دعوة » مواقف

المنع من أداء المناسك.. ورقة ضغط سعودية تفشل بتحقيق "مكاسب"

في 2018/06/02

الخليج أونلاين-

خدمة ضيوف بيت الله من حجاج ومعتمرين يزورون الديار المقدسة شرف رفيع لأهل مكة منذ أن بنى النبي إبراهيم الكعبة وجعلها مكاناً للتعبد، منفِّذاً وصية الخالق حين أمره قائلاً: "وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ".

جميع فترات التاريخ لم تشهد أن منع القائمون على مناسك الحج والعمرة شعوباً من أداء المناسك؛ التزاماً بما أمر به الله نبيه إبراهيم، ولكون مهمة القائمين على هذه المناسك تتعلق بخدمة مؤديها القادمين من أي مكان.

لكن الحال اختلف في السنوات الأخيرة؛ فقد اتجهت السعودية للتكسب أكثر من أداء المناسك، فضلاً عن تحويلها لورقة ضغط سياسية.

وفي ديسمبر الماضي، أصدرت الرياض قراراً يقضي باستيفاء رسوم من المعتمرين ويُعفي من الرسوم من يعتمر للمرة الأولى.

وينص القرار الذي أُقر في 2016، على أن كل من أدى العمرة خلال السنوات الثلاث السابقة سيلزم بدفع رسوم التأشيرة الجديدة، البالغة 2000 ريال سعودي (نحو 533 دولاراً).

القرار السعودي أثار استياء واسعاً بين المسلمين، تناولته العديد من وسائل الإعلام، مؤكدة تضرر مواطنيها غير الميسورين الذين لا يتمكنون من دفع رسوم إضافية، فضلاً عن تضرر شركات تعمل في مجال تسيير رحلات حج وعمرة.

- السعودية تصدّ زوار المسجد الحرام

بدوره أكد الشيخ محمد الحسن ولد الددو، أبرز علماء الدين في موريتانيا، مخالفة السعودية لتعاليم الدين الإسلامي، بوضع عراقيل أمام ضيوف الرحمن، بحسب رأيه.

وقال الشيخ الددو في برنامج تلفزيوني، رداً عن سؤال يتعلق برسوم العمرة التي فرضتها السلطات السعودية، إنه "ليس للقائمين على الحرم الحق في ذلك أبداً، بل عليهم أن يسهلوا للناس العمرة والاستجابة لنداء الله".

وأضاف: "يجب على ولي أمر المسلمين تسهيل ذلك وتأمين ضيوف الرحمن وأن يكرمهم ويتولى سقايتهم كما كان في عهد النبي".

ولفت الانتباه إلى أن أقل ما يمكن أن يقدمه المسؤول عن الحرمين "أن يكف الأذى"، في إشارة إلى الأجور المفروضة على زوار الحرمين.

وأكد أن فرض الرسوم على زوار الحرمين "غير مقبول بأي وجه من الوجوه، بل هو من الصدّ عن المسجد الحرام".

وقال في معرض حديثه عن فرض رسوم مالية بالإكراه من الناس، إنها "تؤدي إلى الفتنة والضغائن في داخل النفوس، وتؤدي إلى الحروب الأهلية. كثير من الحروب سببها الاعتداء على أموال الناس".

وتعول السعودية من خلال رفع ثمن التأشيرات على زيادة إيرادات ميزانيتها.

ولم تأت الرسوم الجديدة التي أثارت استياء المسلمين في جميع أنحاء العالم من فراغ، بل كانت ضمن مشروع رؤية 2030 التي تبناها ولي العهد محمد بن سلمان.

وكان محمد بن سلمان تحدث عن هذه الرسوم في حوار متلفز، مايو الماضي، قائلاً إن سلطات المملكة كانت تفرض من قبل 50 ريالاً سعودياً كرسم على كل تأشيرة عمرة أو حج، وحتى بالنسبة للقادمين لأول مرة.

وأضاف: "هذا القرار لا يستهدف تأشيرات العمرة والحج فقط، بل كل أنواع تأشيرات الدخول"، مشيراً إلى أن مصاريف الحج الأول والعمرة الأولى لكل مسلم تتكفل بها حكومة بلاده ولا يدفع الحاج أو المعتمر أي مقابل، في حين سيدفع الرسم خلال أدائه هذه النسك لثاني وثالث مرة.

- استغلال المناسك للضغط السياسي

التضييق على المسلمين لأجل التكسب، لم يكن هو المخالفة الوحيدة لنص قرآني، فرض على القائمين على مناسك الحج والعمرة خدمة مؤدي المناسك وتسهيل أدائها، بل استغلت الرياض سلطتها في إدارة المناسك سياسياً.

واستنكرت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية في أوقات سابقة، ما سمَّته تلاعب السلطات السعودية بِحُرية ممارسة الشعائر الدينية وتوظيفها فريضة الحج لتحقيق أجندات سياسية.

استخدام السعودية مشاعر المسلمين من جهة سياسية للضغط على دول؛ سعياً لتنفيذ رغباتها، تهمة طالت الرياض من قِبل عدة دول، بدأتها مع إيران بعد خلافات سياسية بين الطرفين.

وفي حين حُرم الحجيج الإيرانيون من أداء مناسك الحج بموسم 2016، اتفق الطرفان السعودي والإيراني على استئناف حج الإيرانيين في موسم 2017.

وحرم مواطنو دول أخرى من أداء المناسك بسبب العلاقات السياسية، مثلما حصل مع مواطني اليمن وسوريا وفلسطين وليبيا وقطر.

ففي اليمن، وبسبب الخلافات والحرب بالبلاد ومشاركة السعودية فيها، واحتدام المعارك على الأصعدة كافة مع الحوثيين، فرضت الرياض مجموعة من القيود على حجاج اليمن، ومنعت إعطاء تصاريح لهم لأداء مناسك الحج.

وفي سوريا، قرار منع الحج والعمرة يسري على سكان المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة النظام، ويحرمهم من أداء فريضة الحج ومناسك العمرة.

أما الفلسطينيون، فقد أصدرت السلطات السعودية، في 2016، قراراً يحظر على المقيمين منهم بالدول العربية تأدية مناسك الحج والعمرة، مبرِّرة القرار بأنه صدر لمنع دخول عناصر "إرهابية" إلى المملكة.

وحرمت السعودية الليبيين من أداء شعيرة الحج ما لم يكونوا حاصلين على جواز السفر الإلكتروني.

- لا للقطريين!

الحجاج القطريون وللمرة الأولى، شهدوا العام الماضي موسم حج صعباً؛ وذلك بعد نشوب الأزمة الخليجية، في 5 يونيو 2017؛ على إثر قطع كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، بدعوى "دعمها للإرهاب"، والذي تنفيه الدوحة.

اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية، رفعت في يوليو 2018، شكوى إلى المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعنيِّ بحرية الدين والعقيدة، بشأن التضييقات السعودية على حجاجها ومعتمريها.

وأبدت قطر قلقها الشديد "إزاء تسييس الشعائر الدينية، واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، في انتهاك صارخ لجميع المواثيق والأعراف الدولية، التي تنص على حرية ممارسة الشعائر الدينية"، حسبما جاء في بيان لها.

وأوضحت اللجنة أن "المملكة العربية السعودية، منذ بدء الحصار في الخامس من يونيو الماضي، اتخذت حزمة من الإجراءات والتدابير، من شأنها إعاقة سفر المواطنين القطريين لأداء شعائر الحج والعمرة".

حول هذه التعامل من قبل السلطات السعودية، يقول الشيخ محمد الحسن ولد الددو، إن مثل هذه المضايقات لزوار بيت الله لم تُعرف في السابق "سوى في أواخر الدولة العثمانية كانت توجد بعض المضايقات للحجاج والمعتمرين لكنها لم تكن بشكل رسمي" من قبل الدولة العثمانية، بحسب تأكيده.