دعوة » مواقف

هل الجنسية شرط للإمامة؟.. سعوديون يرفضون الأئمّة الأجانب!

في 2018/06/08

عكاظ السعودية-

عدد من الشروط التي ذُكرت في كتب الفقه الإسلامي يُسمح لمن توفّرت فيه أن يكون إماماً يؤمّ المسلمين في الصلاة، لكن في السعودية لا يمكن لمن يتمتّع بجميع هذه الشروط أن يؤمّ المصلّين إن لم يكن سعودياً!

والسَّعودَة في المملكة تُفَضّل على ما سواها، في تمييز واضح تتبنّاه المؤسسة الدينية التي يفترض بها الالتزام بنصوص الفقه الإسلامي، وفي أقلّها المساواة بين المسلمين، وأن لا فرق بين جنسية وأخرى.

وتضع الجهات المسؤولة في المملكة قوانين صارمة تصل إلى معاقبة من يخالفها في حال وجدت غير سعودي يؤمّ مصلين في مسجد ما، مهما كانت الأسباب.

تلك القوانين بدا واضحاً تطبّع السعوديين عليها، وهو ما جعلهم يبدون امتعاضهم من تولّي غير سعوديين الإمامة في صلاة التراويح بشهر رمضان الجاري.

عنوان خبر نُشر في صحيفة "عكاظ" السعودية، الاثنين 4 يونيو 2018، كان مثيراً للانتباه، جاء فيه: "روّاد مساجد يمتعضون من توكيل الرسميين لأئمّة أجانب".

ونقلت الصحيفة في خبرها آراء مواطنين مؤكّدة أنهم ممتعضون من تولّي غير سعوديين الإمامة في المساجد التي يرتادونها بشهر رمضان للصلاة، خاصة في صلاة التراويح.

وأشاروا إلى أن الأئمّة غير السعوديين يتولّون الإمامة باتفاق مع أئمة المساجد السعوديين؛ حيث يفضّل هؤلاء مغادرة مساجدهم للتفرّغ للعبادة في مكة وأداء العمرة خلال شهر رمضان.

وباستمرار تُصدر الجهات الرسمية المختصّة في المملكة قرارات تشدّد من خلالها على الأئمّة السعوديين عدم إنابة غير السعوديين في الإمامة مهما كانت الأسباب، بل تعدّى الأمر إلى عدم إنابة غير السعودي في الأذان وخدمات المساجد أيضاً.

وفي بحث بسيط داخل الشبكة الإلكترونية أجراه "الخليج أونلاين" يتبيّن أن الجهات المسؤولة أصدرت العديد من هذه القرارات؛ ففي نوفمبر 2009، نشرت صحيفة "الرياض" المحلية خبراً حمل عنوان: "الأوقاف تمنع الأئمّة والمؤذّنين من إنابة غير السعودي".

وجاء في الخبر أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد شدّدت في تعميم لها وجّهته لخطباء وأئمّة ومؤذّني المساجد على "عدم إنابة غير السعودي في الإمامة أو الأذان مهما كانت الأسباب، مؤكّدة عدم التغيّب إلا في حدود ضيقة وللضرورة القصوى بعد تأمين من يقوم بعمله من السعوديين وموافقة الفرع على ذلك".

وأضافت الوزارة أنها "دعت مراقبي المساجد إلى متابعة كل من يخالف التعليمات للقضاء على هذه الظاهرة"، وحذّرت المراقبين في حالة تقصيرهم وتساهلهم في المتابعة من تعرّضهم للمحاسبة.

- عقوبات مغلّظة للمخالفين

في أبريل 2013، ذكرت صحيفة سبق الإلكترونية، وهي واحدة من الصحف المهمة بالمملكة، تشديد وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بمنطقة مكة المكرمة على عدم تولّي غير السعوديين إمامة أي مسجد أو رفع الأذان.

وفي خبر حمل عنوان: "أوقاف مكة تكثّف جولاتها ضد الأئمّة والمؤذّنين غير السعوديين"، أوضحت الصحيفة أن فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بمنطقة مكة المكرمة كشف "عن بدء جولات ميدانية مكثّفة على مساجد المنطقة عامة، والعاصمة المقدّسة خاصة؛ للتأكّد من عدم وجود أئمّة ومؤذّنين من غير السعوديين؛ وهو ما ترفضه الوزارة بأي حال من الأحوال، وتطبّق عقوبات مغلّظة على مرتكبيه".

وأكّد مدير عام الفرع، الشيخ عبد الله الناصر، في تصريح لـ "سبق" تطبيق عقوبات مغلّظة على من يخالف التعليمات، في ظل حرص إدارته على المتابعة المستمرة للجوامع والمُصليات عبر فرق ميدانية مُكثفة، تهدف إلى معالجة الأخطاء التي قد تشهدها بعض المساجد، أو التي تصدر من بعض أئمتها وخطبائها ومؤذّنيها.

وذكر أن أعضاء الفرق الميدانية لديهم كل الصلاحيات في اتخاذ القرار، وتطبيق العقوبات النظامية بحق المخالفين، والرفع الفوري لإكمال الإجراءات اللازمة بحقهم.

ورداً على سؤال عن رغبة فرع وزارة الشؤون الإسلامية في الاستفادة من أبناء الجالية البرماوية لإمامة المصلين في المساجد، بعد احتساب وزارة العمل وزنيتهم بربع نقطة في برنامج نطاقات، قال الناصر: "إن تعليمات الشؤون الإسلامية واضحة وصريحة بخصوص دور العبادات، ولا علاقة لها بالقرارات الأُخرى، حيث تعمل كل وزارة بما يتوافق مع مهامها ومسؤولياتها. أما ما خصّصته وزارة العمل من الربع نقطة لأبناء الجالية البرماوية فقد يُستفاد منه في سوق الأعمال الأُخرى".

وأردف: "في حال ضبط غير السعوديين يمتهنون الإمامة، أو رفع الأذان بالجوامع ودور العبادة الأخرى، ستعتبر مخالفة تُطبّق بحق مرتكبها العقوبات المنصوص عليها بصرامة".

وتشير المادة الثالثة من نظام الأئمة والمؤذّنين وخدم المساجد المتّبع في السعودية إلى أن يكون كل من الأئمة والمؤذّنين والعاملين في المساجد سعوديين.

ونظراً لظروف خاصة، يُكلِّف أئمّة ومؤذّنون وعاملون في المساجد غيرَ سعوديين بأداء مهامهم بشكل مؤقت، وهو ما يُجبر الجهات الرسمية على تشديد لهجتها بين فترة وأخرى على من أُنيط بهم مهام إدارة المساجد.

ففي مايو 2013، شدّدت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد على أئمّة المساجد والمؤذّنين السعوديين عدم تكليف العمالة الوافدة برفع الأذان وإمامة المصلين، معتبرة ذلك مخالفاً للنظام، ويعرّض المتجاوزين لعقوبات تصل إلى الفصل والإبعاد عن العمل في المساجد، بحسب ما ذكرت صحيفة "الوئام" المحلية.

ويأتي هذا الإجراء في إطار سَعودَة جميع الوظائف في المملكة بما يشمل إمامة الصلاة ورفع الأذان بالمساجد.

وأشارت الوزارة إلى أن عدداً من الجزاءات تنتظر الأئمّة والمؤذنين الذين يكلّفون الأجانب العاملين في المساجد؛ بداية بالإنذار واللوم ومروراً بالخصم من المكافأة والفصل.

- "السَّعودّة" من شروط الإمامة!

وتحاول المملكة في إطار سعيها لتجاوز عقبات التراجع في أسعار النفط والخسائر الكبيرة التي مُنيت بها من جراء هذا التراجع، وللقضاء على البطالة، إبدال العمالة الوافدة بأخرى محلية، وهو ما أدّى إلى الاستغناء عن عدد كبير من الخبرات والكفاءات الأجنبية، مطلقة على هذا الإجراء بـ "السَّعودَة"، في تعبير عن إشغال الوظائف من قبل سعوديين.

لكن "سَعودَة" الإمامة والأذان وخدمة المساجد في البلد الذي يحتوي أقدس مقدسات المسلمين يخالف ما جاءت به الشريعة الإسلامية.

فالشروط التي يجب توفّرها فيمن يتولّى إمامة المصلين، بحسب ما جاء في الفقه الإسلامي؛ أن يكون الإمام مسلماً، وذَكَراً في حال كان في المصلين ذكوراً. وأيضاً أن يكون عاقلاً، وبالغاً، وألا يكون متّبعاً للبدع المكفرّة، وأن يكون على طهارة، وأن يستطيع تلاوة سورة الفاتحة وكل ما تصحّ به الصلاة، وأن يستطيع الإتيان بأركان الصلاة، وأن يكون سليماً من الأعذار الصحية.

وفي كل الشروط التي فرضتها الشريعة الإسلامية لمن يؤمّ المصلين لم يرد ذكر جنسيّة الإمام، أو قومه، أو لونه، التي ابتدعتها السعودية حين فرضت سَعودَة الإمامة!