بينة الملحم- الرياض السعودية-
كان من أهم انعكاسات سياسة عهد الحزم والعزم في إعادة استقرار المنطقة هو القضاء على آخر أحلام اليائسين من إحداث الخراب والفوضى، بإشعال فتيل الثورات في المملكة والخليج كما حصل في بعض دول الربيع (الدم) العربي زعماً، ومحاكمة رؤوس الفتنة من دعاة السياسة والثورات والدائرين في فلكهم من أدوات.
ومنذ اندلاع أولى شرارات ثورات دول الربيع العربي، وقد كتبنا في هذه الزاوية مقالات عديدة محذّرةً من تلك الرومانسية العجيبة لما سُمّي بـ»الربيع العربي» من ناحية سقوط الأنظمة على أيدي الشعوب، والتي كان يروّج لها بعض رموز الفتن والفساد من دعاة تلك الثورات، والمبشرين بالتغيير وقدوم الخلافة، وكانوا لا يتورعون عن الإفصاح بأمانيّهم حقيقة وصراحة بجذب الاضطرابات والتوترات وإحداث الفوضى إلى المملكة، بكل ما كان لديهم من حيل انطلت على البعض وتمكنوا من خلالها من تجنيد عدد من الشباب والزج بهم في ميادين الفتن والقتال، ورميهم حطباً في سبيل تحقيق مخططاتهم وتآمراتهم السياسية باسم الدين ورايات الجهاد.
فقد حاولت جماعة الإخوان من خلال رموزها استنهاض أتباعها وأنصارها للتجييش الشعبي، وكانوا يعملون على خطوط ووسائل وحيل عدّة للتحريض المجتمعي ضد الحكومة، ومحاولات تحريض الشعب ضد قيادته، ولعل الحالة المصرية بالذات بعد استيلاء الإخوان على الحكم في ذلك التوقيت تحديداً كشفت الحزبيات الكبيرة في المملكة والخليج، وأبانت عن حزبيين وحركيين صرحاء يوالون جماعة وتنظيم الإخوان الإرهابية صراحة، ويدعمونها بشكل أو بآخر. فالانتماء الأيديولوجي الضيق الذي أبانت عنه أحداث الدم (الربيع) العربي المزعوم حيث لم يكن الإخوانيّ في الخليج ينتمي بصراحة إلى هذا التنظيم، كانوا يتذرعون بالانتماء للسرورية تارة، وللتنوير الإسلامي تارة أخرى، لكن الثورات العربية محّضت التيارات وفرزتهم، فبدأ الإخوان يتكتّلون مع بعضهم البعض ويدافعون عن بعضهم على امتداد الخليج، وانكشف التعاون المادي والسياسي تبعاً للاشتراك الفكري، وبعد أن سقطت بعض الأنظمة العربية وانتُخِب الإخوان صارت الشوكة قوية بالنسبة لهم، وزالت الكثير من المسميات وأصبح المسمى الحقيقي للتيارات هو الانتماء للإخوان بوضوح وبقوة بعد أن كان الانتماء مجرد انتماء أيديولوجي خفي، لا يقوون على البوح به أو التصريح به، ولو رجعنا إلى تغريدات أولئك من دعاة الفتنة المحاكمين وكتاباتهم ومحاضراتهم وتسجيلاتهم وأنشطتهم وتحركاتهم لرأينا كيف كانوا ينفون الشرعية للأنظمة أو يعملون على تشكيك المجتمع والناس في شرعيتها، ويعملون ليل نهار على بث الفتنة والتحريض والتأجيج ضد حكامهم وأمن وطنهم ومهاجمة كل من لا يوافقهم أو يتصدّى لهم.
ورغم الاستنارة التي كان يدعيها ويُقدم من خلالها أحد أشرّ رؤوس الفتنة ويسوّق لأفكاره الثورية الإرهابية من خلالها وتغيير الفكر السائد، لكن كُشفت ستائر التمثيل عن مشاهد حقيقية قوامها التطرف والدعوة إلى العنف وتشجيع الخروج والتظاهرات..