دعوة » مواقف

الحوالي بين الذكاء والنبوة

في 2018/07/19

عزة السبيعي- الوطن السعودية-

هناك معلومة يتداولها البسطاء، تقول: إن هنري كسينجر أشار إلى الشيخ سفر الحوالي في مذكراته، ولقد حاولت أن أجد أي إشارة إليه، ولكن لم أجد.
على كل حال، المعلومة نفسها ستجدها تستخدم عند الثناء على سلمان العودة أيضا، ولا أظن كسينجر يعرف عنهما أو عنها شيئا.
لا أعرف من أطلق هذه الكذبة، لكنه -ولا شك- يؤمن أن الغايات تبرر الوسائل، مثل الحوالي تماما الذي استخدم آية قرآنية يوما، وجّهها موسى عليه السلام إلى فرعون، ليبدو كأنها رسالته، ليبدو كأنه موسى ونحن الفراعنة.
فالآية الكريمة: «فستذكرون ما أقول لكم، وأفوض أمري إلى الله، إن الله بصير بالعباد، فوقاه الله سيئات ما مكروا، وحاق بآل فرعون سوء العذاب»، (سورة غافر)
جاءت في سياق حديث طويل بين موسى عليه السلام وفرعون، لذا فمهما كانت غاية الحوالي فلا مبرر له باستخدام عنوان كهذا، فلا هو نبي ولا نحن كفار.
عموما، هذا الأسلوب استخدمه حسن البنا، وعلّمه تلاميذه، فقد كان يكاتب رؤساء الدول الإسلامية وملوكها بصيغ مأخوذة من رسائله -صلى الله عليه وسلم- إلى كسرى وقيصر، ولقد أشار إلى ذلك أحمد دلول في كتابه عن الإخوان.
وقد يثير دهشتك عزيزي القارئ، أن لا أحد من أنصار الشريط تساءل عن شرعية هذا الفعل، ومدى قبوله من الله عز وجل، ونحن المسلمون حكاما وشعبا نواجه هذا السيل من الخطاب الديموغاجي التخويفي المتحذلق، المبدوء بتنزيه النفس والمختوم بتكفيرنا.
إنه العقل الذي عبث به الحركيون، وعلى رأسهم الحوالي، واستخدموا الخوف المبني على منطق فاشل، ورصد خاسر، لتجييش الناس ضد حكومات وسياسات ملك بارع، مثل الملك فهد، وشيوخ مثل ابن باز، رحمهم الله.
لكن الزمن كشف ضعف عقل الحوالي، فكل ما وضعه في الشريط من تنبؤات فشلت، فأميركا خرجت من بلادنا، ولم يبق جندي أميركي، واستعدنا الكويت، واندحر صدام، وبقيت المساجد عامرة، والناس تصوم وتصلي وتخشى الله، لكنهم لا يَعدُّون أنفسهم أنبياء ولا ملائكة، وتلك مشكلتنا الكبرى مع ذكاء وفكر الشيخ سفر الحوالي.