الخليج أونلاين-
بسبب قرارات وخطوات تثير الاستغراب، توصف السعودية باستمرار من قبل دول مختلفة بأنها تستغلّ الشعائر الدينية لغرض السياسة.
آخر ما بدر من السعودية ما تناقله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الخميس 19 يوليو الجاري، وكان مقطع فيديو يُظهر استقبال الدفعة الأولى من الحجاج الإيرانيين في السعودية بالورد، وتضمّ 270 حاجاً.
ووصلت دفعة الحجّاج الإيرانيين إلى المدينة المنوّرة قادمة من مطار الخميني الدولي، رغم استمرار التوتّر في علاقات البلدين.
عبر مطار #المدينة_المنورة.. استقبال أول دفعة من الحجاج الإيرانيين بالورود
— مجتمعنا (@KSASociety) July 18, 2018
، pic.twitter.com/fHvVh74b2H
وشهدت العلاقات بين السعودية وإيران أزمة حادّة؛ عقب إعلان الرياض، في 3 يناير 2016، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران؛ على خلفيّة الاعتداءات التي تعرّضت لها سفارتها بطهران، وقنصليّتها بمدينة مشهد شمالي إيران، وإضرام النار فيهما؛ احتجاجاً على إعدام السعودي (الشيعي) نمر النمر، مع 46 مداناً بالانتماء إلى "تنظيمات إرهابية".
وأيضاً يخيّم التوتّر على العلاقات بين البلدين بسبب عدد من الملفّات؛ أبرزها الملف النووي الإيراني، الذي ترى الرياض أنه يهدّد أمن المنطقة، والملفان اليمني والسوري؛ حيث تتهم المملكة إيران بدعم نظام بشار الأسد بسوريا، ومسلّحي "الحوثي" باليمن.
ولم توفد إيران حجّاجها إلى السعودية في موسم حج 2016، وسط اتهامات متبادلة بالتعنّت في المفاوضات المتعلّقة بترتيبات الحج بين البلدين.
ومؤخراً اتّفقت الرياض وطهران على نقل الحجاج جواً من إيران إلى السعودية مباشرة، وإصدار التأشيرات داخل إيران لا عبر دولة ثالثة، إضافة إلى إرسال بعثة دبلوماسية مؤقتة للإشراف على الحجيج الإيرانيين، في حين تعهّدت طهران بالتزام حجاجها بالقوانين السعودية.
وفي وقت سابق قال رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية، حميد محمدي، إن 86 ألف إيراني سيؤدّون فريضة الحج هذا العام.
وبعيداً عن الحجاج الإيرانيين، وقريباً من اتهامات استغلال الرياض للحج، قالت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين، ومقرّها العاصمة الإندونيسية جاكرتا، في بيان نشرته على موقعها الرسمي، في 7 يوليو الجاري، إن السعودية "تستغلّ مكرمات الحج والعمرة في تعزيز مواقفها، بحيث تمنحها لمن يدعمها وتحظرها عن معارضيها".
وجاء استهجان الهيئة كردٍّ على واقعة منح السفارة السعودية الفرصة لشابّ تونسي ووالدته لتأدية فريضة الحج على خلفيّة نشره تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي تمدح المنتخب السعودي لكرة القدم.
وأكّدت الهيئة الدولية أن توزيع المكرمات بناءً على تشجيع ودعم منتخب السعودية لكرة القدم "يمثّل نموذجاً حيّاً في استغلال الرياض شعائر الحج والعمرة، ومنح الدول والأفراد بناءً على مواقف سياسية".
وقالت إنها تسعى بذلك إلى "شراء ذمم السياسيين والإعلاميين المسلمين عن طريق إعطائهم تأشيرات بالمجان وبشكل غير قانوني؛ للوقوف إلى جانب الإدارة السعودية في قراراتها السياسية".
ولفتت الهيئة الانتباه إلى أن السعودية تستخدم الشعائر الإسلامية، خاصة الحج، كورقة سياسية للضغط على عدة حكومات "لابتزازها"، مثلما حصل مع عدة دول، خاصة من قارة أفريقيا، ومع شخصيات معروفة بمعارضتها لسلطات المملكة.
وسبق أن رصدت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين، في فبراير الماضي، مراسلات سعودية رسمية مسرّبة تُظهر أن سفير الرياض يوزّع يومياً العديد من التأشيرات المجانية على الإعلاميين والسياسيين المؤيّدين لبلاده.
وكشف بيان الهيئة أن السعودية منحت كل سفير لها في الخارج 3 آلاف تأشيرة لاستخدامها تحت بند "المجاملة والاستغلال السياسي".
وأكّدت أن "فشل السعودية الذريع في إدارة الحج يستلزم وقفة وصحوة إسلامية حقيقية، تعمل على نصح وإرشاد المملكة بكيفية تطوير أدائها بما يخدم ملايين المسلمين الذين يقصدون الشعائر الإسلامية".
و"الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين" تأسّست مطلع 2018؛ بهدف الضغط لضمان إدارة الرياض بشكل جيد للحرمين، والحفاظ على المواقع التاريخية الإسلامية، وعدم تسييس مشاعر الحج والعمرة.
- تضييق على الحجاج القطريين
وللعام الثاني على التوالي، يبدو أن الحجاج القطريين سيواجهون إجراءات مشدّدة من قبل السعودية؛ بسبب الأزمة الخليجية التي عصفت بالمنطقة.
وفي 5 يونيو 2017، فرض كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصاراً على قطر؛ بدعوى "دعمها للإرهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة.
على أثر ذلك شهد الحجّاج القطريون، العام الماضي، للمرة الأولى، موسم حجّ صعباً.
ومؤخراً رفعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان (قطرية) شكوى إلى المقرّر الخاص بالأمم المتحدة المعنيِّ بحرية الدين والعقيدة؛ بشأن التضييقات السعودية على حجاجها ومعتمريها.
وأبدت قطر قلقها الشديد "إزاء تسييس الشعائر الدينية واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، في انتهاك صارخ لجميع المواثيق والأعراف الدولية التي تنصّ على حرية ممارسة الشعائر الدينية"، حسبما جاء في بيان لها.
وأوضحت اللجنة أن "المملكة العربية السعودية منذ بدء الحصار، في الخامس من يونيو الماضي، اتّخذت حزمة من الإجراءات والتدابير من شأنها إعاقة سفر المواطنين القطريين لأداء شعائر الحج والعمرة".
عن هذا التعامل من قِبل السلطات السعودية يقول الشيخ محمد الحسن ولد الددو، أبرز علماء الدين في موريتانيا، إن الرياض تخالف تعاليم الدين الإسلامي بوضع عراقيل أمام ضيوف الرحمن، بحسب رأيه.
وأشار في حديث تلفزيوني سابق حول "استغلال السعودية للحجّ" إلى أن مثل هذه المضايقات لزوار بيت الله لم تُعرف في السابق، "سوى في أواخر الدولة العثمانية كانت توجد بعض المضايقات للحجاج والمعتمرين، لكنها لم تكن بشكل رسمي" من قِبل الدولة العثمانية.
ومطلع يوليو الجاري، شدّدت السعودية من إجراءاتها على سفر الحجاج القطريين إلى الديار المقدسة، وأكّدت مواصلتها منع الطائرات القطرية لنقل الحجاج، في إصرار واضح على تسييس الحج.
وبحسب ما ذكرت صحيفة الشرق القطرية في وقت سابق، فإن لجنة المطالبة بالتعويضات ما زالت تستقبل مراجعين يسألون عن مصير طلبات تضرّر تقدّموا بها منذ رمضان قبل الماضي.
وتفيد طلبات التضرّر بحرمانهم من أداء عمرة رمضان قبل الماضي بعد أن دفعوا قيمة تذاكر السفر وإقامات فنادق الحرم وقيمة التنقّل، سدّدوها كاملة لأصحاب حملات قطرية؛ لكونهم لم يسافروا إلى مكة المكرمة لأداء العمرة.
وفي الوقت ذاته لم يتمكّن أصحاب الحملات من إرجاع ما دفعه المعتمرون من قيمة حجوزات مع شركات سعودية وسيطة ممن يتعاملون معها لخدمة ضيوف بيت الله الحرام.
المشكلة أن حملات سعودية وشركات بعينها تُدير خدمات فنادق الحرم، وأصحاب حافلات، رفضوا إرجاع قيمة ما دفعه معتمرو قطر من حجوزات مسبقة، فلم يكن أمامهم سوى لجنة المطالبة بالتعويضات لحفظ حقوقهم المالية والقانونية، وإيجاد حلول مناسبة لاسترجاع قيمة حجوزات الحافلات والفنادق التي تم حجزها للمعتمرين.
جملة طلبات التضرّر وصلت إلى 163 انتهاكاً للحق في ممارسة الشعائر الدينية رصدتها لجنة المطالبة بالتعويضات، وجميعها مشفوعة بالوثائق والأدلّة؛ من حجوزات فنادق ومواصلات داخلية في مكة المكرمة، وتذاكر سفر لم يستطع أصحابها السفر أصلاً من الدوحة.
أصحاب الحملات القطرية يعانون الأمرَّين من جراء توقّف أعمالهم منذ فرض الحصار، وتكبّدهم تسوية أموال المعتمرين التي سدّدوها للشركات السعودية ولم يسترجعوها حتى الآن، وبعضهم غرق في الديون والقروض من أجل أن يحافظ على سمعة حملته، فتحمّل سداد كافة النفقات.
وقدّر أصحاب حملات خساراتهم موسم الحج قبل الماضي بنحو 100 مليون ريال تقريباً، موزّعة على 40 شركة قطرية، وتمتلك وثائق متكاملة بخسائرها من الألف إلى الياء.
وأكّد أصحاب الحملات القطرية قيام السعودية بتسييس الحج؛ لأنها حرمت الحجاج القطريين من أداء المناسك، لرفضها التواصل مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والبعثة الرسمية القطرية التي لا يمكن للحملات أو الحجاج السفر بدون رعايتهم.