د. محمد عبدالله العوين- الجزيرة السعودية-
في عام 1981م صدر كتاب «وجاء دور المجوس» لمؤلف لم يستطع الإفصاح عن اسمه في طبعاته الأولى خوفا على نفسه؛ فانتحل له اسم «دكتور عبد الله محمد الغريب» وطبع منه عدة طبعات في سنوات متتالية أكثر من مائة ألف نسخة، وبعد مضي ست سنوات على صدور الطبعة الأولى وانكشاف أهداف الثورة الخمينية المشؤومة امتلك مؤلفه الشجاعة وأعلن عن اسمه الحقيقي «محمد سرور زين العابدين» وينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين السورية، الذي قادني إلى هذا الحديث عن هذا الكتاب المهم هو تشابه الأدوار في بداياتها ونهاياتها بين نشأة جماعة الإخوان المسلمين 1928م الأطوار التي مرت بها بين الظهور والتخفي والبراجماتية واستخدام العنف ثم الانتحار بتحقيق الحلم؛ وهو الوصول إلى كرسي حكم مصر، ثم الانتقام من الفشل باللجوء إلى الإرهاب بواسطة الجماعات المسلحة في سيناء وليبيا واليمن وسوريا والعراق والأردن والسعودية؛ ولكن الله حمى بلادنا من إرهاب الجماعة بالصرامة والحزم والقوة في ملاحقتهم وتدميرهم، والتلاقي بين الجماعة والخميني أنهما يتشابهان في النشأة ويكادان يتطابقان في النهاية؛ فكما فشلت الجماعة سياسيا توشك حركة الخميني على السقوط المدوي؛ فقد اقترب دور الصفويين من نهايته يعد أن بلغ أوجه في الطغيان على الشعوب الإيرانية والأمة العربية، كالفراشة تعلن عن نهايتها حينما تتراقص بنشوة حول النار التي ستحرقها؛ ذلك هو الفكر الصفوي الذي أعلن عن أحقاده الدفينة على العرب وتآمر مع الغرب وتواطأ مع الصهيونية وأعلن عداوة كاذبة في الظاهر وودا في الباطن، كما كشفت الوثائق، وعهد كارتر خير شاهد على إسقاط الشاه محمد رضا بهلوي عن طريق الجنرال «هويزر» أكدت ذلك لاحقا فضيحة «إيران جيت» أو «إيران كونترا» في عهد ريغان الذي مد الخميني بالسلاح بالتنسيق مع الدولة الصهيونية.
تشابهت البدايات بين الخميني والجماعة، وتتشابه الآن النهايات، ولئن سبق الإخوان الصفويين في الفشل الذريع في إقامة «الخلافة» المزعومة؛ فإن دور سقوط المجوس قريب بإذن الله.
ليس لإخواني مأثرة فكرية يحمد عليها؛ لأنه لن يدع مأثرته خلوا من لوثة أفكار الجماعة التي لا ترى من يستحق الوجود والتأثير والفضل والصلاح والقيادة غيرها؛ ولا زلت أعجب كيف شفي من اللوثة التي لا يشفى منها أحد تلبسته فأعلن عداءه للخميني وأنكر بيانات الجماعة التي أيدته، وسخر من شعر «يوسف العظم» وأناشيده الممجدة لما يسميه «ثورة إسلامية» وهذه منقبة وحيدة تحسب لمحمد سرور الذي يوصف بأنه يطعم أفكاره بما يراه مناسبا من الاتجاه السلفي، إما رغبة في الاحتماء بالسلفية والرغبة في نصرتها له ولجوئه إليها وقت الحاجة، أو أنه يرى ألا تصادم بين الاتجاهين في بعض الأفكار، ولعل سعيه إلى الجمع بين ما يرى أنها نقاط التقاء يسر له الإقامة في إحدى مدن المملكة للتدريس بأحد معاهدها، ونتج عن إقامته تلك السنوات بعد طبع هذا الكتاب والأثر الحسن الذي أحدثه أن تخرج على يديه جيل من أشد الغلاة المندفعين إلى فكر الإخوان والمنافحين عنه، وعلى رأسهم «سلمان العودة» الطالب النجيب في مدرسة سرور.
موقفه من الخميني حسنة واحدة تحسب له؛ لكن يفسدها الأثر السيئ الذي أحدثه وجود رموز إخوانية هاربة مطاردة استضافتهم بلادنا بكرم وحسن نية وحماية من جور أنظمة مستبدة فما حفظوا العهد ولا رعوا الذمة؛ بل أنشؤوا في بلادنا جماعات وربوا لهم مريدين تبنوا أفكارهم الثورية الهادفة إلى زعزعة أنظمة الحكم وإثارة الفوضى وإعادة صياغة المجتمعات كما يريدون. يتبع..