صالح عبدالعزيز الكريّم- المدينة السعودية-
الأمر الذي يفضي ببعض البنات والأولاد حديثي النضج والبلوغ إلى أن يُعلنوا تمرّدهم على مجتمعهم وأهلهم، أو أنهم لا ينتمون للدين، وأنهم مُلحدون، أمرٌ بحاجةٍ إلى وقفة. علينا أن ندرس ما سبب هذا الأمر وما أبعاده؟، وهل هو إلحادٌ فعلاً، أم أنه مجرد عناد واستغلال من جهاتٍ معادية للوطن؟.. هذه القضية لا يصلح لمناقشتها أي أحد، ولا أن يُشارك في تقييمها مَن كانوا هم سبباً في عناد الشباب والشابات، أو هيَّأوا الأمر لاستغلالهم بطريقةٍ أو بأخرى، ذلك أن الهدف من المناقشة والتقييم هو الاقتراب من عقولهم وأفكارهم، وليس مواجهتهم كخصوم، والتوصل إلى قناعة أن ما واجههم من ظروفٍ وأفكار، قد يكون من واقع أُسري أو اجتماعي، هو الذي يجب أن يُتخذ منه موقفٌ، وليس هم.
إن المنهج الإلهي الذي جاء لهداية الناس وإرشادهم وإقامة مفاهيم الإنسانية والعدل والحق بينهم، منهج فطري، يغرس في النفوس الإيمان لا الإلحاد، لذلك حبَّذا أن يكون مركز الحوار الوطني وسيطاً في مثل هذه المفاهيم، ويُساعد مثل هؤلاء على «تعديل» عقولهم، و»عودة» قلوبهم، ليخرجوا من حالة العناد (وليس الإلحاد)، وبالتالي حمايتهم ممَّن يُريد أن يستغلهم.
إن هناك أسباباً متعددة، تُفسِّر ما يقع فيه الشابات والشباب من أمور مستهجنة منها:
١- الأسلوب الممارس في بعض الأماكن من قِبَل بعض الآباء والأمهات، وبعض الدُّعَاة، وطلبة العلم في التربية، حيث يكون منزوع اللين والرفق، كامل الشدة والقسوة.
٢- ضعف التجربة في الحياة، مع التلقِّي والدخول في أجواء مطالبات أكبر مِن سنّهم.
٣- الانفتاح الإعلامي الكامل، خاصة المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي.
٤- الجفاء بين الوالد وولده، والأم وبنتها، وعدم التقارب لمناقشة الأمور الفكرية.
٥- الشعور بالتهميش من أطرافٍ كثيرة في المجتمع.
٦- الصُّحبَة السيئة، ذات الأفكار المناوئة لمفاهيم الدين والوطنية، وطاعة ولاة الأمر.
٧- الظلم الذي تُمارَس قراراته على امرأة مُطلَّقة، أو طفل رضيع... إلخ.
٨- الوقوع بين كماشتي مُتشدِّد ومُعادٍ للدين مُتمرِّد.
٩- أصحاب الاتجاهات المناوئة للوطن، والمندسِّون تحت شعار الحرية.
١٠- تسليط الضوء على قضايا حقوقية هامشية، وتكبيرها في ذهن الناشئة من قِبَل آخرين، سواء بحُسن نية أو سوء نية، مثل المبالغة في موضوع إسقاط الولاية عن المرأة.
١١- عدم الاستقرار النفسي في العائلة، وتوهان المراهقين في أجواء غير صحية اجتماعياً.
١٢- الفراغ الروحي الذي بدأ ينهش في أوقات المراهقين، بسبب البُعد عن الدين.
إن الأمور اليوم أمام الأولاد والبنات مفتوحة على مصراعيها، وهناك مَن يستغل هذا الوضع، وهناك مَن يُخطِّط من أعداء الوطن للنيل منه ومن قيادته ووحدته وأهله، وهناك مَن يتربَّص بِنَا. لذلك فإن التوجُّه السليم هو أن تُعطَى الأمور حقها من الدراسة، فإن كل ما يخص الشباب والشابات بحاجةٍ إلى إعادة نظر، فاليوم ليس كالأمس، وغداً حتماً ليس كاليوم، ومعظم النار من مستصغر الشرر.