أحمد الحناكي- الحياة السعودية-
تناقشت وأصدقاء طويلا في ما يسمى زواج «المسيار» الذي أرى أنه عاد وبقوة للسعودية لأسباب كثيرة منها أن كثيرين يريدون الزواج ولا يستطيعون بسبب التكاليف الباهظة وهذه حلها الزواج المسيار.
آخرين لا يريدون لزوجاتهم أن يعلمن بأنهم متزوجون من امرأة أخرى وهذا ما تقبله نساء المسيار، وثالث يريد أن يتزوج كلما رغب ثم يطلق وقت ما يشاء وهذا لم يحرمه المسيار ناهيك عن أن هناك من لا يريد أن يتزوج من عائلة معينة، أيضا سيدات يبحثن عن الزواج المسيار وإن كان أقل بكثير لأسباب كثيرة، أهمها الخجل من أنها هي من تبحث عن الزوج فيما اعتاد مجتمعنا ولربما معظم دول العالم أن الرجل هو من يبادر.
أتذكر قبل أكثر من 24 عاما كان هناك جدل حول زواج المسيار في الصحف حول شرعيته، وإن لم تخنّي الذاكرة فقد كتب محمد آل الشيخ مقالة يرى فيها أنه زواج صحيح ورد عليه الكاتب سعد الدوسري، وأيضا رضا لاري رحمه الله كتب مؤمناً بصحته في جريدة الشرق الأوسط ورددت عليه في صفحة القراء ذلك الوقت.
عودة للمسيار فما أراه أنه يمتهن المرأة من جهة ومن جهة أخرى هو عدم وفاء للزوجة الاولى إن وجدت (عادة يكون الزوج متزوجا)، كما أن شروط الزواج الصحيح لا تنطبق عليه ولا ننسى أن الزوجة الأولى أساسا لا تعلم بالزواج، وفكرة المسيار برمتها قائمة على السرية وعدم الإشهار.
دعونا نناقش ما يحدث في المسيار؛ فالزوج في معظم الأحيان يكون كبيراً في السن ويتزوج في أغلب الأحوال صغيرة في السن مستغلا وضعها البائس، فلا أحد يزوج ابنته لكبير في السن إلا إن كان محتدا أو صاحب حاجة.
معظم من يتزوج مسيارا يشترط عليها ألا تحمل أو تنجب وإلا لطلقها، وهو تعسف آخر وظلم للمرأة، فالشرط هذا يوحي بنية عدم الاستمرار بالزواج، بل إنه أقرب إلى متعة موقتة، وبصراحة لا أحد يقبله على نفسه أو قريباته فكيف يعمله البعض؟ بل إن هؤلاء البعض يعملونه لأنفسهم ويرفضونه لقريباتهم في منتهى الأنانية والقسوة.
طبعا هناك من يخدع نفسه بالقول أنه بدلا من أن يضايق زوجته الأولى، وهي عادة أم أولاده، فإنه يلجأ للمسيار بحيث يتزوجها موقتا ويطلقها متى ما رغب، متناسيا أنه بذلك خدع زوجته الأولى وأهان الثانية.
يجب ألا نعتمد على موافقة الفتاة أو ولي أمرها؛ فقبولهم للأمر حتى لو كان لأسباب قاهرة لا يعفي الرجل من استغلاله للأمر برمته، فالحلال لا يعطي الحق بالزواج كل يوم.
الظروف تغيرت زمانا ومكانا، وما كان مقبولا قبل 20 عاما لم يعد مقبولا اليوم، وزواج المسيار برأيي يتنافى ومفهوم تقدير المرأة واحترامها، أما محاولة التركيز على أنه حلال فإنه يقودنا إلى التبرير لكل شيء آخر حلال، لكنه يظل مستهجنا ويندر أن يعمل أيامنا هذه كتعدد الزوجات والطلاق من دون سبب مقنع.
من المؤكد أن هناك الكثير المتوقع من التغييرات في ما يخص المرأة، وأملنا كبير بخادم الحرمين وولي عهده الذين بدأوا بنهضة شاملة ستنعكس على الوطن عموما والمرأة بشكل خاص. وعلى العموم ليس المسيار مشكلة المرأة الوحيدة، فها هي تطالب بنزع الولاية ومبرراتها جدا منطقية، فلا ننسى أن عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يختلف جدا عن عصرنا هذا، وأساسا أحدث نبينا العظيم برسالته السماوية نقلة جبارة للمرأة بعد العصر الجاهلي الذي كانت فيه مهانة ذليلة إذ وصل بها الحال إلى أن البعض كان يدفنها وهي تنبض بالحياة خوفا من العار.