د. محمد عبدالله العوين- الجزيرة-
لم أجد تعليلاً لانحراف محمد سرور عن فكر الجماعة المؤيد لثورة الخميني، ويعد موقفه هذا نادرًا في خط الجماعة المندفعة نحو ثورة الخميني والممجدة لها، المقبلة يد مرشدها، الجاثية أمامه بخضوع وخشوع؛ ربما لأنها تنظر إلى حركة الخميني على أنها نشأت بعد أن استلهمت فكر الإخوان المسلمين؛ فهي - في نظرهم - ثورة «إسلامية»، أو كما يسمونها «حركة إسلامية»، ويضربون صفحًا عن تاريخ الصفويين الدموي القبيح الذين يحتقرون العرب، وينظرون إلى السُّنة على أنهم ألد أعدائهم. وتتجاهل الجماعة أيضًا انحرافهم عن العقيدة السليمة والخرافات التي يؤمنون بها ومبدأ «ولاية الفقيه».
لم أجد إجابة مقنعة عن تخلي محمد سرور عن حزبيته في موقفه من الخميني على الرغم من اعتناقه مبادئ الجماعة، وتشبعه بها، وسعيه إلى نشرها عن طريق ما أسماه بـ»الدعوة» تجوالاً باسم منتحل هو «محمد النايف» في عدد من المدن العربية، ومنها مدن المغرب العربي كما أشار في مقدمة الطبعة العاشرة، ولاحقًا في دول الخليج العربي.
ومما يؤكد التشابه بين الإخوان والصفويين تلاقيهما في مفهوم «الأمة»؛ فكلاهما يصدر ثورته لتعم وتشمل. وتطابق لقبي الإمام والمرشد، وتقارب أساليب العمل الحزبي للوصول إلى النتائج المرجوة.
وجد الصفويون ضالتهم في الجماعة بعد أن أعلنت نفسها عام 1928م كحركة وعي إسلامي جديد - كما تزعم - ووضع لها مؤسسها «حسن البنا» الأهداف والمنطلقات وطريق التكوين والنشأة من خلال رسائله، وكتابه «مذكرات الدعوة والداعية» الذي يخط فيه تاريخ الجماعة ونظامها العام، وما أسماه بـ»الجهاد» لإعادة «الخلافة» من خلال توحيد شتات «الأمة» - حسب رأيه - دون النظر إلى الأقطار أو البلدان أو الحدود الجغرافية أو الأعراق أو الشعوب أو اللغات، وتكوين نشء جديد معبأ بأيديولوجيا الجماعة، وممتلئ بأفكارها، معلن ولاءه الوحيد لها، ومبايع مرشدها على الموت فداء وتضحية، متبع أساليب الخفاء أو الظهور حسب الحاجة. رأى الخمينيون أنفسهم في فكر الجماعة، وأخذوا بخطتها للنجاة من تسلط النظام البهلوي عليهم. وأكدت الوثائق والصور لقاءات رموز «ولاية الفقيه» برموز الإخوان كما هو لقاء سيد قطب بمجتبى نواب صفوي المقرب من الخميني عام 1953م. وجدوا ضالتهم المنشودة في اتجاه الجماعة؛ فهم يتطابقون معهم في إظهار الاتفاق مع إخفاء الانشقاق، وتوظيف ما يناسب من الإسلام للتلاعب بالعواطف، واستمالة الغوغاء.
نرى اتفاق الصفويين الجدد مع الإخوان بيِّنًا بعد ثورة الخميني، وذلك في الإشادة برموز الجماعة، ونشر الدعاية لكتبهم وصورهم في الشوارع ووسائل الإعلام، وتهافت ومديح الإخوان للثورة الخمينية بدءًا بإخوان مصر، وليس انتهاء بحماس في غزة أو النهضة في تونس أو القرضاوي في قطر.
انتهى دور الجماعة الآن بعد فشلها في مصر وتونس، وضربها في السعودية والإمارات، وتصنيفها بالجماعة الإرهابية، وأوشك دور المجوس على الأفول قريبًا - بإذن الله - في إيران.