يتعايش مع الظلم أينما كان، ولا يمكن أن يدافع عنه، وهنا تكمن المشكلة في رأيي".
وعن إمكانية تجديد السلفية مستقبلاً، قال سليمان: "نحن لا نريد تجديداً للسلفية بل تجديداً للإسلام، كما أخبر الرسول الكريم بخروج من يجدد هذا الدين كل مئة عام، أي يعيده إلى صفائه كما نزل، وهذا ما نحتاجه وما ستتمخض عنه السنوات القادمة".
ومنتدى الشرق والغرب هو فضاء مستقل للباحثين والأكاديميين والخبراء والمهتمين ببناء جسور التواصل وتقليص الفجوة بين العالم الإسلامي والغرب؛ من خلال تعزيز البحوث الناقدة، وتجميع الأصوات المختلفة حول طاولة واحدة لمعالجة القضايا المتعلقة بالسياسات والأمن والدين.